عندما قال (علي):
نَخَرْتك دي قرّبت ترمي التلفزيون…!!!
(1)
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#116970#post1679669
اسمه (علي)، شاب في أوائل العشرينات من العمر، يمتلك الكثير من المواهب الغريبة، ومنها أنه عندما يكذب أمامه شخص ما؛ فإنه يرى أنف ذلك الكذاب يطول ويزداد طولاً كلما تمادى في كذبه، صاحب الكذبة – طبعاً – لا يرى شيئاً من هذا ولا يحس به، ولكن (علي) يرى عملية استطالة انفه بكل وضوح.! وهذا سبب الكثير من الحرج لأمه بالذات وذلك عندما كان صغيراً، فعندما يكون في مجلس ما ويكذب أحد الجالسين، يرى (علي) أن أنف هذا الأخير يطول .. ويطول..! فينفجر ضاحكاً، فيسألون أمه:
– ولدِك ده مالو بضحك براهو .؟!!.
فترد عليهم بحرج:
– معليش ما قاصد حاجة!!
فوصفوه بـ (قلة الأدب) لأنه يضحك بلا عجب، وكادوا أن يصفوه بالجنون.
(2)
طول الأنف تتحكم فيه نوع الكذبة، إذا كانت خفيفة، يرى (علي) أن الأنف قد زاد سنتمترات قليلة، أما ذلك (الكضب) الذي يُطلق على صاحبه أنه (رمى دليبة)، فـ(علي) يرى أنف مثل هذا قد طال حتى صار كـ (العكاز).!
(3)
في ذلك اليوم حضر بعض الضيوف من أصدقاء والد (علي)، جلس معهم هو ووالده، وصاروا يتجاذبون أطراف الحديث، و(علي) يتفرس في وجوههم، وهو يرى أنوف القوم تطول وتقصر بمختلف الأحجام والمقاسات، أحد الضيوف كان (علي) يراه أطولهم أنفاً، وهذا يدل على أنه أكثرهم كذباً، ترك (علي) بقية الجماعة وركز كل اهتمامه على أنف هذا الرجل الذي كلما يطلق كذبة؛ يزداد بعدها طول أنفه عشرة سنتمترات كاملة، ومع توالي كذباته وصل طول أنفه أكثر من ثلاثة أمتار، طبعاً لا أحد يرى هذه الظاهرة سوى (علي) الذي كان كل همه ألاّ يصل أنف هذا الرجل جهاز التلفزيون، حتى لا يتسبب في رميه على الأرض- وذلك على حسب فهم (علي) طبعاً- كان ذلك الرجل الكذاب يتكلم وأنفه يقترب من شاشة التلفزيون حتى لامسها، أحس (علي) بأن كذبة أخرى وسيقع التلفزيون على الأرض، ولم يتمالك نفسه، فذهب للرجل رأساً وقال له بحدة:
– يا شِيخنا .. والله بتبالغ عديل!!!
إلتفت إليه الرجل بدهشة قائلاً:
– قلت شنو يا شاب؟!!
رد عليه (علي) بحدة أكثر:
– ياخ نخرتك دي قربت ترمي التلفزيون.
تمتم الرجل بحيرة:
– بسم الله .. يا ولد إنت ما نصيح.. كيف يعني نخرتي قربت ترمي التلفزيون؟!
هتف به على في غضب:
– أيوة .. بي كضبك الكتير ده هسع بترميوه.
ثم اندفع خارجاً تاركاً القوم في حيرة من أمرهم وكل منهم يقول في سره:
– الولد ده جن وللا شنو؟!!.
(4)
والد (علي) هو الوحيد الذي يعرف سلفاً بموهبة ابنه، ونصحه كثيراً بأنه سيرى العالم كله بأنف طويل فليتمالك نفسه حتى لا يوصف بأنه فقد عقله، لأنه لو أخبر البقية لن يصدقه أحد.
(5)
مشكلة (علي) الأساسية لا تقتصر على رؤية أنف الكذاب الطويل فحسب؛ بل يستطيع لمس الأنف والإحساس بوجوده وإمساكه ثم تقليبه بين يديه كقطعة (سجق) قبل تحميرها بلحظات، على الرغم من أن صاحب الأنف نفسه لا يحس بذلك..!! وهذا سبب لـ(علي) الكثير من الضيق، خاصة عندما يكون ماشياً في وسط السوق، حيث الازدحام والاحتكاك بالبشر، كان يرى أن أنوف الجماهير تسد عليه الطريق وتعترض مساره، مكونة أمامه غابة كثيفة من الأنوف الطويلة، حيث يصعب السير وسطها، والأكثر من هذا عندما يريد أن يركب المواصلات، فـ مع (المدافرة) لحجز مقعد في الحافلة؛ يحس بوخزات الأنوف على ظهره، هناك بعض الأنوف الطويلة اللينة، وهذه تدغدغه فقط، ولكن معها بعض الأنوف على طولها فهي صلبة كعصاة من الأبنوس، وهذه هي التي تؤلمه وتجعله لا يذهب للسوق إلاّ للضرورة.
(6)
احتار (علي) في أمر نفسه، فهو إما أن يترك الذهاب إلى الأسواق نهائياً – لأن جسمه ليس به موضع إلاّ وفيه طعنة أنف- أو أن يجد حلاً لهذه المعضلة التي نغصت عليه حياته، وعندما فكّر وقدّر؛ قرر أن يحمل معه ساطوراً حاداً ويقطع به الأنوف التي تعترض طريقه حتى يستطيع أن يمشى كبقية الناس، ولكنه أعاد النظر في هذه الفكرة فوجدها غير منطقية، ما هو رد فعل الناس عندما يرون شخصاً يقطع أشياءً وهمية بساطور حاد في وسط السوق المزدحم..؟! سيعتبرونه مجنوناً أو معتوها على أقل تقدير، هذا إن لم تقبض عليه الشرطة، و(علي) ذاته سأله نفسه ماذا إن أخطأ الساطور عن قطع أنف ما وأطاح برأس أحد السائرين.؟؟!)، لذا صمم أن يحمل معه (زردية) من ذلك النوع الذي تقطع به المسامير الصلبة، فهي صغيرة الحجم، وقوية ولا يستعصى عليها أي أنف مهما بلغت صلابته.
(7)
كان (علي) يومياً يذهب للسوق ويقطع أنوف الكذابين ويربطها في حزمة ويعود بحصيلته نهاية اليوم ويضعها في الزقاق، أصبح تقطيع الأنوف وحزمها وتخزينها هو شغله الشاغل، وهوايته المفضلة.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1679669
(8)
والدة (علي) لم تكن تدري ما يفعله ابنها، فهي تراه يأتي حاملاً على كتفه أشياء لا تراها، ويذهب بها للزقاق، وعندما تأتي خلفه لا ترى شيئاً. يوم ما سألته أثناء حمله لـ(رُبطة) أنوف:
– انت يا ولدى ده شنو البتسوي فيهو ده..؟؟!!
رد عليها بانشغال:
– قاعد أعتل في نخرين ناس كضابين.
هتفت به في وجل:
– بسم الله .. يا ولدي .. كان جنيت النوديك الفكي.. الجن ما عيب .. بتداوى.
لم يرد عليها، واستمر في مهمته السامية في تقطيع الأنوف، وكان يتمنى في حياته شيئاً واحداً؛ هو أن يرى – ولو لمرة واحدة- رجلاً أو امرأة بمقاس أنف حقيقي..!!