بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. العقيدة الاسلامية – اسماء الله الحسنى 2024 – الدرس (046-100)أ : اسم الله الباطن 1 من أسماء الله الحسنى: (الباطن): أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، وهو "الباطن" هذا الاسم ورد في قوله تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
( سورة الحديد ) وقد ورد أيضاً في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
(( وأنت الباطِنُ فليس دُونَك شيء ))
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة ] التعريف اللغوي للباطن: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ﴾
( سورة النحل الآية: 78 ) وقد أكّد علماء النفس أن هذا الطفل حينما يولد ليس عنده أية مهارة، ولا أية قدرة ﴿ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ﴾ إلا منعكساً واحداً لولاه لما عاش إنسان على سطح الأرض، إنه منعكس المص، آلية معقدة جداً تُخلق مع الجنين، فإذا وصلت إصبع الممرضة إلى شفتيه مصها، لولا هذا المنعكس لما عاش إنسان على وجه الأرض، ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ﴾ عدم الإحاطة بالله لأنه لا يعرف الله إلا الله: أيها الأخوة، والشيء الباطن المحتجب عن الأنظار.
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ ( سورة الأنعام الآية: 151 ) وبطن كل شيء ما احتجب عن النظر، لكن الله عز وجل هو "الباطن" ما معنى أن الله باطن ؟ قال: الله عز وجل محتجب عن الأبصار، والدليل قوله تعالى: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ ( سورة الأنعام الآية: 103 ) لا يًرى في الدنيا، وأي ادعاء أنه رأى الله فهو كاذب، ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ لكنه يُرى في الآخرة. ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ ( سورة القيامة ) أيها الأخوة، الله عز وجل يُرى في الآخرة، ولكن لا يدرك، أي لا يحاط به لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لأنه لا يعرف الله إلا الله، إذاً يُرى في الآخرة بدليل قوله تعالى ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ وقد ورد في بعض الآثار: أن الإنسان إذا نظر إلى وجه الله الكريم يغيب خمسين ألف عام من نشوة النظرة. أسعد إنسان على وجه الأرض من وصل إلى رضوان الله تعالى: لذلك هناك جنة، وهناك نظرة إلى وجه الله الكريم، في قوله تعالى:
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ ( سورة يونس الآية: 26 ) الحسنى هي الجنة.
﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾
( سورة الليل ) البشر على فئتين، فئة تصدق بالحسنى أي أنها مخلوقة للجنة، وفئة تكذب بالحسنى تؤمن بالدنيا فقط، الدنيا ولا شيء إلا الدنيا. فالجنة هي الحسنى، ما الذي فوق الجنة ؟ النظر إلى وجه الله الكريم، وما الذي فوق ذلك ؟ قال:
﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾
( سورة التوبة الآية: 72 ) أن تكون في الجنة هذه حسنى، وأن يُسمح أن تنظر إلى وجه الله الكريم هذه الزيادة، أما الأكبر ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ لذلك أسعد إنسان على وجه الأرض من وصل إلى رضوان الله، أن تمشي في رضوان الله، أن يكون دخلك في رضوان الله، أن يكون إنفاقك في رضوان الله، أو يكون وصلك للآخرين في رضوان الله، أن تكون قطيعتك لمن حولك في رضوان الله، أن تعطي لله، أن تمنع لله، أن ترضى لله، أن تغضب لله، أن تصل لله، أن تقطع لله، هذا من كمال الإيمان. "الباطن" المحتجب عن الأبصار و أي ادعاء لرؤية الله عز وجل هو ادعاء كاذب: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾
لا يُرى في الدنيا، وأي ادعاء لرؤيته فهو ادعاء كاذب، الحقيقة أن خصائص الجسم في الدنيا لا تسمح برؤية الله.
﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً ﴾
( سورة الأعراف الآية: 143 ) إذاً مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن يرى الإنسان ربه في الدنيا، لأن أجهزته، خصائصه، حواسه لا تحتمل أن ترى الله، لكن طبيعة الإنسان في الجنة تختلف عن طبيعته في الدنيا، في الجنة يمكن أن ترى الله ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ لكن في كلا الحالين أن تحيط بالله مستحيل، لا يعرف الله إلا الله، يعني أنت ممكن أن تصل بمركبتك إلى الساحل، ممكن، أن تخوض بهذه المركبة البحر مستحيل !. فقال بعض العلماء: عين العلم به عين الجهل به، وعين الجهل به عين العلم به لو شخص سأل رجلاً أن هذا البحر المتوسط كم لتر ؟ فإذا قال لا أدري فهو عالم، إذا قال 33 مليار و762 يكون كاذباً، أي رقم يذكر إجابة عن هذا السؤال فهو كذب، أما أي قول لا أدري فهو العلم. لذلك قال سيدنا الصديق: العجز عن إدراك الإدراك إدراك. يعني قمة العلم في الحديث عن ذات الله نقول لا أعلم، أنت في أعلى درجات العلم، إذا قلت لا أعلم.
﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾
( سورة البقرة الآية: 255 ) اختلاف نظام الدنيا عن نظام الآخرة: أيها الأخوة، الله عز وجل باطن، احتجب بذاته عن أنظار الناظرين.
عفواً في ساعة رقمية، وفي ساعة بيانية، الساعة البيانية طبيعتها تختلف اختلافاً كلياً عن الساعة الرقمية، البيانية مسننات، ونوابض، وعقارب، بنية أخرى، أما الساعة الرقمية إلكترونية، و لها نظام خاص. أنت في الدنيا لك نظام، وفي الآخرة نظام آخر، أنت في الدنيا ترى من خلال العينين، وتنقل لك الأصوات من خلال الأذنين، وتتحرك عن طريق الرجلين، وتقوم بعمل، هكذا في الدنيا، أنت في الدنيا لا تستطيع أن ترى ابنك الذي في أمريكا إلا إذا سافرت إليه، رؤية حقيقية مباشرة، إلا إذا سافرت إليه، تحتاج إلى ركوب طائرة سبع عشرة ساعة أحياناً، لكن في الآخرة: ﴿ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴾ ( سورة الصافات ) ﴿ فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴾ ( سورة الصافات ) النفس في الآخرة هي كلها أعين، كلها آذان، شعاع، كل شيء خطر في بالك تجده أمامك ﴿ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴾ ﴿ فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴾ أنت في الدنيا لا تستطيع أن ترى ابنك بنظرة وهو في أمريكا، أما في الآخرة أي شيء يخطر في بالك تجده أمامك، نظام آخر. الدنيا دار ابتلاء أساسها الكدح و الآخرة دار تشريف أساسها الإكرام: لذلك من الخطأ الكبير أن تتوهم الآخرة كالدنيا، أو أن تتوهم خصائص الإنسان في الآخرة كخصائصه في الدنيا، في الدنيا:
﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ ﴾ ( سورة الانشقاق ) من أجل أن تأكل طبقاً من الطعام، تحتاج إلى عمل ساعة، من أجل أن تركب مركبة تحتاج إلى دراسة طويلة، إلى تجارة عريضة، من أجل أن تتزوج تحتاج إلى دخل يعني الدنيا مبنية على الكدح ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ ﴾ أما الآخرة مبنية على:
﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ ﴾
( سورة ق الآية: 35 ) ﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ ( سورة الحاقة ) نظام الآخرة نظام إكرام، نظام الدنيا نظام عمل، الدنيا دار عمل، ليست دار أمل، الدنيا دار تكليف ليست دار تشريف، الدنيا دار ابتلاء ليست دار جزاء، طبيعة الدنيا شيء وطبيعة الآخرة شيء آخر، طبيعة الدنيا أساسها الكدح، طبيعة الآخرة أساسها الإكرام ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ ﴾ ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ ( سورة ق ) (( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ )) [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ] اختلاف خصائص الإنسان في الدنيا عن خصائصه في الآخرة: (( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ ))
هذا الإله العظيم الذي خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض ألا يخطب وده ؟ ألا ترجى جنته ؟ ألا تخشى ناره ؟. لذلك أيها الأخوة، الله عز وجل شاءت حكمته أن نكون على خصائص في الدنيا لا تسمح لنا أن نرى الله، فهو باطن، وشاءت حكمته أيضاً أن يهبنا خصائص أخرى في الآخرة أن نرى الله. إنسان دخل إلى بستان جميل، جميل جداً، لكن صاحب هذا البستان له وجه يأخذ بالألباب، فالنظر إلى وجه صاحب هذا البستان يفوق النظر إلى البستان، أما إذا قال لك صاحب هذا البستان: أهلاً وسهلاً ومرحباً، أنت ضيفنا العزيز، هذا التكريم والترحيب يفوق النظر إلى وجهه. فصار في حسنى وهي الجنة، وفي زيادة وهي النظر إلى وجه الله الكريم، وفي ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ من صدق الله استحق جنة عرضها السماوات و الأرض: أيها الأخوة، الله عز وجل باطن لأنه احتجب بذاته عن أبصار الناظرين لحكمة أرادها من الخلائق أجمعين، من أجل الابتلاء، فكرة دقيقة جداً أرجو الله أن يمكنني أن أشرحها لكم:
لو فرضنا امرأة تمشي بأبهى زينة، وفي إنسان يحمل مسدس، يقول لإنسان آخر إن نظرت إليها أقتلك، هل ينظر إليها ؟ مستحيل ! أما امرأة تمشي بأبهى زينة وفي ناظر مؤمن بالله، معه نص فقط، يعني كلمات: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ ( سورة النور الآية: 30 ) الشهوة محسوسة، ملموسة، أمام عينك، المرأة الجميلة، البيت الجميل ، المركبة الفارهة، الطعام الطيب، المال الوفير محسوس، تدركه بحواسك الخمس، أما الآخرة خبر.
﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾
( سورة الضحى ) لماذا يستحق المؤمن الجنة ؟ لأنه صدّق الله، أما أحاسيسه كلها في الدنيا، الدنيا خضرة نضرة، الدنيا محسوسة، أما الآخرة خبر، يفتح القرآن يقرأ قوله تعالى ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ صدق الله، لأنه صدق الله بالغيب لم يرَ الجنة، ولم يرَ النار، صدق فاستحق الجنة، الدليل قوله تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ ( سورة البقرة ) أما لو وجد لكل معصية عقاب فوري لا أحد يعصي، لكن عدم المعصية ليست سمواً، ولا عبادة، ولا محبة، ولا شوقاً، ولا إقبالاً، بحكم الخوف. لا إكراه في الدين: لذلك الأقوياء يطاعون للخوف منهم، لكن الله أراد أن تكون طاعته عن محبة، أرادك أن تحبه، لذلك قال:
﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾
( سورة البقرة الآية: 256 ) أرادك أن تأتيه طائعاً، أرادك أن تأتيه بمحض اختيارك، أراد أن تأتيه محباً ، أراد أن تكون العلاقة بينك وبينه علاقة محبة، هذه العلاقة ثمينة جداً، أما علاقة القهر لا قيمة لها. لو شخص، معك حاجة ثمينة، شهر عليك مسدساً وقال: أعطني إياها، تعطيه إياها هل تشعر أنك عملت عملاً صالحاً ؟ أبداً، تحس أنك مقهور. لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، لو أجبرهم على أفعالهم ألغيت الجنة والنار، والثواب والعقاب، ألغي كل شيء، ألغي التكليف، ألغيت الأمانة. بطولة الإنسان أن يأتي ربه مختاراً لا قسراً: كل بطولة الإنسان أن جاء ربه مختاراً، بمحض اختياره جاء إلى هذا المسجد، بمحض اختياره صلى، بمحض اختياره غض بصره ، بمحض اختياره ضبط لسانه، بمحض اختياره ترك الحرام، أكل الحلال، كل قيمة عملك لأنك مخير، وكل قيمة عملك لأنك جئت الله مختاراً، لم تأتيه قسراً، الله عز وجل يقول:
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾ ( سورة السجدة الآية: 13 ) يعني يا عبادي لو أنني أريد أن ألغي اختياركم، لو أنني أريد أن ألغي تكليفكم ، لو أنني أريد أن ألغي حملكم للأمانة، لو أنني أريد أن تكون طاعتكم قسراً، لفعلت هذا ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾ ولكن هذا الهدى الذي يأتي قسراً لا قيمة له. بربكم، لو رئيس جامعة أجرى امتحاناً لطلاب جامعة، وزع أوراقاً مطبوع عليها طبعاً الإجابة الكاملة، مطبوع عليها العلامة التامة، مئة بالمئة، قيل للطالب اكتب اسمك واخرج كتب اسمه، النتائج 83 طالب ممتاز، هذا النجاح له قيمة ؟ له قيمة عند الطلاب ؟ عند الأولياء ؟ عند رئاسة الجامعة ؟ سقط الامتحان. منح الله سبحانه وتعالى رضاه لمن أحبه طوعاً لا كرهاً: قيمتك عند الله أنك جئته مختاراً، باختيارك آمنت به، باختيارك أطعته باختيارك أحببته، لذلك الله عز وجل قال:
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#165249#post1976449 ( سورة المائدة الآية: 54 ) لخص علاقته بعباده بهاتين الكلمتين، ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ من هنا الذي كفر به يطعمه ويسقيه، الكفار يأكلون، ويشربون، يسكنون البيوت الفخمة، يركبون المركبات الفارهة، معهم أموال طائلة، غارقون في ملذاتهم، لكن الله سبحانه وتعالى منح رضاه لمن أحبه طوعاً لا كرهاً، ما أرادك أن تأتيه كارهاً أبداً ﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ إذاً لو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب، لو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، لو تركهم هملاً لكان عجزاً في القدرة، إن الله أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً، ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً. احتجاب الله عز وجل عن رؤية عباده لامتحانهم: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾
واحتجب عن رؤية عباده ليمتحنهم، سأوضح: أنت صاحب محل تجاري، تفتح المحل بيدك صباحاً، وتجلس وراء الطاولة وأمام مكان للأموال، وعندك موظف، يا ترى هذا الموظف أمين أم خائن ؟ ما أتيح له أن يمتحن، أنت وراء الطاولة، دخلت أول داخل، وخرجت آخر خارج، والمفتاح بيدك والمال معك، يا ترى أمين أم خائن ؟ كلام ليس له معنى، لكن متى يمكن أن تمتحنه ؟ إذا خرجت من المحل إلى محل آخر وتراقبه من هذا المحل، هو الآن وحده، والمال بين يديه، أنت تراه هو لا يراك، راقبته ساعات طويلة لم يأخذ قرشاً من مكان المال، أما لو أنه خان وفتح مكان المال وأخذ مبلغاً، متى أتيح له أن يمتحن ؟ إذا تغافلت عنه، متى أتيح له أن يمتحن ؟ إذا غبت عنه، متى أتيح له أن يمتحن ؟ إذا توهم أنك لا تراه. لذلك قال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ﴾ ( سورة إبراهيم الآية: 42 ) هو لا يغفل، لكن عباده يظنون يغفل. ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ ( سورة إبراهيم ) كلمة احتجب عنا ليمتحننا، لولا أنه احتجب لما امتحننا، لو أن الله أرادنا أن نطيعه قسراً، أي إنسان يتكلم كلمة كذب يفقد نطقه، أي إنسان ينظر إلى امرأة لا تحل له يفقد بصره، الكل يطيعونه، طاعة قهر، طاعة القهر لا قيمة لها إطلاقاً، والأقوياء يطاعون ، الأقوياء ملكوا الرقاب، والأنبياء ملكوا القلوب، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا، الأقوياء عاش الناس لهم، والأنبياء عاشوا للناس، الأقوياء يمدحون في حضرتهم فقط، أما الأنبياء يمدحون في غيبتهم. الجنة ثمن من صدق و آمن بالغيب: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾
على الشبكية الله لا يُرى، يمكن أن تأكل المال الحرام، يمكن أن تكذب، يمكن أن تأخذ ما ليس لك، هذا واقع معظم الناس، ما دام قوياً يأخذ ما ليس له الأخ الأكبر يأخذ كل الثروة، له أخوة صغار، وأخوات بنات، ما دام قوياً يأخذ كل شيء، هذه البطولة أن تصدق بالغيب، ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ أن تصدق أن الله سيحاسب وسيعاقب، ثمن إيمانك بالغيب، يعني الدنيا محسوسة، ملموسة، تراها بعينيك، ترى مركبة فارهة، ترى بيتاً جميلاً، ترى امرأة جميلة، ترى مالاً وفيراً، ترى طعاماً طيباً، ترى بعينيك، والآخرة خبر في القرآن، على الشبكية ما في غير الدنيا، الآن مشكلة الإنسان يرى الأشياء الجميلة، يضحي من أجلها بكل شيء، ثم يكتشف أنه كان على خطأ كبير. العقل أداة أولى في معرفة الله عز وجل: وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1976449 * * * أما إذا غابت ذات الشيء وآثاره لا سبيل إلى معرفته إلا بالخبر الصادق، صار عندنا طريق المعرفة الحواس، وطريق المعرفة العقلية العقل، وطريق الشيء إذا غابت عينه وآثاره الخبر الصادق. والحمد لله رب العالمين |
||
كل الشكر لك يالغلا
وأسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم
ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم
وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم
ودمتم على طاعة الرحمن
حياك الله غاليتي شموخ انثى
بارك الله فيكم وجزاك خيرا على المرور والتعقيب
أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم
وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم
ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم
وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم
ودمتم على طاعة الرحمن
وعلى طريق الخير نلتقي دوما