أمّا بعد: فاتَّقوا الله ـ أيها المسلمون ـ حقَّ التقوى، واعلَموا أنَّ الأعمارَ سريعة الانقضاء فلا تبقَى، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى[البقرة:197]، تزكو أحوالكم وفي معارج القبول ترقَى.
أيها الإخوة الأحبة في الله، تعيشون ـ يا رعاكم الله ـ هذه الأيّامَ غرّةَ شهور العام، إنه شهر الله المحرم، شهرٌ من أعظم الشهور عند الله تبارك وتعالى، مكانته عظيمة، وحرمته قديمة، فاتحةُ العام وشهر الله الحرام، فيه نصَر الله موسى وقومَه على فرعون وقومِه، وقد ندبكم نبيُّكم إلى صيامه، فقال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه: ((أفضلُ الصيامِ بعدَ رمضان شهرُ الله المحرم))، لا سيّما يوم عاشوراء الأغرّ، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدِم النبيّ المدينةَ، فوجد اليهودَ صيامًا يومَ عاشوراء، فقال لهم: ((ما هذا اليوم الذي تصومونه؟)) قالوا: هذا يومٌ عظيم أنجَى الله فيه موسَى وقومَه، وأغرق فرعونَ وقومَه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومُه، فقال : ((نحن أحقُّ بموسى مِنكم))، فصامه وأمَر بصِيامه، وفي صحيح مسلم عن أبي قتادةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله سئِل عن صيام يومِ عاشوراء، فقال: ((أحتسِب على الله أن يكفِّرَ السنةَ التي قبله)).
الله أكبر، يا له من فضلٍ عظيم ونفحة من نفحات المولى الكريم، وقد عزَم على أن يصومَ يومًا قبلَه مخالفةً لأهلِ الكتاب، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومنّ التاسع)). يقول الإمام العلاّمة ابنُ القيم رحمه الله: "فمراتِبُ صومِه ثلاثة: أكملها أن يُصام قبلَه يوم وبعدَه يوم، ويلي ذلك أن يُصامَ التاسع والعاشرُ، وعليه أكثر الأحادِيث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحدَه بالصيام".
فينبغي للمسلمين أن يصوموا ذلك اليوم اقتداءً بأنبياء الله، وطلبًا لثوابِ الله، وأن يصوموا يَومًا قبله أو يومًا بعدَه مخالفةً لأهل الكتاب، وعملاً بما استقرّت عليه سنّة المصطفى الأوّاب عليه الصلاة السلام، وإنَّ صيام ذلك اليومِ لمِن شكر الله عزّ وجلّ على نعمه، واستفتاحِ هذا العامِ بعملٍ من أفضل الأعمال الصالحة التي يُرجَى فيها ثواب الله عزّ وجلّ، فأين المشمّرون؟! جعلني الله وإياكم منهم بمنّه وكرمه.
ألا فاتقوا الله عباد الله، واستفتحوا عامَكم بالتوبة والإنابة والمداومة على الأعمال الصّالحة، وخذوا من مرورِ الليالي والأيام عِبرًا، ومن تصرُّم الشهور والأعوام مدّكرًا ومزدَجرًا، وإياكم والغفلةَ عن الله والدارِ الآخرة.
ثم صلّوا وسلّموا ـ رحمكم الله ـ على نبي الهجرة والرحمة والملحمة المؤيَّد بالمعجزات الباهرة والآيات الظاهرة، النبي المصطفى والرسول المجتبى و****** المرتضَى، كما أمركم بذلك المولى جلّ وعلا، فقال في أصدق القيل ومحكَم التنزيل: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا[الأحزاب:56].
اللّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّد الأوّلين والآخرين وخاتم الأنبياء وأشرف المرسلين نبيّنا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن صحابته أجمعين…
وجعله بميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن
هلا اخوي عبدالرحمن علي
جزاك الله خيرا على الموعظة
انها فرص للتقرب الى الله
الحياة فرصة لا تعوض
الاعمال الصالحة هي من سينام معك في " قبرك "
فانتبه واعد الزاد 0
شكرا اخوي ,,
الفجر القادم