احذروا الانتكاسة , حالنا بعد رمضان, الثبات بعد رمضان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
ففي شهر رمضان تهب رياح التغيير على قلوب الأمة، فيتوب العُصاة، وتعمر المساجد، وتختفي المتبرجات وراء الحجاب، ويُهجر الغناء، ويُرتل القرآن، وتلين القلوب، وتدمع العيون، وترطب الألسنة بالذكر، وتزداد التقوى، وتكثر البركة.
احذروا الانتكاسة , حالنا بعد رمضان, الثبات بعد رمضان
وهذا التغيير يكون حقيقياً عند البعض، فينبه القلوب من غفلتها ويبصرها من عماها، وينير ظلمتها، فتشعر بلذة الطاعة وأنس المناجاة، وحلاوة القرب، فتثبت بعد رمضان وتديم الصيام والقيام، والذكر وقراءة القرآن، والبر والنفقة، وسائر الطاعات، ويجعل الله ثباتها على الطاعة جزاء طاعتها، فيصير العام كله رمضان كما كان سلفنا الصالح يستقبلون رمضان بستة أشهر يدعون الله أن يبلغهم رمضان ثم يودعونه بستة أشهر يدعون الله أن يتقبله منهم، فأحب العمل عندهم ما داوم عليه صاحبه.
احذروا الانتكاسة , حالنا بعد رمضان, الثبات بعد رمضان
وقد يكون هذا التغيـُّر شكليا عند الكثير منا، لا يتجاوز صور العبادة دون حقيقتها، لذا لا يثبت أمام رياح الشهوات وأعاصير الهوى، وجيش الفتن، فينقلب هؤلاء بعد رمضان وينتكسون انتكاسة محزنة!!
فالصلاة التي حافظوا عليها ضُيعت!
والمساجد التي عمروها خربت!
والمصابيح التي أضيئت في الليل أطفئت!
والقرآن الذي رتلوه هجروه!
وبرزت النساء في الطرقات متبرجات!
وعلت بالغناء المحرم الأصوات!
وبخل الأغنياء، وجاع الفقراء!
احذروا الانتكاسة , حالنا بعد رمضان, الثبات بعد رمضان
وصاروا كالتي غزلت فأحكمت غزلها يومها ثم في لحظة نقضت غزلها {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} [النحل:92].
فعجبا لمن ذاق حلاوة الطاعة، كيف يستبدلها بمُر المعصية؟!
وعجبا لمن أعتقت رقبته من النار، كيف يطلب أن يعود إليها؟!
وعجبا لمن كان أسيراً تقيده سلاسل المعصية، وتذله أصفاد الشهوات ثم يفك أسره، كيف يختار أن يعود؟!
يا حمقه! ويا خفة عقله!!
يُنادي: أعيدوني إلى ذل المعصية!!
أعيدوني إلى أسر الشهوة!!
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#154207#post1946693
احذروا الانتكاسة , حالنا بعد رمضان, الثبات بعد رمضان
عجبا لمن كان يعيش في زنزانة ضيقة مظلمة عَفِنة فأُطلِق سراحه، وعاش في عالي القصور، حيث السعة والنور، فإذا به يطلب أن يعود إلى حفرته وظلمته ووحشته!!
فالعاقل اللبيب والفطن الأريب من يحفظ همته العالية في الخير في رمضان، ويستثمر ما رزق من الأنس بالله وحلو المناجاة، وطهارة القلب، ويقبل على ربه يعبده عبادة من سمع أمره -عز وجل- لحبيبه -صلى الله عليه وسلم-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99]، فيصوم عما يغضب ربه فلا يكون فطره إلا عند غروب شمس عمره.
فاللهم ثبتنا على الطاعات حتى الممات، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8].
حياك الله
بأَرك الله فيك وجزاك خيرا
ولك شكري وتقْديري
وعلى آلَموآصلة الرائعة معنا لخدمة
هذا الصرح المبارك سائلين الله آن
يوفقك ويحفظك ويسدد خطاك ويجعل كلّ عمل تقومون
به هنا في موازين حسنآتكم
ودمتم على طاعة الرحمن
وعلى طريق الخير نلتقي دوما
وبحفظ الله ورعايته