قيمة التربية الأسرية:وصايا وتوجيهات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراًَ إلى يوم الدين أما بعد:
كثر الحديث في أيامنا هذه عن أهمية التربية في إعداد الناشئة في زمان كثير المتطلبات كثير المغريات زائد التحديات ويتم التركيز على الأسرة لتؤدي الدور المنوط بها في إصلاح الأولاد لأنه هو الحصن الأخير الذي لا زال لأهله نوع من السيطرة عليه.
ومهمة الأسرة وعملها تزداد يوماً بعد يوم في عصر العولمة وتهميش سلطات الأسرة والمدرسة والمجتمع والإغراء أيضاً بالتمرد على الأعراف وتوسيع دوائر الحرية الفردية وغيرها أيضاً من الأشياء السلبية لهذه العولمة التي جعلت العالم فعلاً كقرية واحدة وتربية الأبناء الذي نتحدث عنه هي سهلة أيها الإخوة ولكنها سهلة على من لا أولاد له ومع هذا كله فإنه ليس أمامنا أي اختيار غير الاستمرار في جهودنا التربوية وتحصين ظروف عملنا كلما وجدنا إلى ذلك سبيلا.
إننا أمة تملك شيئين:
أولهما: المنهج الرباني الأقوام الذي أكرمنا الله به.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#115266#post1663715
وثانيهما: العنصر البشري المتعاظم حيث قارب المسلمون أن يكونوا ربع سكان الأرض.
إن هذه العشرات التي تدفع بهم الملايين من الأرحام سنوياً بحاجة إلى تربية وتوجيه وتأهيل للعيش في زمان مفعم بالتحديات وإذا لم نقم بدورنا كآباء وأمهات فإننا سنعرض أجيالنا لخطر كبير إن هذه الأجيال المعاصرة نحن مسئولون عنها أمام الله سبحانه وتعالى كيف ورسولنا __ يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر والقيام بهذا الحق جزء من شكر نعمة الله علينا فالأولاد نعمة من الله _عز وجل_ والله يقول: "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً" (النحل: من الآية72) وتكمل النعمة وتعظم حينما يكون الولد صالحاً؛ لأنه هو الذي يريده الشارع لإقامة شرعه وعمارة أرضه "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً" (الفرقان:74) ولذا فنحن بحاجة ماسة لاستصلاح هؤلاء الأبناء ليكونوا قرة عين لنا في الدنيا والآخرة وذلك من عملية تربوية منظمة تحقق أهدافها_ بإذن الله جل وعلا_.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1663715
ومن المناسب في البداية أن نذكر بأن الأشياء العظيمة لا تنجز بالاندفاع بل تنجز بجمع سلسلة من الأشياء الصغيرة وقد قيل أيضاً: ربما كانت الأفكار الصغيرة بداية لإنجازات عظيمة والمتأمل في تاريخ المسلمين وتواريخ غيرهم أيضاً يلاحظ أن ثمة أفكار كانت صغيرة جداً بسيطة جداً ثم بورك بعد ذلك فيها ونفع الله _عز وجل_ بها.
ومع هذه الحاجة الماسة للتربية إلا أننا نجد أنفسنا أمام مشكلة كبيرة وهي الرتابة في أساليبنا التربوية فلو فكر كثير منا في أساليب تعامله مع أطفاله لوجد أنها أساليب محددة متكررة ليس فيها شيء من التجديد أو الإبداع مما يضفي على علاقته مع أطفاله صورة من الرتابة المملة على مستوى طرفي العلاقة على حد سواء فالمربي مثلاً يكرر نفسه فيمل من كثر ما يبدء ويعيد في أساليبه والطفل الناشئ وهو ينمو بنفسه طلعه وهمة طموح يجد الطرف الآخر لا يبالي بطموحه بل يسعى أحياناً لتحجيمه وتحطيمه ومن ثم تنشأ في نفسه روح التمرد والتفكير في كسر الطوق المفروض حوله وتنموا تلك الروح وتتطور وتبدأ الهوة تتسع بينه وبين مربيه فهل فكرنا أيها الإخوة والأخوات بين الحين والآخر بإعادة النظر في أساليبنا وتقويمها وتطويرها لتتلاءم مع مستجدات الحياة التي تفرض نفسها علينا إن الحياة أيها الإخوة والأخوات لم تعد بسيطة كما كانت من قبل لقد دخل معك أيها المربي على الخط جهات أخرى تنازعك مسؤوليتك وتتسلل إلى بيتك من غير استئذان وتنافسك أكثر الأحيان منافسة غير شريفة على أحب الناس إليك فلذات كبدك وهي متسلحة بأقوى الأساليب وأفتك الأسلحة لماذا أيها الإخوة. لأنها تخاطب الأهواء لا العقول وتدغدغ المشاعر والعواطف ولا تواجه بالحجة والمنطق فهل تقبل التحدي أيها المربي؟ لا بد أيها الإخوة والأخوات لأنه لا خيار أمامنا ولا مفر لنا من تحمل المسؤولية فلنبحث عن أفكار وأساليب تكون أنفع لنا وأبلغ في تحقيق أهدافنا و…..
وتجديد الأساليب الذي نتحدث عنه في مثل هذه ال***** لا شك أنه يدفع عن النفس السأم ويقتل الملل وينمي الذات ويصقل المواهب وكن على ثقة أخي المربي ذكر أو أنثى أنك أمام اختيار صعب فإما أن تجدد أساليبك وإما أن ترضى باستهلاك نفسك والتآكل من الداخل.
لهذا جاءت هذه السلسلة المباركة الذي تقدم نوعاً من ال***** العملية التي تقدم على حياتنا نوعاً من الألفة والمحبة والخروج عن المألوف الذي اعتدنا عليه كثيراً في حياتنا.
لماذا يطرح هذا الموضوع ؟
إن السؤال الذي يطرح نفسه منذ أول اللقاء أيها الإخوة والأخوات: لماذا هذه ال*****؟ لماذا الدعوة إلى التجديد في حياتنا العائلية؟ لماذا نحرص على تربية أبنائنا؟ إن ثمة أمور تدعوننا لطرح مثل هذا الموضوع أول هذه الأمور أن تربية الأولاد والعناية بالأهل فريضة شرعية والله -_عز وجل_- يقول: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً" (التحريم: من الآية6) قال قتادة: أي يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصيته وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ويساعدهم عليه وقال الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه قال علي رضي الله عنه: علموهم وأدبوهم وقال أيضاً الكي الطبري: فعلينا تعليم أطفالنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغنى عنه بني آدم وقد بوب البخاري في صحيحه باب (تعليم الرجل آمته أهله) ثم ساق حديث ثلاثة لهم أجران: وذكر في ذلك الحديث ورجل كانت عنده آمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران. قال ابن حجر رحمه الله تعالى مطابقة الحديث للترجمة أي عنوان الباب في الآمة بالنص وفي الأهل بالقياس إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسول الله __ آكد من الاعتناء بالإماء ومن الأمور كذلك صبغة المجتمع بصبغة إسلامية صحيحة فتربية الأولاد تساهم بشكل فعال في إنشاء جيل صالح يصلح المجتمع بصلاحه وتنتشر الفضيلة فيه ومنها أيضاً حاجة الناس للتوعية التربوية في ظل المتغيرات الحديثة والمتسارعة جداً أيضاً بناء مجتمعاً أكثر تجانساً وانسجاماً مليء بالحب والألفة والمودة ومن هذه الأمور التخطيط لتربية أبناءنا وجعله أعظم استثمار يبذله الإنسان في هذه الحياة تربية الأجيال القادمة في أجواء أكثر سعادة وطمأنينة يسودها التفاهم بين الوالدين ومن الأمور أيضاً غياب الترفيه المرشد تربوياً ولكي نجعل تربينا لأبنائنا أكثر متعة وسعادة.
أيها الإخوة والأخوات: إن بناء الإنسان عمل مدهش أخاذ إلا أن تربية الإنسان وبناء نفسه وخلقه أشد دهشة وروعة وكلما أجاد المربي ذلك البناء تألقت التحفة البشرية التي بين يديه وخرجت مشكاة هداية ورشد وصلاح ونحن بحاجة لوضع أعمدة لهذا البناء الشامخ.
أولا: وصايا تربوية:
قيل من يبني بيته على الصخور لا يعبأ بالعواصف وإليك أخي الكريم/ أختي الكريمة وصايا مهمة نستعين بها بعد توفيق الله -_عز وجل_- في تربينا لأولادنا أول هذه الوصايا:
1. الإخلاص في تربية الأبناء: فإن تربيتهم عبادة وقد قال النبي __ في الحديث الصحيح: "إنما الأعمال بالنيات" فلا تربي ليقال هذا ولد فلان تعب في تربيته، بل رب من أجل أن يصلح هذا الولد ويكون قرة عين لك في الدنيا والآخرة احتسب الأجر عند الله، فالتربية أيها الإخوة والأخوات شاقة لا راحة معها وطويلة لا انتهاء لها ومكلفة لا شحاحة فيها وكثير من الناس يمارسون التربية ولكن ليس كل الناس يؤجرون عليها.
2- ادعوا لأولادك بالصلاح والهداية والله _جل وعلا_ يقول: "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (القصص:56) ويقول _سبحانه وتعالى_: "لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"(البقرة: من الآية272) فارفع يديك في مواطن الدعاء أن يصلح الله _عز وجل_ أولادك وأن يجعلهم قرة أعين لك في هذه الحياة
3-كن قدوة في داخل بيتك فابدأ بنفسك فأصلحها يصلح الله لك رعيتك فإنهم إن سمعوا منك ما يناقض فعلك يقع الخلل ويعظم الزلل ويصبح الدين شعارات براقة عندهم وكلمات جوفاء ليس لها في حياتهم أثر ولا في واقعهم عمل.
مشى الطاووس باختيال *** فقلد شكل مشيته بنوه
قال علام تختالون قالوا *** سبقت به ونحن مقلدوه
وينشأ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كان عوده أبوه
فانظروا -يا إخواني- إلى هذه الأبيات التي هي في الحقيقة تحكي واقع كثير من الأسر, التي تأمر بأشياء ولكنها تخالفه, والله المستعان, ومن الوصايا المهمة.
4- الرفق نعمة عظيمة, فاحرص على الرفق إن الرفق يؤثر في النفوس الكريمة, ما لا تؤثره القسوة والغلظة, والله _جل وعلا_ يقول عن نبيه __: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"(آل عمران: من الآية159), ويقول نبينا __ في الحديث الصحيح, "ما يكون الرفق في شيء إلا زانه, ولا ينزع من شيء إلا شانه", وفي الحديث الآخر عن الطبراني بإسناد صحيح قال _عليه الصلاة والسلام_: "ما أعطي أهل بيت الرفق, إلا نفعهم, ولا منعوه, إلا ضرهم" ومن الأشياء المهمة:
5- سعة البال وعدم الاستعجال, وطول النفس في التربية, فالتدرج والبدء بالأهم فالأهم, وعدم استعجال النتائج, هو الطريق الصواب لتربية أبنائك, لا تتأخر في التربية, أو تؤجلها عن حينها, فالزوجة تبدأ معها في أول خطوة تخطوها في بيتها الجديد, والأبناء من أول يوم أيضاً يستهلون فيه صارخين من بطون أمهاتهم.
6- قبل أن تزرع الأرض طَهِّرْها من الآفات, وامنع عنها المهلكات, ثم ازرع فيها ما تشاء, وطب نفساً ما تجني يوم الحصاد, فالحذر من فتنة الأولاد في دينهم, وصدهم عن الحق, بتوفير وسائل الشر والفساد في داخل المنزل, فإن تربية سنة, قد تهدمه وللأسف بعض وسائل الشر في دقائق معدودات وقد قيل: بدلاً من إضاعة الوقت في جمع الأوراق الطائرة, أغلق النافذة.
ثانيا: وصايا ذهبية:
• تعلم الثناء على أولادك, واشكرهم على حسن صنيعهم, وقد قال النبي __ : "من لا يشكر الناس, لا يشكر الله" فأحسن إلى المحسنين واشكر العاملين, تثبيتاً لهم, وتحفيزاً أيضاً لهمة غيرهم, من بقية الأولاد, استغل كل وقت للتربية, بالقصة وضرب المثل, واستغلال حدث معين, أو عند ركوب سيارتك, بل عندما توصل أولادك في صبيحة كل يوم إلى مدارسهم, احرص على هذا الوقت, وحاول أن تزرع قضية تربوية في نفس الولد, من خلال قصة أو مثل, أو غير ذلك.
• لا تلق باللائمة على أي أحد عند إخفاقك في تربية أولادك, حتى وإن كان ما تقوله صحيحا فلا بد أن تعلم أنك أنت المسؤول الأول عن إسعاد أسرتك وتربيتهم,
• وقبل أن تُطالب بحقوقك, تأكد أنك تقوم بواجباتك, ادرس خصائص المراحل العمرية, وطبيعة ما يناسب كل مرحلة من الناحية العملية, فأنت أيها المربي الكريم, ينبغي أن نعلم جميعاً أن ابن السادسة غير ابن الثانية عشرة, وأن ابن الخامسة عشرة غير الطفل الصغير الذي لا يزال في السنوات الأولى من عمره, إن لكل واحد منهم خصائص تميزه, لذلك لا بد للإنسان أن يطلع على تلك الخصائص, وأن يعرف ما الذي يميز هذا, حتى يستطيع أن يتعامل معه التعامل الصحيح المناسب لهذه السن التي يعيش فيها هذا الولد, الشمولية في التربية لأبنائنا, في جوانب التربية المختلفة, الإيمانية والعلمية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية والسلوكية والمهنية والجمالية وغيرها من الأشياء, فليس صحيحاً أن الإنسان يركز على جانب معين, ثم يغفل الجوانب الأخرى.
• إن من الأشياء المثيرة التي نراها في حياتنا أن كثير من الناس وللأسف يحرصون على تفوق أطفالهم دراسياً وهذا حسن, ولكن المشكلة أنهم لا يحرصون على تفوق أولادهم دينياً فتجد هذا الابن حريصا على دراسته مهتما بها, لكنه مفرط تفريطا كبيرا في مسألة الحرص على الصلاة وغيرها من شعائر الدين التي فرضها الله -_عز وجل_- على عباده, ولهذا ندعو المربين جميعاً إلى التوازن بتحقيق جوانب التربية كلها, فلا يطغى الجسد, على حساب الروح والعقل, ولا العقل أيضاً على حساب الروح والجسد.
• ثم من الوصايا المهمة, النظر إلى غاية التربية, وهي تهذيب الإنسان وإصلاحه لتحقيق العبودية لله تبارك وتعالى, ومن هذه الوصايا التربوية المهمة الرحمة بالأولاد والتصابي معهم, ولهذا حفظ لنا التاريخ قصة جميلة عن أحد عمال عمر ابن الخطب _رضي الله عنه_ فقد دخل هذا العامل على عمر _رضي الله عنه_ فوجده مستلقياً على ظهره, وصبيانه يلعبون على بطنه فأنكر ذلك عليه فقال له عمر: كيف أنت مع أهلك؟ , قال: إذا دخلت سكت الناطق, فقال عمر له: اعتزل, فإنك إن كنت لا ترفق بأهلك وولدك, فكيف ترفق بأمة محمد __,