من آداب الحج الحج عبادة زُيِّنت بمحاسن وآداب، فقد قال تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197].و الرفث يطلق على الجماع، ويطلق على الفحش من القول والفعل، والفسوق هي المعاصي كلها، أما الجدال فهو المخاصمة بالباطل، أو المخاصمة فيما لا فائدة فيه، أما المخاصمة فيما فيه فائدة من العلم أو الخير، فإنه لا يدخل في ذلك.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#154546#post1947234
وإذا كان الحج ارتفاعًا عن شهوات الحياة الدنيا ومادياتها، وتدريبًا للعبد على التخفف منها، والاكتفاء باليسير، فلا يليق بالمتلبس بهذه العبادة أن ينشغل عنها بما نهى الله تعالى عنه من أمور النساء قولاً أو فعلاً.
وإذا كان مُحرِمًا حَرُم عليه إتيان حليلته بالجماع ودواعيه، وهو أشد تحريمًا مع الأباعد فيما حرَّم الله – عز وجل – أصلاً. ويتأكد هذا المعنى حين يعلم الإنسان الازدحام الذي يكون في المشاعر، وعدم تمييز الرجال عن النساء، وما يقع من كثير من النساء من التطيب والتزين ومزاحمة الرجال، وما قد يترتب عليه من المفاسد العظيمة التي لا يعلمها إلا الله. إنه لا يكفي منك أن تُعرِض عن هذا فحسب، بل من آداب الحج وواجباته عليك أن تكون آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر.
إننا نعلم جميعًا أن تنظيف المشاعر من القاذورات الحسية يتطلب حشد عشرات الآلاف من العاملين لتنظيف المشاعر، وجمع الفضلات، ومثله تنظيم المرور، فإنه يتطلب أعدادًا غفيرة من العاملين في هذا السلك، أفليس جديرًا بنا أن نحشد ونجنِّد أضعاف هذا العدد لتنظيف المشاعر من كل المنكرات والمعاصي والمخالفات؟ إنه لأمر يسير.. لا أقول تستطيعه الدول فحسب؛ بل يستطيعه آحاد الناس. ولو أن كل طالب علم، أو داعية جنَّد نفسه لهذه المهمة -مهمة إنكار المنكرات في المشاعر .. مهمة الأمر بالمعروف- لتحقق الاكتفاء بذلك بحمد الله تعالى. وإذا كانت المعاصي محرمة في كل حين، فإنها في مكة وفي حال الإحرام أشد تحريمًا، وهي أولى بالمنع والزجر والنهي عنها. قال تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج: 25]. روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن مجاهد قال: "كان لعبد الله بن عمرو – رضي الله عنه -فسطاطان أحدهما في الحل، والآخر في الحرم، فإذا أراد أن يصلي صلى في الفسطاط الذي في الحرم، وإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الذي في الحل.."( ) وروى الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: "أقبل تُبَّع يريد الكعبة، حتى إذا كان بكُراع الغميم، بعث الله تعالى عليه ريحًا لا يكاد القائم منها يقوم، فإذا قام سقط وصرع، فقعد، ولقوا منها عناء عظيمًا فدعا تُبَّع أحباره وقال لهم: ما هذا الذي بعث عليَّ؟ قالوا: تُؤَمِّنُنا؟ قال: أُؤَمِّنُكُم، أنتم آمنون. قالوا له: فإنك تريد بيتًا منعه الله تعالى ممن أراده. قال: فما يُذهب هذا البلاء عني؟ قالوا: تتجرد في ثوبين، ثم تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ثم تدخل فتطوف، فلا تهيِّج أحدًا من أهله. قال: فإن أنا أجمعت على هذا ذَهَبَتْ عني الريح، وذهب عني العذاب. قالوا: نعم. قالوا: فتجرد لله تعالى، ثم لبى، فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم"( ).
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1947234
معلومات عن الحج, من اداب الحج, اركان الحج
وقد تسمع من بعض الحجيج الفحش، والبذيء من القول، وسيئ الكلام، وقد تسمع أيضًا الغيبة والوقيعة في الغافلين .. فهل حفظ هؤلاء حجهم، وعظموا مقدساتهم؟ وهناك الذين يثيرون الجدل لسبب ولغير سبب، فتجد الجدل عند وقوف السيارات، وتجد الجدل عند سقي الماء، وتجد الجدل عند الدفع والسير، .. فأين فعلهم هذا من قول الله – عز وجل – : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197]؟ إن حسن الخلق، وطيب الكلام، وإطعام الطعام، من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله – عز وجل -، خاصة في مثل تلك المشاعر.
وإننا نناشد خاصَّةَ الناس من طلبة العلم، والدعاة، والموسرين، وأهل الخير، أن يدركوا أن اشتغال الواحد منهم بنفع الناس، أو مساعدتهم، أو تعليمهم، أفضل من كثير من العبادات القاصرة، والتي يمكن تأجيلها لنصرف الجهد لمساعدة الحجيج في هذا الموسم العظيم، والقدوة والحجة في ذلك نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم -، والذي كان في حجة الوداع مشتغلاً بالناس تعليمًا، وإفتاءً، وهداية، وتربية، ورفقًا، وبِرًّا.
إنه لمن المؤسف أن يرجع بعض الحجيج بصورة سيئة عن هذه البلاد وأهلها، لم يروا ممن لقوه طيب الكلام، وبشاشة الوجه، وإنما رأوا القسوة في القول، والغلظة في الفعل، والشراسة في التعامل، وعدم مراعاة ظروفهم، وعدم التوسعة عليهم، فرجعوا بوجه غير الوجه الذي جاءوا به .
إن جوارنا لهذا البيت العتيق يوجب علينا مسؤولية خاصة تجاه الجميع؛ بحسن التلقي لهم، والقيام برعايتهم، وتبصيرهم بأمور دينهم، وتصحيح أخطائهم، وإبقاء الأثر الحسن في نفوسهم؛ ليرجعوا على حال خير من حالهم، وأتم، وأقوم.
حياك الله
بارك الله فيك وجزاك خيرا
ولك شكري وتقْديري
وعلى آلَموآصلة الرائعة معنا لخدمة
هذا الصرح المبارك سائلين الله آن
يوفقك ويحفظك ويسدد خطاك ويجعل كلّ عمل تقومون
به هنا في موازين حسنآتكم
ودمتم على طاعة الرحمن
وعلى طريق الخير نلتقي دوما
وبحفظ الله ورعايته