السنن المنسية
للشيخ محمد ناصر الدين الألباني
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#73190#post1137876
إنَّ الحمد لله نحمده سُبحانه وتعالى ونستغفرهونستهديه، ونَعُوذُ بالله مِن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ الله فلا مُضِلَّ لَه ومَنيضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدهورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
إنَّ مِن السُنَن التي ينبغي تذكير الناس بها وتعليمهم إيَّاهَا ، إنما هي ما كان من السُنَن المدروسة التي أصبحت عند كثير من الناسنسياً منسياً ، وكأنما رسولنا صلوات الله وسلامه عليه لم يكن يُعَلمُها الناس مُطلقاًأيضاً.
هكذا تموت السنن وتَحيى البِدَع حتى يعود الأمر غريباً ، وكما جاء في كثيرمن الآثار: (تموت السنن وتحيى البدع، فإذا أحييت سنة قيل: أُحْيِيَت بدعة ،وإذا انتشرت بدعة قيل: إنها سُنة)، ولذلك الواجب على كل مسلم حريص على معرفة السُننواتباعها أن يتنبه لها ، فإذا كان من طلاب العلم أَحْيَاهَا ، وإذا كان ليس منهم سألعنها حتى يُحيِيهَا ، فيُكتَبُ له أجرُ مَن أحيى سُنة أُمِيتَت بعده عليه الصلاة والسلام ، وذلكمن معاني الحديث المشهور الذي أخرجه الإمام مسلم وغيره من حديث جرير بن عبد اللهالبجلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {مَن سَنَّ في الإسلامسُنَّة حَسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن يَنقُصَ من أجرهم شيء ،ومَن سَنَّ في الإسلام سُنَّة سيئة فعليه وِزرها وَوِزْر مَن عَمل بها إلى يوم القيامة دون أنينقص من أجورهم شيء}.
هذا الحديث مَن سَنَّ في الإسلام سنة حسنة فإنما يعني من فتحطريقا إلى سُنة مشروعة، لأن كون السنة حسنة أو سيئة لا يمكن معرفتها إلا من طريق الشرعوليس من طريق العقل، فلا ينبغي لإنسان أوتي ذرة من إيمان أن يُحَسِّن أو يُقَبِّح بعقله ،لأن ذلك مِن مذهب المعتزلة سواء من كان منهم قديماً أو كان من أذنابهم حديثاً،أولئك هم الذين يُشَرِّعُون للناس بأهوائهم وليس بآيات ربهم وبأحاديث نبيهم ، ولذلك كانلزاما على كل داعية حقاً إلى الإسلام أن يُعنى بتذكير الناس ما كان من هذه السننالتي سَنَّهَا الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم أصبحت نَسْياً مَنْسِياً كما ذكرت آنفاً.
منهذه السُنَن التي أصبحت غريبة عن المصلين فضلاً عن غيرهم ، والتي عَمَّت وطَمَّت البلادالإسلامية التي طِفْتُ فيها أو جِئتُ إليها ، مِن هذه السُنن سُنَّة الصلاة إلى سُتْرَة ، وأقولسُنة على اعتبار أنها سُنة سَنها النبي صلى الله عليه وسلم لكل مُصَل ، ولستُ أعني أنهالا تَجِب ، ذلك لأن السُنَّة لها اصطلاحان:
أحدهما: اصطلاح شرعي لغوي.الآخر: اصطلاح فقهي.
السنة في اللغة العربية التي جاء بها الشرع الكريم هي المنهجوالسبيل الذي سار عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم هي تنقسم إلى ما هو فرض وإلىما هو سنة في الاصطلاح لفقهي.
واصطلاح الفقه كما تعلمون يعني بالسنة، ما يثابفاعله ولا يعاقب تاركه، وهي ليست بالفرض، وقد تنقسم إلى سنة مؤكدة وإلى سنة مستحبة،هذا هو الفرق بين السنة الشرعية وبين السنة الاصطلاحية الفقهية، أي أن السنة في لغةالشرع تشمل كل الأحكام الشرعية، فهي الطريق التي سار عليها نبينا صلوات الله وسلامهعليه، وتقسيم ذلك إنما يُفهم من نصوص الكتاب والسنة.
أما السنة الفقهية فهيمحصورة مما ليس بفريضة، رغم ذلك إلى ما كنت في صدد التنبيه عليه والتذكير به منالسنن التي أماتها الناس وصارت غريبة أمام الناس، وكلما تحدثنا بها جرى جدلٌ طويلٌحولها، وما ذاك إلا لعدم قيام أهل العلم بواجبهم من تعليم الناس وتبليغهم وعدمكتمانهم للعلم إلا من شاء الله تبارك وتعالى وقليل ما هم، هؤلاء القليل هم الغرباءالذين أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي ربما قدسمعتموه قليلاً أو كثيراً وهو قوله عليه الصلاة والسلام: {إن الإسلام بدأ غريباًوسيعود غريباً فطوبى للغرباء} وهناك روايتان أو حديثان آخران جاء فيهما بيان أو صفةهؤلاء الغرباء الذين لهم طوبى وحسن مآب، جاء في أحدهما أنهم قالوا: {يا رسول اللهمن هم هؤلاء الغرباء؟ قال: هم أناس قليلون صالحون بين ناس كثيرون من يعصيهم أكثرممن يُطيعهم}، ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يُطيعهم، وأنتمتشاهدون وتلمسون لمس اليد هذا الوصف الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهؤلاء الغرباء ـ فإن أكثر الناس لا يعلمون، وإن أكثر الناس لا يتقون، فهؤلاءالغرباء ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم، والحديثالآخر: سئل عليه الصلاة والسلام أيضاً عن الغرباء فأجاب بقوله صلى الله عليه وسلم: {هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي}.
وهنا الآن موضوعنا، فإن منالسنن التي أفسدها الناس بإعراضهم عن العمل بها حتى كثير من أئمة المساجد الذينينبغي ويُفترض فيهم أن يكونوا قدوة للناس، قد أعرضوا عن هذه السنة بالمعنى الشرعي،وصاروا يصلون في كثير من الأحيان في منتصف المسجد ليس بين أيديهم سترة، وقليل جداًلأنهم من هؤلاء الغرباء الذين نراهم يضعون بين أيديهم سترة يصلون إليها، لا يجوزللمسلم إذا دخل المسجد وأراد أن يصلي تحية المسجد مثلاً أو سنة الوقت، أن يقف حيثماتيسر له الوقوف وصلى وأمامه فراغ، ليس أمامه شاخص يُصلي إليه، هذا الشاخص الذي يصليإليه هي السترة، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة فيما يتعلقبالصلاة إلى السترة، فكثير منها من فعله عليه الصلاة والسلام وبعضها من قوله،ولعلكم سمعتم أو قرأتم حديث خروج النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد إلىالمصلى، والمصلى كما تعلمون هو غير المسجد، عبارة عن أرض فسيحة اتُخذ لإقامة صلاةالأعياد فيها وللصلاة على الجنازة فيها، ففي هذا المكان أو المسمى بالصلاة عادة لايكون هناك جدار ولا سارية عمود ولا أي شيء يمكن أن يتوجه إليه المصلي وأن يجعلهسترة بين يدي صلاته، ففي الحديث المشار إليه: {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذاخرج إلى صلاة العيد خرج ومعه العنزة – وهي عصاة لها رأس معكوف- فيغرس هذه العصا علىالأرض ثم هو يصلي إليها}.
هكذا كان عليه الصلاة والسلام إذا سافر أو خرج إلىالعراء فحضرته الصلاة صلى إلى سترة، فقد تكون هذه السترة هي عَنزَته، وقد تكون شجرةيصلي إليها، وكان أحيانا يصلي إلى الرَّحل، وهو ما يُرمى على ظهر الجمل يضعه بينيديه ويصلي إليه.
هذا هو السترة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليإليها في كل صلواته ، فنرى المسلمين اليوم قد جهلوا هذه السنة وأعرضوا عن فعلها ،وإذا كنتم تلاحظوا فيما بعد وادخلوا أي مسجد فترى الناس هنا وهناك يصلون لا إلىسترة ، هذا مع أن فيه مخالفة صريحة لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: {صلُّا كمارأيتموني أصلي} ففيه مخالفة أصْرح من ذلك وأخص من ذلك وهو قوله عليه الصلاةوالسلام: {إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ، لا يقطع الشيطان عليه صلاته}.
وفيرواية أخرى هما روايتان يقول عليه الصلاة والسلام: {إذا صلى أحدكم فليدنو من سترتهلا يقطع الشيطان عليه صلاته} ففي هذين الروايتين الأمر لأمرين اثنين:
الأمرالأول: أن المسلم إذا قام يصلي فيجب أن يصلي إلى شيء بين يديه.
والأمر الثاني: أن لا يكون بعيدا عن هذه السترة ، وإنما عليه أن يدنو منها ، هذا الدنو قد جاءتحديده في حديث سها بن سعد رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري في صحيحه: {أن النبيصلى الله عليه وسلم كان إذا صلى كان بينه وبين سترته ممرُّ شاةٍ} ممر شاة تكون عادةفي عرض شبر أو شبرين بكثير ، وإذا سجد المصلي فيكون الفراغ الذي بينه وبين السترةمقدار شبر أو شبرين ، هذا هو الدنو الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديثالثاني: {إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدنو منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته} فإذا صلىالمسلم في هذا المسجد أو في غيره فهو على خيار ، إن شاء أن يتقدم إلى الجدار القبليفيجعل بينه وبين قيامه نحو ثلاثة أذرع ، بحيث إذا سجد لا يكون بعيداً عن الجدار إلابمقدار المذكور آنفا شبر أو شبرين.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1137876
كما أن بعض الناس يُبالغون في التقرب إلىالسترة حتى ليكاد أحدهم أن ينطحَ الجدار برأسه ، هذا خطأ مخالف للحديث.
الناسكما تفهمون ما بين إفراط وتفريط ، ما بين مُهمل للسترة أو يصلي في منتصف المسجدوالسترة بعيدة عنه كلَّ البعد ، وما بين مُقترب إلى سترة حتى لا تجد بين رأسه وبينالسترة مقدار ممر شاة.
الصلاة إلى السترة قد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلموأمر بها وجعل بينها وبين المصلي مقدار ممر شاة.
وهنا يأتي السؤال الذي يفرضنفسه كما يُقال ، ما حكم الصلاة إلى السترة؟ وعلى العكس من ذلك ما حكم هذه الصلواتالتي يصليها جماهير الناس لا إلى السترة؟
منقول للفائــــــــــــــــده ولكم تحيتى …
جزاك الله خيرا
والدال علي الخير كفاعله
جعله الله في ميزان حسناتك
اشكرك علي النقل المفيد
مع ارق تحية
اخيكي
الكنج
بارك الله فيك
يسلمووو
وجعله الله في موازين حسناتك
ودمتِ بحفظ الله