إن الذين يشتاقون إلى الجنة ويعملون لنوال رضوان الله لا بد أن يكونوا من الصادقين الصابرين، لا يرهبهم بطش الطغاة، ولا ظلم الظالمين، ثابتين على الحق، لا يضعفون مهما اشتد الظلمة في ملاحقتهم، ومضايقتهم في عيشهم، وترويعهم في مساكنهم، لا يخشون إلا الله ولا يزيدهم اجتماع الكفر عليهم إلا صلابة وقوة ((إن الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم)).
إن الرسل وأصحابهم قد ابتلوا في سبيل الله فصبروا ونصروا، وهكذا سنة الله أن يأتي النصر بعد الصبر. عن عبد الله خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: ‹‹قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه لا يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون››.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#16902#post143223
ولقد أتم الله دينه ونصر رسوله وصحبه، وكذلك سننصر بإذن الله ما دمنا نسير سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، ونخلص في حمل دعوة الإسلام، ونصبر على الأذى في سبيل الله ((إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)).
إن الصبر لأمر عظيم، وهو ليس العيش الذليل والرضا به أو ألسكوت على ظلم الظالم وعدم الإنكار عليه، بل هو تحمل الأذى بالغاً ما بلغ لتغيير منكر أو قول كلمة حق، لإعلاء كلمة الله فهي العليا، وإزهاق كلمة الباطل فهي السفلى. هذا الصبر لا يقوى عليه إلا المؤمنون المخلصون الأتقياء الأنقياء، الذين يتقربون إلى الله بالفرائض والنوافل، والذين يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله. فلنحرص على أن نكون منهم على الدوام، في المنشط والمكره، وفي السراء والضراء، فيجعل الله لنا النصر، وتعود الخلافة الراشدة التي وعدنا الله سبحانه وبشرنا بها رسوله صلوات الله وسلامه عليه، ويومها تضاء الدنيا بنور الإسلام من جديد، ويخزي الله الذين كفروا والمنافقين ويشفي صدور قوم مؤمنين.
———————————