اقتنعت به بعد أن ردّوني خاسراً.. كانت مسكينة ( أمل ) التي رضيت به .. فقد كان ( عماد ) رجلاً حالماً..لا يقامر ولا يقامر على حساب أيامه.. رجلٌ يبحث عن تأكيدات ذاته يناور و يحاور ولكنه لا يملك الشجاعة.. ولعواطفه حدود ضمن دائرة عمله..
هي .. بل ( هم ) وأقصد أهليها.. الذين لم أذق طعم الحلاوة حتى في تمرهم فقد كان ( عذقاً) قد رضوا لأبنتهم..لأنهم يرونه دءوباً في عمله يتبوأ منصباً يحسده عليه الكثيرون.. غريب جداً ..فهو شخص لا يملك حضور شخصه وأقصد ( عماداً ) ولكنه يملكه بحضور عمله.. لأن عمله حياة أخرى بالنسبة له..
خرجت من عندهم بعد أن كان الجواب منهم مسبقاً..وفتحت مذكرتي الخاصة وكتبت :
" لقد رضيت به ( أمل ) ولكن.. هو رجلٌ لا يحفظ الشعر, و لا يعرف أصول الحوار الهامس وغير الهامس..فقد كان الكلام عنده بحساب وثمن.. وهو لا يرى المرأة صيداً فيطرده.. بل يرى نفسه مطروداً.. فهو كالسهل الفيضي لا تخصب علاقة ما معه..
وطرقت منزل ( سعاد ) كان القلب بدقاتي يئنّ. .والعواصف تلعثم لساني .. أطرقت برأسي خجلاً ووجلاً.. وألقيت بعباراتي في لمّ شمل المودّة بهم والازدياد قرباً منهم..
ولكن هي .. أي ( سعاد ) لا تريدني.. فقد أحبّت ( عاطف ) ولكن .. تلعثمت.. وقلت : (عاطف)؟ فأومأوا: أي نعم ؟
خرجت مسرعاً .. وفتحت المذكرة بعد أن ألقيت عليهم الوداع بأدب ..
واستهللت الصفحة بأخرى.. ( عاطف ) : رجلٌ عنده المرأة شيء ثانوي.. طرفة أو نادرة أو نسمة تمرّ عليه ولا تحرّك لديه حسّاً..
أوه.. كيف تكون أيامه وأيامها إذا لم تكن لديه الأنثى عاطفة ؟ هو يملك كل إمكانيات التفوق.. ولكنه متردّد.. وهو رجلٌ يكذب.. وخاصّة على المرأة.. والرجل الذي يكذب على المرأة يفقدها للأبد..
وعندما تقارب خطوي معلناً إعيائي عن مواصلة مسيري.. بحثت عن مكان أستريح فيه.. فاتكأت على كرسي.. زفيري غمر المكان بسيمفونيته والأشجار تمايلت مع النسيم العليل الذي يلفّ المكان.. وتمايل الشجر في منزلهم.. إنه منزل ( هيفاء )..
ضغطت على الجرس في استحياء..فرحّبوا بي وأدخلوني بحفاوة كدت أن أنسى ما جئت لأجله.. جلست معهم في المكان المعدّ للضيوف.. قدّموا لي ما يكرّم به الضيف.. استأنست وقرّت نفسي.. وكدت أن أبدأ في الكلام.. ولكن قطع علي تلك اللحظة قدومه بـ( كرشته ) التي تتهادى أمامه.. والفرحة تعلو محيّاه..
وأزاحوا بأنظارهم إليه يستشفّون الفرحة من أعماق ( عبّاس ) ذو الوجه العبوس.. والذي اكتحل وقتها بالضحك.. رجل الأعمال الشهير..
رحّبوا به كما لو أنهم لم يرحّبوا به قبل دخولي.. ثم استمعوا منصتين لحديثه.. فاستغللت تلك اللحظات لأفتح مذكرتي وأسطّر فيها:
رجل أشعث أغبر ( أكرش ) مجهد.. يلاحق الأيام واللحظات.. ويجلد أوقاته الحلوة بسياطٍ من القسوة.. رجلٌ لا تناوب بين قلبه وعقله و( بطنه )..في قلبه عطبٌ بسيط.. وفي عقله عراكٌ هائلٌ..
يرصد في حساب أيامه كمّية من الفوائد المدّخرة.. لا يقبل الخسارة ولكنه قد ينتظر الربح حتى لو جاء متأخراً.. عنيف..وأحياناً يبدو خجولاً وهادئاً ومسلّماً كما هو أمامي الآن فلا شيء يماثل المال في حياته رغم مظهره الأقلّ من المستوى العادي.. وهو يقول عكس ما يعمل..
إنه نموذج فريد.. هكذا فـ( هيفاء ) مولعةٌ به..
أغلقت المذكرة بعنف.. انتبهوا لي.. لقد نسيت أنني أجلس بينهم..تلفتوا بعيون سائلة.. فأبلغتهم ( سلام الوالد ) وكذلك ( الوالدة ) وحتى ( أخي الصغير ) وأغلقت الباب خلفي.. فلا أحد تكرّم بالخروج معي..
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#4840#post32322
تجاهلتني الدروب التي كنت أسلكها.. وأصبحت عندها غريباً فقد راحلته ومعها زاده.. اتكأت على جدار الصبر.. وتجرّعت مرارة الهزيمة.. ولعلّ الرابعة ( ثابتة ) ليس كما ( الثالثة ) !!..
كان المنزل في أحد تلك الطرق الغريبة.. استقبلوني بطريقة غريبة .. ورحّبوا بي بلهجةٍ غريبةٍ..
وقبل أن أدخل عندهم سألتهم من عندهم ؟؟ فقالوا : ( العم حامد )..اختصرت المسافات والدروب وحتى الكلام..
خرجت.. فلا حاجة للتفاصيل.. وفتحت المذكرة : ( العم حامد ).. رجل عنده المرأة سيدة مؤمنة إن أتت فهي سيّدة أيامه ولياليه.. كما هو في حديثه العالي عن ( ليلى ).. ولكنه رجل يذلّل نفسه.. يرى لنفسه حقّاً ولا يرى للطرف الآخر حقاً.. وقد يتطرّف في المطالبة بحقوقه دون أن يتذكر قطّ أن عليه أن يسأل نفسه : ( هل من حقّه أن يكون له حقّ ؟ )..
لا يتسع قلبه إلا لمغامرات يراها ضرورية..( طبعاً مغامرات من وراء حجاب )..يتظاهر بالمرونة والليونة ومن طبعه الحقيقي أنه يرفض كل مالا يرافق هوى في نفسه..
ينتابه ما يشبه الغضب المفتعل عندما يفشل أو ينكشف أمره.. لكن كل شيء لا يهمّ مادام البديل لديه موجوداً..
لم يبق لي غير بيت ( جواهر ).. فهي الإنسان الوحيد الذي يقدّر الحياة الزوجية.. تلك الفتاة الرائعة التي بلطفها وثقافتها وعلاقاتها الاجتماعية المميزة تأسر لبّك بل وتستحوذ على اهتمامك..
أقبلت وكلّي شموخ ومهابة.. لعلّي أكون ( فارس أحلامها ) و ( سلطان زمانها )..
هي لم تجرحني.. لأنها كما قلت لكم : ( اجتماعية مميزة ).. ولكنها تريد ( دكتوراً )..
أي كـ( سالماً )..ضحكتُ أن رأت الدكتوراة بعيون ( سالم )..
أرجوكِ يا ( جواهر ) خذي ( سالماً ) واتركي ( دكتوراه )..
( سالم ).. توقفت و أستحييت أن أقولها.. ولكن مذكرتي احتوت كلماتي بين صفحاتها..
أوه أقصد ( الدكتور ) سالم .. الأشياء من حوله صغيرة جدّاً لا تأخذ عنده حجماً كما يجب.. وهو يرى نفسه ذلك الذي لا يشقّ له غبار في علمه وسعة أفقه.. وقد يكون في الأمر شيئاً من المعقول ولكن ليس كما يتوهّم هو..
تخاصم مع كلّ العالم ونسي أن يخاصم نفسه أيضاً.. وهو منطوٍ .. غير قادر على أن يتوه في دوّامة علاقات اجتماعية تطول.. كالزواج..لأنه سيصبح زوجاً ولكن بلا ( أحلام شاعر ولا أوهام فنّان )..
بخاف إلى درجة لا يستطيع التعبير بالكلام.. وباتت عباراته تتلجلج .. ولا يستطيع الإفصاح حتى لو قتله الصمت..
يستعمل في حديثه العادي عبارات كبيرة لا يتحمّل محدّثه أن يحاوره فيها..ولكنه يستمرّ..
ولا يحبّ الأضواء حوله.. خاصّة إذا كانت على شيء لا يريده.. فهو بطريقته الخاصّة يوصي بأن على الآخرين أن يعرفوا من هو؟؟
( إنه رجلٌ تنقصه معرفة نفسه )..
تركت رأسي يعتصر آلامه.. فما لي في البنات من نصيب.. وذهبت لمكتب قبول طلبات الخاطبين.. ووجدت في الطابور معي خاطبين يملأون بيانات خاصة لـ( مجلّة اجتماعية ).. تحاول لمّ شتات العازفين وإكمال لهم نصف دينهم..
الطلبات عندهم بأرقام خاصّة وبدون صور.. وبدأ الخاطبون بتعبئة البيانات.. أغلبهم إن لم يكونوا كلهم ممن أعرفهم أو تربطني بهم علاقات..
كانت أساليبهم في اختيار شريكة حياتهم غاية في الرقّة والسهولة والعذوبة..
بحيث أنهم لا يبالون بالجمال إذا كانت تقدّر ( هي ) الحياة الزوجية.. وأن ترضى العيش معه على الكفاف..
فمثلاً.. وهنا أفتح المذكرة لأسجّلهم على عجلٍ..
( ماهر ) : متأنّق نظيف.. رقيق.. تأتيه لحظات ضعف كثيرة.. وهو مكبّل بقيود فرضها على نفسه..ولكنه شخصيّة صارخة حادّة وعنيفة.. وينقلب بشكل مفاجئ من هدوءٍ عجيب إلى غضب هادر..
و ( عبد الرحمن ) : الذي تزيّنه ( نظارات ).. من يراه يظن أنه مثقفاً واعياً.. ولكنه لا يعرف القراءة وبينه وبينها قطيعة كبيرة.. ( والرجل الذي لا يقرأ بعده ألف علامة استفهام )..
أما المتقوقع ( فيصل ) : فروحه مرحة .. وتملكه روح الدعابة ويحبّ نفسه.. يستأنف الحبّ ولو كان بعد طول هجر.. ويقبل من المرأة محاكمتها له.. ولا يلغي شروطها.. وهو نصير للمرأة حتى وإن ظلمته.. يقول عن نفسه أنه ( ابن حواء ).. ولكنه ملتفّ بعباءة غائمة وغير واضحة..
قد يبدو أنيقاً بغير ترف..ولكن من يعايشه عن قرب يجد أنه بعيد عن السلوك الحضاري..
( دائماً الصدق يكسب ) .. و ( الصدق منجاة ).. وهو يكذب ويكذب..
فكيف يكون رجلاً وكاذباً في وقت واحد ؟؟
وهناك عند الركن المظلم كان ( ناصر ) ينتظر دوره في تقديم أوراقه..
( ناصر ) : كما عرفته.. إنسان لا تملكه إلا أنانيته..لا يرى الناس إلا من خلال نفسه.. ولا يصفو مع أحد.. إلا إذا كان لهذا الصفاء ثمناً.. وهو يريد دائماً أن تأتيه الأشياء وهو متكئ..وكلّ لحظاته ( مرآةٌ ) عاكسة لذاته..
طبعاً أمامي يقف هادئاً ورقيقاً.. ولكنه عندما يصل إلى مراده.. يتنمّر وينتابه هياج ضد كلّ الأشياء حوله.. وقد يدوس بأقدامه كل اللحظات التي سعت إليه حبّاً..
امتلأت ( مذكرتي ).. وضاعت عباراتي.. وبقيت على حالي.. انظر إلى البعيد.. للأفق الذي يحتوي الوجود بأسره..
أوه..كم هم كثير حين تعدّهم .. ولكن في النائبات قليل..
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=32322
لا أدري لمن أطلق هذه الكلمات ؟؟
ولكن كتبت بياناتي بحروف مذكّرتي المفتوحة ( خاطباً )..
( إني أنتظر أن أحظى بقلب امرأةٍ .. لا أن أشتريه )..
دامــع الـــشـــجــــن
ألف شكر
وألف تحية لك ولعودتك
شكرا على المشاركة
وسوف تكون قصتك من ضمن المشاركات في المسابقة
ويعطيك ألف عافية
مع خالص تحياتي