قال تعالى: ( ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكينٍ إلى قدرٍ
معلوم فقدرنا فنعم القادرين ويلٌ يومئذ للمكذبين ). المرسلات 20 ـ 24
بهذا الأسلوب المعجز يشير تعالى إلى حقيقتين علميتين ثابتتين ليس في علم الأجنة فقط، وإنما
في علم التشريح و الغريزة أيضاً الحقيقة الأولى: هي وصف الآيات للرحم بالقرار المكين و الحقيقة الثانية:
إشارة إلى عمر الحمل الثابت تقريباً، أو ما أسماه القرآن: القدر المعلوم، و كأني بالقرآن الكريم
، يدعوهم للبحث و التأمل لما تحتويان من الأسرار كما سنرى في تفصيلنا لهما،إن شاء الله
ـ القرار المكين: قال تعالى: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون
12 ـ 13
12 ـ 13
نطفة.نطفة ضعيفة لا ترى إلا بعد تكبيرها مئات المرات، جعلها الله في هذا القرار،فتكاثرت و تخلقت
حتى أعطت هذا البناء العظيم،و خلال هذه المرحلة كانت تنعم بكل ما تتطلبه من الغذاء و الماء
و الأوكسجين، في مسكن أمين و منيع و مريح، و تحت حماية مشددة من أي طارئ
داخلي أو خارجي حقاً إن هذا الرحم لقرار مكين
القصة شيقة و ممتعة لا يملك من يطالعها إلا أن يسبح الخالق العظيم،و هو يرى تعاضد الآليات المختلفة:
التشريحية،و الهرمونية،و الميكانيكية،و تبادلها في كل مرحلة من مراحل تطور
الجنين، لتجعل من الرحم دائماً قراراً مكيناً
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#233068#post2076279
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#233068#post2076279
فتشريحياً:
1 ـ يقع الرحم في الحوض بين المثانة من الأمام و المستقيم من الخلف،و تتألف من
ثلاثة أقسام تشريحية هي: الجسم و العنق و المنطقة الواصلة بينهما و تسمى المضيق
2 ـ يحيط بالرحم جدار عظمي قوي جداً، يسمى الحوض، و يتألف الحوض من مجموعة عظام
سميكة هي العجز و العصعص من الخلف، و العظمين الحرقفين من الجانبين و يمتدان ليلتحمان
في الأمام على شكل عظم العانة،هذا البناء العظمي المتين لا يقوم بحماية الرحم من الرضوض
و الضغط الخارجية من الجوانب كافة فحسب، و إنما يطلب منه أن يكون بناءا و ترتيبا تشريحيا
يرضى عنه الجنين، بحيث يكون ملائماً لنموه،متناسباً مع حجمه و شكله،و أن يسمح له عندما
يكتمل نموه و يكبر آلاف المرات بالخروج و المرور عبر الفتحة السفلية إلى عالم النور،و بشكل
سهل فأي اضطراب في شكل الحوض أو حجمه قد يجعل الولادة صعبة أو مستحيلة،و عندها يلزم
شق البطن لاستخراج الوليد بعملية جراحية تسمى القيصرية
3 ـ أربطة الرحم:
هناك أربطة تمتد من أجزاء الرحم المختلفة لترتبط بعظام الحوض أو جدار البطن تسمى
الأربطة الرحمية تقوم بحمل الرحم،و تحافظ على وضعيته الخاصة الملائمة للحمل و الوضع،
حيث يكون كهرم مقلوب، قاعدته في الأعلى و قمته في الأسفل، و ينثني جسمه على عنقه
بزاوية خفيفة إلى الأمام، كما تمنع الرحم من الانقلاب إلى الخلف أو الأمام،
و من الهبوط للأسفل بعد أن يزيد وزنه آلاف المرات
هذه الأربطة هي:
الرباطان المدوران،و الرباطان العرضيان،و أربطة العنق الأمامية و الخلفية و لندرك أهمية
هذه الأربطة، يكفي أن نعلم أنها تحمل الرحم التي يزداد وزنه من (50) إ قبل الحمل إلى (5325)
إ مع ما تحويه من محصول الحمل و أن انقلاب الرحم إلى الخلف قبل الحمل قد يؤدي للعقم لعدم
إمكان النطاف من المرور إلى الرحم، و إذا حصل الانقلاب بعد بدء الحمل فقد يؤدي للإسقاط
و هرمونياً:
يكون الجنين في حماية من تقلصات الرحم القوية، التي يمكن أن تؤدي لموته، أو لفظه
خارجاً، و ذلك بارتفاع عتبة التقلص لألياف العضلة الرحمية بسبب ارتفاع نسبة هرمون
البروجسترون الذي هو أحد أعضاء لجنة التوازن الهرموني أثناء الحمل و التي تتألف من:
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=2076279
1 ـ المنميات التناسلية: كمشرف
2 ـ هرمون الجريبين كعضو يقوم بالعمل مباشر
3 ـ هرمون البروجسترون
كعضو يقوم بالعمل مباشرة تتعاون هذه اللجنة و تتشاور لتؤمن للجنين
الأمن و الاستقرار في حصنه المنيع، فلنستمع إلى قصتها بإيجاز:
ما إن تعشعش البيضة في الرحم حتى ترسل الزغابات الكوريونية إلى الجسم الأصغر في المبيض
رسولاً يدعى المنميات التناسلية تخبره بأن البيضة بدأت التعشيش،و تطلب
منه أن يوعز للرحم أن يقوم بما عليه من حسن الضيافة
وفعلاً يقوم الهرمون بالتأثير المباشر على الدم ليقوم بتأمين متطلبات محصول الحمل، كما
أن للهرمون و اللوتئين ( البروجسترون )، كما ذكرنا، الفضل في رفع عتبة تقلص العضلات
الرحمية، فلا تتقلص إلا تقلصات خفيفة تفيد في تعديل وضعية الجنين داخل الرحم و في الشهر الثالث
يبدأ الجسم الأصفر يعلن عن اعتذاره عن الاستمرار في تقديم هذه الهرمونات،و يميل للضمور، و في
هذا الوقت تأخذ المشيمة ـ التي تكون قد تكونت ـ على عاتقها أمر تزويد الحمل بمتطلباته
المتزايدة من الهرمونات حتى نهاية الحمل
وهكذا نجد لغة التفاهم و التعاون ظاهرة في هذه اللجنة
الهرمونية و الجهات التي تصدر عنها
المرجع مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب
الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق.