الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يـوم الـدين
أمـا بـعـد
فسلام من الله عليكم ورحمته وبركاته
(القبر)هو أول منازل الآخرة فكيف بنا أهملنا بنيانه وقوضنا أركانه وليس بيننا وبين الانتقال إليه إلا أن يقال: فلان مـات . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه))وقال عليه الصلاة والسلام((القبر أول منازل الآخرة فمن نجا منه فما بعده أيسر منه ومن لم ينج منه فما بعده أشد منه ))
فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون
القبر أول ليلة بالله قل لي فيـه مـا يكـون
أخواني الأحبه:
نظرة واحدة بعين البصيرة في هذا القبر والله سوف تعطيك حقيقة هذه الدنيا فبعد العزة وبعد الأموال وبعد الأوامر والنواهي وبعد الخدم والحشم وبعد القصور والدور ، أهذه هي نهاية ابن آدم في هذه الحفرة الضيقة المظلمة .
تا الله لو عاش الفتى في عمره = ألفاً من الأعوام مالك أمره
متلـذذاً فيهـا بكـل نعيـم
متنعماً فيها بنعمى عصـره
ما كان ذلك كله في أن يفي
بمبيت أول ليلة في قبـره
أخواني الأحبه:
انظر لحال الموتى وتأمل حالهم ومآلهم فوالله إنه سيأتيك يوم مثل يومهم وسيمر عليك ما مرّ بهم ، ألا فاعتبر استعد ، ولا تغفل ولا تنسى مصير ومآلك ، فهل تصورت نفسك وأنت مكان هذا المدفون والله إنها نعمة كبيرة أن أعطاك الله العبرة من غيرك ولم يعط غيرك العبرة منك ، فأعطاك الفرصة أن تحاسب نفسك وتستعد لذلك المصرع ، فهلاّ استفدت من هـذه الفرصة مـا دام في الوقت مهلة { لمثل هذا فليعمل العاملون }وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني قدموني ، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها : يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولم سمع الإنسان لصعق))رواه البخاري
فتخيل نفسك يا عبدالله وأنت محمول على الأعناق وعلى أي الحالتين تحب أن تكون .قال صلى الله عليه وسلم((والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً أخي ******ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله بالبكاء ولحثيتم على رؤوسكم التراب))وهذا الكلام موجه للصحابه – رضي الله عنهم – فكيف بك أنت أيه الغافل اللاهي تلهو وتلعب وتغني وتعصي الله صباحاً ومساءً ولا كأن أمامك موت ولا قبر ولا حشر ولا نشر ولا كأن أمامك هذه الأهوال العظيمة فما أقسى والله قلبك وما أقل عقلك ، فتنبه لذلك أيه المسكين إن كنت تعقل وتفهم .
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#12951#post104777
وجاء في الأثر أن الإنسان إذا وضع في قبره وكان فاجراً عاصياً تقول له الأرض والله إن كنت لمن أبغض الناس إليَّ وأنت تمشي على ظهري فجئت اليوم في بطني فسترى ماذا أصنع بك من غيضي فتخيل يا عبدالله وأنت في هذا القبر الموحش المظلم يقال لك مثل هذا الكلام فحينئذ لا ينفعك نـدم ولا صياح ولا بكاء ولا أنين .
وجاء في الحديث أيضاً أن الميت إذا وضع في قبره جاءه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه فإن كان ممن مات على الذنوب والمعاصي لم يوفق للإجابة فحينئذ يُضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه ويضرب بمرزبة من حديد لو ضُرب بها جبل لهدته وتفتح له نافذة إلى النار ويرى مقعده فيها ويأتيه من حرها وسمومها ويبقى وهو في قبره في عذاب على حسب عمله ، وإن كان الميت ممن أطاع الله وعمل صالحاً فإن الله يثبته ويوفقه للإجابة ويوسع له في قبره وينور له فيه ، وُيرى مقعده من الجنة ويفرش له قبره خضراً إلى قيام الساعة .
فيا عبدالله أي المقعدين تريد ؟ وأيهما أهو عليك طاعة الله أم تلك الأهوال التي أمامك ؟ والله إن طاعة الله أهون عليك بكثير مما أمامك فما الذي يمنعك من ذلك وماذا تنتظر !.
أخواني الأحبه :
هل تذكرت لحظة الفراق عندما تلقي آخر النظرات على هذه الدنيا وتستقبل الآخرة بما فيها من الأهوال والصعاب فإما أن تنتقل إلى روح وريحان وجنة ونعيم وإما أن تنتقل إلى سموم وحميم وتصلية جحيم فاعمل من الآن عملاً ينجيك بإذن الله مما أمامك من أهوال ما دام في الوقت مهلة وما دمت تستطيع ذلك لتخرج من هذه الدنيا مرتاحاً وفرحاً مسروراً بلقاء ربك وبما أعده لك من النعيم المقيم .
ولدتـك أمـك يابـن آدم باكيـاً
والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا
في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .