أنا ياسيدى شاب عشت تجربة فريدة واود أن اضعها أمام قرائك ليستفيدوا منها مثلما استفيد أنا
من تجارب الآخرين..فقد نشأت فى أسرة ميسورة الحال..ووالدى ظابط شرطة وصل اٍلى اعلى رتبها
وهو أبن باشا سابق اما والدتى فسيدة مجتمعات مثقفة جدا ،ولى شقسقة وشقيق يشغلان الآن وظيفتين
محترمتين..وانا الأبن الاكبر لأبوى..وقد نشأنا جميعا فى جو أرستقراطى يهتم كثيرا بالشكليات والتقاليد
وكل شيىء فيه بمواعيد ونظام..وصداقتنا العائليه كلها من نفس المستوى .
ولأسباب لااعرفها حتى الآن وجدت نفسى لااميل كثيرا اٍلى هذه الحياة..ولاأجد نفسى فى صداقات الشباب
والفتيات من وسطنا الاٍجتماعى..فاتجهت صداقاتى كلها اٍلى الشباب البسطاء المكافحيين مما جعلنى موضع نقد
من أفراد أسرتى الذى اتهمونى بأنى لااحافظ على مستواى الأجتماعى !
ولأن ابى قد ورث عن ابيه ميراثا ضخما فقد كنا نعيش حياة مترفه وعندما التحقت بكلية الطب كانت لى سيارة بويك كبيرة أذهب بها اٍلى الكلية وكثيرا مارجوت أبى أن يستبدلها بسيارة صغيرة لكيلا أشعر بالحرج من زملائى
وأساتذتى فكان يرفض باٍصرار وكنت اتعمد تركها بعيدا نسبيا عن مبنى الكلية…
وأثناء دراستى بالكلية ارتبط عاطفيا باسحدى زميلاتى شدتنى اٍليهاببساطتها ولمست فى اعماقها حنان الدنيا فضلا عن جمالها وذكائها وكانت متفوقة وكنت أيضا متوفقا وتعاهدنا على الارتباط الأبدى باٍذن الله ،وجاء يوم التخرج ونجحنا نحن الاثنين بتقدير عال…وجاءت اللحظة التى ينبغى أن احول فيها حلمنا اٍلى حقيقة وفاتحت أسرتى برغبتى فى خطبتهاودعوتها لزيارتنا فجاءت ورأها أبى وأمى واخوتى واعجبوا جميعا بجمالها وهدوئها وذوقها فى أختيار ملابسها…
وبعد الزيارة سألنى أبى عن مهنة أبيها ومااٍن أجبته حتى انفجرت براكين الغضب فى أعماقه وهب واقفا
يحطم بيديه الأكواب التى أمامه ويعلن باٍصرار أن هذا الزواج لن يتم أبدا…فهل تدرى ياسيدى لماذا؟
لأن والد حبيبتى ….حلاق نعم حلاق واقولها بكل فخر واعتزاز لانه رجل شريف مكافح ادى واجبه تجاه
|أسرته وحقق مالم يحققه لبعض البشوات فأهدى الى الحياة ثلاثةأطباء ومهندسا معماريا وظابط رغم
انه لم ينل حظا كافيا من التعليم.
وانحازت امى الى جانب أبى وانحاز معهاشقيقى وشقيقتى ووجدت نفسى وحدى أتساءل ماذنبى أنا
وفتاتى فى ان يحرم كل ما من الآخر…وانا الذى لم يعرف للدنيا معنىاْلا بعد أن احببتها؟
وقررت أن أدافع عنحبى وحياتى وتوجهت الى بيت حبيبتى وقابلت اباهها ..واعطيته صورة صادقة
عن الموقف ففوجئت به بعد أن عرف بمعاضة أسرتى يرفض هوأيضا زواجى من ابنته ويقسم انه
لن سمح بذلك أبدا لانه لايرضى لنفسه ولا لأسرته أن يقال عنهم قد ضحكوا على وخطفونى من أسرتى
وحين رأى تمسك أبنته بى أعلن بكل وضوح انه سيتبرأ منها لو تزوجتنى على غير ارادته وارادة اسرتى
ووجدنا نفسنينا حائرين ..أسرتى ترفض بسبب نظرة اجتماعية بالية…وأسرة حبيبتى ترفض دفاعا عن كرامتها
وقررت بعد تفكير طويل أن أضع حدا لهذا العذاب فاصطحبت فتاتى ذات يوم ومعى صديقان الى مكتب المأذون
واخرجنا بطاقيتنا وطلبنا منه عقد زواجنا..وحين قال ياسيدى :قبلت زواجك على سنة اللهورسوله وعلى الصداق المسمى بيننا وعلى مذهب الامام أبى حنيفة النعمان(رضى الله عنه )…أنهمرت دموعى ودموعها
ودموع صديقى
وخرجنامن مكتبه زوجين أمام الناس لنواجه قدرنا وحدنا بلا سند الا الله سبحانه وتعالى ،ولم تتاخر المتاعب
طويلا فما أن علم ابى بما حدث حتى
طردنى من البيت وسحب منى السيارة فخرجت من البيت احمل حقيبة ملابسى الصغيرة وفى جيبى سبع جنيهات هى كل مابقى معى بعد اجر الماذون ، وماأن علم أبوها بما جرى حتى طردها هى أيضا فخرجت من البيت ومعها حقيبة ملابس صغيرة واربعة جنيهات ،ووجدنا نفسينا فى فى الشارع بلا مأوى..وكنا فى شهر فبراير
ولم يبقى سوى شهر على تسلم عملنا كطبيبى أمتياز حيث سيتقاضى كل منا أربعين جنيها ،وكانت ليلة طردنا شديدة البرودة..فجلسنا فى محل نحتمى داخله من الصقيع ونفكر فيما سنفعل..وكلما مرت ساعة ولم نجد مأوى ازداد خوفنا..حتى جاء الفرج ونجحت الاتصلات بأحد أصدقائى واقترضت منه خمسين جنيها وذهبنا الى احدى اللوكاندات الشعبية الرخيصة..وحين احتوتنا الغرفة المتواضعة لأول مرة ..كان كل منا يعرف فى اعماقه أن
امامنا أياما صعبة لن يخفف منها سوى عطف كل منا على الآخر وحمايته له …وعشنافى هذه اللوكاندة فترة تسلمنا خلالها العمل فى المستشفى ،ثم وفق الله أحد أصدقائى ان يجد لنا شقة من حجرتين على الطوب الاحمر
فىبيت صغير فى زقاق ضيق بأحد الاحياء الشعبية ،وكانت هدية من السماء لأن صاحبها كان فى حاجة الى نقود فتقبل تاجيرها بلا مقدم ولا خلوبخمسة وعشرين جنيها ،وفرحنا بها فرحة كبرى ،وأسرعنا ننتقل اليها
واشترينا اول أثاث عرفناه لبيتنا وكان مرتبة من الاسفنج ووسادتين ومكتبا خشبيا صغيرا وكرسيين ووابور
جاز..وبرادا وكوبين وحلتين فقط لاغير.
وفى العش الهادىء عشنا حياتنا سعداء بوجودنا معا لا بزعجنا فيه شيىء سوى كثرة الفئران والحشرات
وكانت زوجتى قوية الارادة فتعاهدنا على أن نبنى حياتنا دون مساعدة من احد..وكانت أيضا مدبرة فكان
مبلغ الخمسة والخمسين جنيها التى تتبقى لنا بعد دفع الايجار تكفينا طوال الشهر للأكل والمواصلات ولكن بلا ترفيه أو شراء ملابس ،واحبنا جيراننا البسطاء..وأحببناهم وكانوا يشفقون علينا من شظف حياتنا وبتعجبون من سوء حالنا ونحن طبيبان حتى قال احدهم بتلقائية غريبى((كنا فاكرين ان كل الدكاترة كلهم اغنياء لكن ياما
ف الحبس مظاليم))
وخففت عنا صداقتهم بغض الصعوبات فكانت جاراتنا يعرضن خدماتهن على زوجتى بشهامة صادقة فتطلب منها مثلا جارتنا ملابسنا لكى تغسها مع غسيلنا لاننا طبيبان ومشغولان بالعمل..وتطوع الاخرى بشراء
حاجبات البيت لها ..وتصر الثالثة على ان تشاركها تنظيف الشقة بهمة ،وأناأنذكر هذه الاشياء البسيطة
الآن..لأنى كثير ماوجدت فيها تعويضا لنا عن جفاء اهلنا وقسوتهم علينا فى هذه الايام الصعبة رغم علمهم
بكل ظروفنا ، ففى مقابل هذا العطف من الجيران البسطاء..لم يحاول احد من اهلنا السؤال عنا …بل لم يتركونا
فى حالناففوجئنا فى احدى الليالى وانا وزوجتى نائمين بعد يوم عمل شاق فى العمل بأربعة وحوش يقتحمون
شقتنا ويحطمون المكتب والكرسيين وبمزقون المرتبة الوحيدة التى ننام عليها وكتبنا واوراقنا ويسبونا بأفظع
الشتائم…بحجة انهم يفتشون الشقة!
ثم خرجوا ورئيسهم يهددنى قائلا :انتم لسه شفتم حاجة..علشان تبقى تتحدى الباشا! يقصد أبى الذى قد كان
قد ترقى وقتها لرتبة اللواء !
وخرج الرجال الاربعة…وانحنينا نحن نلملم الاسفنج الذى تفزز من بطن المرتبة ونعيد حشوها ونخيطها..
ونجمع كتبنا الممزقة..ونحاول اصلاح المكتب والكرسيين …ثم غلبنا التعب فنمنا على المرتبة وقد أمسك
كل منا بالآخر بقوة كأنه يحتمى به مما تخفيه به الايام
وبالفعل قد انتابنى الاحساس بان أبى لن يدعنا فى حالنا ..وتحققت مخاوفى حين أبلغنى صديق لى بأن أبى يدبر أن يلفق لزوجتى قضية آداب ! اسن هذا ماحدث والله العظيم ولم يرجع أبى عن نيته اٍٍلا بعد ان أقسم له صديقى
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#90988#post1410974
بانه سيقنعنى بتطليقها راجيا منه ألا يفعل ذلك لكيلا ((أعاند)) واتمسك بها اكثر لو حدث لها مكروه، وأصبحت
مهمة صديقى هى أن يزوره كل عدة أيام ليطلب منه الصبر..حتى ينجح فى اقناعى بالطلاق وذلك بهدف اضاعة
الوقت لعله يهدأ وينسانى قليلا …وخلال ذلك جاءت فترة التجنيد وامضيت عامل لااتقاضى فيه سوى ستة جنيهات كل شهر وكنت اعمل لهذه الفترة ألف حساب ولكن الله لم ينسنا فوجدت زوجتى عملا فى مستوصف قريب من البيت واصبحت هى التى تتولى الانفاق على الاسرة.
وانتهت فترة التجنيد وخرجت من الجيش لأجد زوجتى مصممة على تسجيل الماجستير لى ولها فظننت أن عقلها قد أصابه الجنون ! فقد كنت أنتظر بفارغ الصبر انتهاء مدة التجنيد لكى نبحث عن عمل فى الخارج
ونبعد بعيدا عن قسوة الاهل وتربصهم بنا ،لكنها صممت وقالت لى اننا متفوقان وقد صمدنا للضيق والشدة
والمضايقات فلماذا لانكمل المشوار العلمى ثم نحقق أحلامنا.
واستجبت لاقتراحها مرغما ومعجبا بها وبقوة ارادتها فى نفس الوقت وسجلت أنا وهى للماجساير …وقاسينا
من الضيق والشدة أشد مما قاسيناه فى بداية زواجنا..ويكفى ان اقول ان طعامنا خلال الشهرين الاخيرين من الدراسة كان لا يتجاوز الخبز والدقة والملح والماء تقريبا ،واننا كثيرا ماقاسينا الجوع فى ليالى المذاكرة الطويلة..ولم نجد مانسكته سوى الماء ، ومازلت أذكر حتى الآن انى أسرفت ذات ليلة فى شرب الماء ، لكى
أتقيىء الجوع فانقلبت معدتى وتقيأت وشعرت بالجوع أكثر وأكثر ولم نملك الا التضحية ببضعة قروش فخرجت فى الليل أبحث عن شيىء يؤكل…
ورغم ذلك كنا سعداء …ولم نشك يوما ..ولم نندم ولم أر زوجتى مرة باكية او حزينة أو غاضبة لأى سبب من الاسباب ..بل كنت كلما رفعت رأسى عن الكتاب ..متململا وجدتها تنظر لى بعينيها الجميلتين والابتسامة
******ة تغطى وجهها..فابتسم لها ثم أحنى رأسى مرة اخرى على الكتاب وقد زال ضيقى
وكلل الله جهودنا بالنجاح فحصلنا على الماجستير فى ومن قياسى خلال عامين فقط ..لكن ازمتنا لم تنفرج بل
عشنا عاما آخر بعد الماجستير نعانى من شظف العيش وننام فوق المرتبة وليس فى حياتنا أية نسمة راحة
حتى وفقنى الله بعد جهد جهيد فى الحصول على عقد عمل لى ولزوجتى فى احدى الدول العربية ولأول مرة بعد
خمس سنوات من العناء عرفت حياتى النوم على فراش وعرفنا التلفزيون بعد ان كنا قد نسيناه
وعرفنا الطعام الجيد بعد ان كما ودعناه منذ خمس سنوات
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1410974
وخلال عامين كنا قد تمكنا من شراء شقة تمليك فى احدى أحياء القاهرة واثثناها …وأشتاقت نفسى للعودة
الى بلدى بعد بعد ان وجدنا لانفسنا مأوىر كريما ، لكن حبيبتى المجنونة خرجت على مرة أخرى بطموح
جديد هو ان نحصل على زمالة كلية الجراحيين الملكية بلندن..وبنفس المنطق: نحن متفوقان… وقد مضت أيام الشدة ولدينا الان النقود التى تسمح لنا بالانفاق على الزمالة..الخ ..وباختصارفقد حصلنا على الزمالة من لندن بتوفيق الله..وبجهدنا واجتهادنا وبعد الحصول عليها تعاقدنا للعمل فى دولة اخرى بمرتبين خياليين وتقدمنا فى عملنا فأصبحت مديرا فنيا للمستشفى الذى اعمل به وأصبحت زوجتى مديرة للقطاع الطبى بالشركة التى تعمل بها ورزقنا الله بطفلة جميله لم اتردد فى ان اسميها باسم شريكة كفاحى وشقائى وسعادتى اى باسم زوجتى
النهاية
وبعد 3 سنوات من الغربة..عدنا القاهرة فى اجازة..وفى داخلى تصميم على شيىء لم أصارح به زوجتى الا
بعد وصولنا لمصر بأسبوع هو ان نحتفل بزفافنا الذى لم نحتفل به يوم تزوجنا منذ 8 سنوات لان من حق حبيبتى أن ترتدى ثوب الزفاف الابيض الذى لم ترتديه وان أرتدى أنا أيضا بدلة الفرح التى لم يكن لى مثلها حين تزوجت ..وصممت ونفذت وتحديت الجميع وأقمت الحفل فى نادى الشرطة !
ودعوت أصدقائى اللذين وقفوا جوارنافلى وقت الشدة..وتصدر الحفل جيرانى البسطاء فى شقة الطوب الاحمر
فرحين مندهشين ودخلت القاعة مع زوجتى بثوب الزفاف وامامنا المشاعل..والشموع..وفرقة الزفة…
وطفلتى تجرى بين اقدام المدعويين وتضحك سعيدة وهى لاتدرى انه حفل زفاف ابويها!
ونمت ليلتها قرير الغين شاكرا لربى نعمته التى انعمها على …
اننى اكتب اليك الان لانى سعيد وراض عن كفاحى لاقول لكل انسان
ان الصبر والكفاح يحققان للانسان مايريده لنفسه وان على كل انسان الا ييأس من رحمة الله
لان لكل شدة نهاية ولكل ضيق اخر وعينا فقط ان نؤدى واجبنا تجاه انفسنا ثم نسلم الامر للخالق
جل شأنه ليختار لنا مايشاء…والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[IMG]http://reemah999.******.com/مشاركه.gif[/IMG]