أيّها المسلم، هذا يوم الجمعة يومٌ عظيم من أيّام الله، هذا اليوم هَدانا الله له يا أمّةَ محمّد؛ فضلاً منه وكرَمًا، وأضلَّ عنه مَن قَبلَنا من اليهود والنصارى، وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [البقرة:105]. هذا يومٌ يعظِّمه المسلمون، يعظِّمون الصلاةَ فيه، ويهتمّون به، ويعدّون حضورَه نعمةً من نِعَم الله عليهم، [وحُقَّ] لهم ذلك؛ فهو يومٌ من أفضل الأيّام، يقول فيه : ((خيرُ يومٍ طلعَت عليهِ الشمس يومُ الجمعة؛ فيه خلِق آدم، وفيه أدخِلَ الجنّة، وفيه أخرِجَ منها، ولا تقوم الساعة إلا يومَ الجمعة))، ثم قال : ((نحن الآخِرون الأوَّلون يومَ القيامة، ونحن أوّلُ أهل الجنّة دخولا))، ثم قال: ((نحن الآخِرون الأوّلون يومَ القيامة، بيدَ أنَّ كلَّ أمّةٍ أعطِيَت كتابها قبلَنا، فهذا يومُهم فاختَلَفوا فيه، فهدانا الله لما اختلَفوا فيه من الحقّ، فهذا يومُنا، ولليهود غدًا، وللنّصارى بعدَ غد)). فقد أضلَّ الله عن هذا اليومِ مَن قبلَكم، واختصَّكم به فضلاً منه وكرَمًا وجودًا وإحسانًا، فاعرِفوا لهذا اليوم فضلَه، واعرفوا له شأنَه، واعلموا أنّه يومٌ مِن أفضل الأيام وأجلِّها، يوم يلتقِي فيه المسلمون فيَسمعون توجيهاتِ الخطيب، فيخرجون وقد تزوَّدوا عِلمًا وفَهمًا وإدراكًا لِواقِعهم وحَلاًّ لمشاكِلهم بتوفيقٍ من الله وهِداية.
أيّها المسلم، صلاةُ الجمعةِ فَرض على كلِّ مسلمٍ مقيم، فرضٌ عليه أن يؤدِّيَ هذه الصلاةَ، فإن أدّاها فهو من المؤمِنين الموقنين، وإن ضيَّعَها فهو من الخاسِرين.
أيّها المسلم، لا يرضَى بتركِ الجمعة مؤمِنٌ يؤمن بالله واليومِ الآخر، ولا يتساهَل في حضورِهَا من في قلبِه داعي الإيمان. إنّه يوم من أفضلِ أيّام الله، لكم فيه فضلٌ كبير وأَجر عظيم لمن حضَر واستمع واستفادَ.
أيّها المسلم، إنَّ تضييعَ صلاة الجمعةِ في حقِّ المسلم المقيمِ المستوطِن يعتَبَر من كبائر الذنوب، سمع عبد الله بن عمر وأبو هريرةَ سمعوا رسولَ الله على أعواد منبره وهو يقول: ((ليَنتَهِيَنَّ أقوام عن وَدعِهم الجمعاتِ ثمّ ليَطبع الله على قلوبهم فيكونوا من الغافِلِين))، وفي الحديث الآخر: ((من ترَك ثلاثَ جمعٍ تهاونًا طبع الله على قلبِه))، وفي الحديثِ الآخر: ((لقد همَمتُ أن آمُر رجلاً فيصلِّي بالناس، ثم أحرِّق على رجالٍ بيوتهم لتخلّفهم عن الجمعة)).
أيّها المسلم، فإيّاك والتهاونَ بها وتضييعَها، فذاك نقصٌ في إيمانك، قال : ((أيّها الناسُ، توبوا إلى ربِّكم قبلَ أن تموتوا، وصِلوا الذي بَينكم وبين ربّكم، بكثرةِ ذِكره تنصَروا وتؤجَروا))، وقال: ((ألا إنَّ الله افترض عليكم الجمعة في ساعتي هذه في يومي هذا في مكاني هذا في شهري هذا في عامِي هذا، فمن تركها بعدِي وله إمامٌ عادل أو جائر ألا فلا صلاةَ له، ألا فلا زكاةَ له، ألا فلا حجَّ له، ألا فلا صومَ له، ألا فلا برَّ له، إلاّ أن يتوبَ)).
أيّها المسلم، إذاً فالمطلوبُ منك أن تهتمَّ بهذا اليوم، وأن توليه العنايةَ المطلوبة؛ لتكون من الفائزين برضوانِ الله ومغفرته وجنّته، ففيهِ ساعةٌ لا يوافِقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا إلاّ أعطاه، في هذا اليوم ساعةٌ لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا إلاّ أعطاه، وهذه الساعة إمّا آخر ساعةٍ من يوم الجمعة، وإمّا إذا صعد الإمام المنبر إلى أن تقضَى الصلاة، فهما وقتان يرجَى فيهما إجابة دعاء العبد إذا دَعا اللهَ مخلِصًا موقنًا بالإجابةِ.
أيّها المسلم إنَّ نبيَّنا أرشدَنا في يومِ الجمعة لآداب عظيمة، فمن ذلكم أنّه حثَّ على غسلِ يوم الجمعة ورغَّب فيه وأمرَ به، فيروي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّه سمع النبيَّ يقول: ((مَن أتى الجمعةَ فليغتسِل))، ويروِي سمرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ قال: ((غسلُ الجمعة واجبٌ على كلِّ محتلم))، ممّا يدلّ على تأكُّد هذا الغسلِ وعَظيمِ شَأنه، ويقول مبيِّنًا فضلَ غسل يوم الجمعة وفضلَ التبكير إليها: ((من اغتَسَل يومَ الجمعة غسلَ الجنابة ثم راح في الساعةِ الأولى فكأنما قرَّب بَدَنة، ومن راح في الساعَةِ الثانية فكأنما قرَّب بقرَة، ومن راحَ في الساعةِ الثالثة فكأنما قرَّب كبشًا، ومن راح في الساعةِ الرابعة فكأنما قرَّب دجاجةً، ومن راح في الساعة الخامِسَة فكأنما قرَّب بيضَة، فإذا دخَل الإمام حضَرتِ الملائكة يستَمِعون الذكر)).
أيّها المسلم، لقد ابتُلِيَ المسلمون وللأسَفِ الشديد بالتّهاون بالحضور ليومِ الجمعة، فلا ترى الأكثرَ يحضر إلا وقتَ الأذان أو في أثناءِ الخطبة أو عند انتهائِها، وهذا تفويتٌ لفضل عظيمٍ وخير كبير.
فيا أخي المسلم، اقتَطِع من وقتك يومَ الجمعة جُزءًا تحضر فيه مبكِّرًا؛ لتتلوَ من كتاب الله وتذكرَ الله وتتهيَّأ لهذهِ الصلاة، فتكون من المسابقين لفعل الخيرات، فالنبيّ أخبر أنَّ مَن توضأ وأحسن الوضوءَ يومَ الجمعة وأتى المسجدَ وصلّى ما قدِّر له وأنصَتَ إذا تكلَّم الإمام ثم صلَّى الجمعة غفِرَ له ما بينه وبين الجمعةِ الأخرى وزيادة ثلاثةِ أيّام.
أخي المسلم، إنَّ تبكيرَك للجمعةِ فيه فضلٌ كبير لك في الدنيا والآخِرة، أتى عبد الله بنُ مسعود الجمعةَ فإذا ثلاثُ نفر قد سبَقوه فقال: رابِع أربعة، وما رابع أربعةٍ ببعيد، سمعت النبي يقول: ((يجلس المؤمنونَ من ربِّهم يومَ القيامة على قدرِ إتيانهم للجمعة)).
أيّها المسلم، ورسولُ الله أدَّبنا بأدبٍ آخر، وهو أنّه ألزم المأمومين الإنصاتَ عندما يتكلَّم الإمام، وحرَّم عليهم التحدُّث أثناءَ خطبة الإمام، وأوجب عليهم الاستماع والإنصاتَ، يقول : ((إذا قلتَ لصاحبك: أنصِت والإمامُ يخطب فقد لغوتَ))، وقال أيضًا : ((الذي يتكلَّم يومَ الجمعة والإمام يخطُب كمثل الحمارِ يحمِل أسفارا، والذي يقول له: أنصت فلا جمعةَ له)).
أيّها المسلم، وأدّبَنا رسول الله بأدَبٍ آخر، فحرَّم على المسلم تخطِّي رقابَ الناس يومَ الجمعة، ونهاه عن إيذاءِ المسلِمين، يقول لما رأَى رجلاً يتخطَّى رقابَ الناس، قال: ((اجلِس فقد آذيتَ وآنيتَ))، وقال: ((الذي يتخطَّى رقابَ الناس يومَ الجمعة كالذي يجرّ قصبه في النار))، وقال: ((الذي يتخطَّى رقابَ الناس يومَ الجمعة اتَّخذ جسرًا إلى النار))، كلُّ ذلك تأديبًا لاحترامِ المسلمين وعدمِ المضايَقَة وعدم إيذائهم بتخطّي رقابهِم.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#36739#post416217
أيّها المسلم، هذا يومُ الجمعة، يجِب عليك الإنصاتُ والاستِماع والاهتِمام والإِكثار مِن ذكر الله والصلاةِ على نبيّه .
أيّها المسلم، ويُشرَع لكَ إذا دخلتَ المسجدَ يومَ الجمعة أن تصلِّيَ ما قسَم الله لك، فإن كان الإمام يخطُب فاكتفِ بركعتين فقط، رأَى النبيّ سُلَيكًا الغطفانيّ وقد دخل وهو يخطب فجلس، فقال: ((أصلَّيتَ ركعتين؟)) قال: لا، قال: ((قم فاركع ركعتين وتجوَّز فيهما)).
أيّها المسلم، إنَّ ممّا ينبغي التنبيه عليه أن لا نقطعَ صلاةَ الآخرين، وأن لا نمرَّ بين المصلّي وبين يدَيه، فإنَّ النبيَّ يقول: ((لو يعلم المارُّ بين يدَي المصلّي ماذا عليه لكان أن يقفَ أربعين خيرًا له من أن يمرَّ بين يدَي المصلّي))، قال أبو النضر: لا أدري أقالَ: أربعين يومًا أو أربعين شهرًا أو أربعين عامًا؟! تحذيرًا لقَطع صلاة المصلّي، والمطلوب من المصلّي أن يكون أمامَه سُترةٌ حتى يمرَّ المارُّ مِن ورائها.
وسُنَّ للمسلم بعدَ الجمعة أن يصلّيَ أربعَ ركعات بتسليمَتَين؛ لأنَّ النبيَّ يقول: ((من صلّى الجمعةَ فليصلِّ بعدَها أربعة)).
فيا أخي المسلم، هذه فرصةٌ في عمرِك، في أسبوعك، فرصة عظيمة لك، تتقرَّب إلى الله في هذا اليومِ بالتّبكير للجمعة قدرَ الإمكان والإكثارِ مِن ذكر الله وتلاوةِ القرآن والصّلاة على محمّد وترقّبِ ساعة الإجابة والجدِّ والاجتهاد في ذلك، عسَى أن توفَّق لخيرٍ، وأن تهدَى للخيرِ، والله يعين كلَّ من أراد خيرًا وقصدَه، يعينه الله ويسهِّل عليه مهمَّتَه، المهمّ أن لا يكون في القلبِ غفلةٌ عن ذكر الله، ولا تهاونٌ بهذه الفريضة، ولا تكاسُل عنها.
عباد الله، الجمعة فرضُ الوقتِ، والجمعة من أفضل الأيّام، ولكن للأسف الشديد يتهاوَن بعض المسلمين في أدائِها، ويتَكاسل البعضُ عن أدائها، وهذا حِرمانٌ لهم من الخير.
أيّها المسلم، إن كنتَ مهتمًّا بالجمعةِ ومعتنِيًا بها وحريصًا عليها فأظنّ ذلك لن يتعبَك ولن يعجزَك، سواء كنتَ مقيمًا في بلدِك أو جاعِلاً يومَ الجمعة يومَ سياحةٍ لك ويومَ نزهة لك، فبِإِمكانك الجمعُ بين النزهة وبين صلاةِ الجمعة، القُرَى والهجر كلُّها ميسَّرٌ أمرُ الوصولِ إليها، والطرقُ السريعة خَدَمت كلَّ المناطق، وبإمكانك أن تنزلَ قربَ مسجدٍ أو تأتي الجمعة، فإنَّ ذلك ميسَّر لك؛ فالطّرق السريعة والطرُق التي خدمَت كلَّ الهِجَر والقرى، وأصبح الإنسان بإمكانِه أن يجمعَ بين نزهتِه وفرجَته وبين هذا اليوم، فلا يضيِّع هذا اليومَ ولا يفوِّته.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=416217
أمّا ما يعتاده البعضُ منهم ـ هدانا الله وإياهم ـ ربما يمضي شهرٌ وشهران، كلّ جمعة موضع نُزهة من هنا وهناك، فكأنّ الجمعةَ يسيرة في حقِّه، وكأنها رخيصة عنده، وهذا ـ يا أخي ـ حِرمان للخير، فما دمتَ ـ يا أخي ـ إذا خرجتَ لنزهتِك واحتجتَ إلى أيِّ حاجة لو كماليّة ضربتَ لها الكيلوّات لتحصُلَ عليها، فهذا اليومُ العظيم لماذا التساهلُ والتهاوُن به؟! لماذا لا تخطِّط لنفسِك أن تكونَ نزهتُك بقربِ جامع مَا منَ الجوامع في أحد القرى والهِجَر ونحو ذلك لتؤدِّيَ فيه الفريضة، فتجمَع بين الخيرين؟! وذاك دليلٌ على حرصِك على الخير واهتمامِك به.
ومِنَ الناس أيضًا ـ هدانا الله وإياهم ـ ربَّما أقاموا صلاة الجمعةِ في استراحةٍ ما من الاستراحات، إذا اجتمعوا أقاموا صلاةَ الجمعة، وهذا أيضًا من الخطأ؛ لأنَّ هذه الجمعةَ لا تقام إلا في المساجد، فالمساجد هي التي تقام فيها الجمعة، ولا تقام في البراري، والنبيّ في أسفاره كلِّها ما كان يقيم الجمعةَ في البراري، فإنَّ الجمعة إنما تقام في المساجد، لا تقام في الصحاري؛ لأنَّ الجمعةَ يُشتَرط فيها الاستيطان في المكان الذي يُقيم فيه، فلا تصِحّ جمعةٌ في استراحة ما منَ الاستراحات، بل هذا خطأ، بل جمعتُهم باطلة؛ إِذِ الواجب أن تقامَ هذه الجمعة في مساجدِ المسلمين المهيَّأَة لذلك، وهذا واضحٌ ولله الحمد، وانتِشار الجوامِع في الطرقاتِ السريعةِ واضحة لا إشكالَ فيها، فمَن أراد الخيرَ وقصَد الخير فإنّه يهتمّ بهذا اليوم، يهتَمّ بحضور الجمعة، ويعتني بها العنايةَ المطلوبة، ويعدّها فرصةً سانحة له؛ ليتقرَّبَ إلى الله بأدائِها، ويتعرّض لساعةِ الإجابة، فعسى دعوة تُستَجاب، وعسى توبة تقبَل، وعسى ذنب يغفَر، والله ذو الفضل العظيمِ، أسأل الله لي ولكم التوفيقَ والسداد.
اطال الله في عمره ونفع به الاسلام والمسلمين وجزاه الله خير .
دمتم بخيرررررررر
جزاك الله خيرا
وجعله فى ميزان حسناتك
ان شاء الله
فى انتظار ابداعك
جزاك الله خيرا
مجهود رائع رائع
اكثر اللة من امثالك بين شباب المسلمين
فى انتظار ابداعك المقبل
دمت فى خير دائم ان شاء اللة
جزاك الله الف الف خير ..
ما اجمل ان نجد في شباب المسلمين من يحرص على صلاة الجمعة ويدعوا لها ..
يعطيك الله الف عافيه ..,,,