تتسلل العتمة بخفة لتغطى مداد الكون المظلم, مساحة للأخيلة وعالم لم يعد غير بضعة أمتار متقاربة. أطفأ عيناه والتصق بزاوية الحائط البارد
مضى علي سجنه الانفراد أكثر من شهرين متتالين, وفي السجن يفقد الزمن مقاييس العد المألوفة فلا الدقيقة ولا الساعة ولا حتى اليوم تشكل أدوات ملائمة لعبور مساحات الأنتظار الموحش وتصبح الذكريات أوراق أجندة ممزقة فعليه أن يوزع ذكرياته وأحلام اليقظة بحرص شديد حتى لا يصاب بالفراغ الذي أرادوا له أن يصبح جسر المرور لكلمات لا يجب ان تقال.
في تلك الخرافيات القديمة ملاذ له ووجوه الأبطال أستحضار لعزيمة يحتاجها بشدة للبقاء خارج أسوار الأعتراف الأبدية, هنالك تأتي اشياء منسية ووجوه مختبئة في التفاصيل الظاهرة للشعارات المرفوعة فوق المقاصل الشرسة, كان يدرك بأن عليه ان يبقى جذوة الغضب مشتعلة في جوفه وأن يوقد برودة القيد ليشعل منها مليون شعلة تضيء الطريق للخروج من مصيدة الجسد وأنين العظم حين تتكسر فوقه العصا الغليظة.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#25076#post249636
حاول عبثا ان يطرد حلما بشعا يطارده منذ عدة ليال, لم يكن حلما بل كان هاجس مفجعا " حين يعود الشهداء" تعاوده تلك المسرحية / القصة بشراسة وقحة فكلما مر بتفاصيلها المركونة فوق رفوف وعيه القديم أحس بغصة شديدة وأسئلة تنفجر في وجهه, هل حقا سيعود منسيا مثلما عاد الشهداء ليكتشف معهم نهاية مخيبة لكل هذه التضحيات وليدرك جوف الشعارات الرومانسية وبان الأوطان حقول نفط؟؟؟؟؟؟
مخيف حوار النفس, تلك الصراحة التي لا تقبل انصاف الاجابات فمواجهة النفس أقسي من مليون محقق, فأنت أمام نفسك تعلم بانك تعلم ولكن أمام المحقق تبقى دوما تلك المعلومة الناقصة هي ورقتك الرابحة في انكار حتى ملامحك ان ضاقت الامور ووصلت المواجهة لحد نزرع الجلد.
عاد ليلتصق بالجدار مرة اخرى…مثلما كان يفعل عندما تشتد عضات الريح في الوادي البعيد, حكايته مع الجدران حكاية غريبة فعليها كتب أول كلماته وعليها تعلم رسم أول لوحاته والآن لم يبقى له من عالم ما بعد النوافذ غير برودة الحائط الاسود الممزوج بصرخات من سبقوه في فترات التحقيق العصيبة.
تبسم رغما عنه " لقد تفوقت اليوم علي المحقق…….جعلته يبدأ حفلة الركلات واللكمات مبكرا" منذ الجولة الاولى للتحقيق أدرك بان المحقق يفقد سلاحه الذكي حين يبدأ باستعمال جسده الغبي, فعقل المحقق هو أخطر ما فيه ومحاولته الدائمة لجر السجين الي رقعة الدفاع هي مفتاح انتصاره, ولهذا قرر اليوم ان يبدأ هجوما فريدا .هجوما يعرف بانه سينتهي الي بحورا من الألم والدم ………
صوت اقدام السجان ايقظه من سحابة التفكير, تحسس جرح كتفه الغائر ومواضع الألم المنتشرة في ارجاء جسده المنهك, عض علي شفتيه واطلق ابتسامته الواثقة………………..سأصمد هذه المرة ايضا.
شكرا على كلماتك الجميلة الرائعة
اتمنى الك التقدم الدايم
تحياتى
مرورك اسعدني
مشكور جريح علي الاطراء
وامنيتي لك مثلما تمنيت لي
دوام التقدم والنجاح
أخي اورليانو
قمة الجمال .. قمة الروعة في الأسلوب
انا شخصيا
أحسد نفسي أنني قد قرات هذه الروعة
وتحياتي لك
مهدي المصري
وفاءً لهؤلاء الذين يقبعون خلف قضبان الصمت البارد
كتبت هذه الكلمات مارا بذاكرتهم الغارقة بالبطولة
جميل ان نرسل اغاني الصباح توقظ عتمة الليل القاتم
^
^
^
مهدي
يا امة واحدة
وجودك بقربي يعني لي الكثير
دمت بكل حب وخير