الوقت : العاشره ليلا
المكان : ديوانيه منزلى
بعد ان انصرف المعزّين بوفاه زوجتى جلست لاستريح قليلا واشعلت سيجاره
لانفث دخان الهموم والحزن والوجد على فراق زوجتى رحمها الله
والأن انتهت أيام العزاء الثلاثه وأنا منهك القوى وبى من التعب ما الله به عليم
دخلت الى المنزل اسأل عن والدتى ووالده زوجتى فأجابت اختى أنهن
فى غرفه والدتى .. تلك الغرفه التى أصرت زوجتى رحمها الله على بنائها
لوالدتى اذا ما ارادت زيارتنا لتستريح بها وكانت زوجتى رحمها الله
تفكر بالخطط لاقناع والدتى لتبيت عندنا قدر المستطاع
طرقت الباب وفتحته بهدوء لأري والدتى مستمره ببكائها على زوجتى الراحله
وحماتى والده زوجتى تواسيها وتذكرها بالله وبقضاءه وقدره
اقفلت الباب بهدوء كما فتحته بهدوء وذهبت الى الصاله
لأري ابنائى وبناتى وكانوا أبنتان وثلاث اولاد
واكبرهم أبنتى شهد وعمرها 8 سنوات وقد صممّت على أن أكون رابط الجأش
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#92573#post1430769
حتى ينظروا لوالدهم المفجوع بأنه مثلهم الاعلى بالنوائب والمصائب
جلست بينهم أداعب اصغرهم ذو السنتين فيصل وبقلبى أسى وحزن شديد
لفتت انتباهى ابنتى شهد فهى ليست طبيعيه كثيره الالتفات وتبتسم وتكشرّ
بنفس الوقت وتلعب بشعرها بشكل غير طبيعى فاخذتها الى الصاله الاخرى
وجلست وهى واقفه امامى فقلت لها : ما بك يا حبيبتى ؟
فنظرت الىّ كأنها تعاتبنى وعيونها تقول ألا تعلم مابى يا أبى لقد فقدت أمى
كنت أجهل حال الاطفال فى حال فقدوا ابائهم أوامهاتهم هل يتأثرون
ضممت صغيرتى الى صدري بقوه فى أشاره الى أن تخرج أحزانها بالبكاء
وكأنها لم تصدق هذا الضوء الاخضر فانفجرت بالبكاء بصوره غريبه
فكان صوت بكاءها على وتيره ثابته ومنخفضه ومستمره
تسكت قليلا لتلتقط انفاسها ثم تعاود النحيب حتى احسست بدموعها بللت صدري
وبعد ان انتهت من نوبه البكاء اخذتها واخوتها الى المائده لنتعشى سويه
كان الصغار يأكلون أما أنا وابنتى شهد ففى حاله سكون مطبق
وبعد ذلك ذهبوا ليناموا فى غرفهم وذهبت الى الجناح الخاص بى وفتحت الباب
يالله كم هى موحشه هذه الغرفه الأن فالسكون رهيب والحزن خيّم فى ارجائها
تمددت على السرير لانام واذا بى استرجع الذاكره لبدايات زواجى بهذه المراه
كان شهر العسل من أجمل ايام حياتنا الى ان اكتشفت حقيقتى المرّه
لتبدأ عاداتى السيئه تتكشّف أمامها ولكنها ( النادره )
كان ردّها على انفعالاتى وسيئاتى كلمتان اثنتان : الله يهديك
بدأت المشاكل بتكرر تأخري عنى المنزل لاوقات متأخره من الليل
واحيانا الى الفجر وأحيانا الى الصباح وأحيانا الى العصر من اليوم التالى
واثناء رجوعى متأخرا كانت تشم رائحه الخمر فينى وتسألنى عن هذه الرائحه
الكريهه فأبرر لها بأى شى ولكن افعالى الغير طبيعيه وترنحى بالمشى
وثقل لسانى وهذيانى أكد لها ان الكابوس المخيف حقيقه
فكنت اتشاجر معها واضربها ثم تصرخ بى : الله يهديك الله يهديك
وتذهب بهدوء لتتوضأ وتفرش سجادتها لتصلّى وكل ما أردت االامساك بها تكبّر
وتدخل بالصلاه فاتوقف عنها واتراجع خطوتين لأراها تصلى وتبكى
فأتراجع عنها وأذهب لاتمدد على السرير وأنام كما ينام البعير
كانت متديّنه تحفظ القران وتطيل قيام الليل ولا تعرف النميمه والغيبه
فأذا استيقظت فى اليوم التالى أري امامى وجه ملائكى مبتسم
وكأن شى لم يحدث فأعتذر منها عما بدر منى بالامس فتبتسم وتقول : الله يهديك
وذات مرّه سألتها لماذا تصليّن كلما تشاجرنا فكانت تقول رحمها الله
أذا احسست بانك سوف تضربنى الجأ الى ربى يحمينى منك واسأله لك الهدايه
واستمر حالنا هكذا
وفى ليله من الليالى أحسست بها تقوم من نومها وتتوضأ قبيل أذان الفجر
فقلت لها انه لم يؤذن الفجر
فقالت : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : أن الله ينزل الى السماء الدنيا
فى الربع الاخير من الليل ويخاطب عباده هل من سائل فأجيبه هل من محتاج
فأعطيه . ثم ذهبت لتصلى وانا تمددت لأري السماء من النافذه واقول فى نفسى
الله سبحانه وتعالى فوق هذه السماء ينزل لعباده ليقضى حوائجهم وأنا نائم!!
فسبحان الله ما أكرمه ونحن فى سباتنا غافلين
وبينما انا الان استرجع ذكرياتى معها رحمها الله اشاهد غرفتنا وصالتنا
هنا ضربتها وغضبت وهناك كانت تضحك وهنا كانت تعاتبنى وهنا كنا نتبادل
الاحاديث الجميله وما اجمل احاديثها وضحكتها ورائحتها
وبعد أسبوع من انتهاء العزاء نزلت لاتناول الافطار مع ابنائى لاوصلهم لمدراسهم
ثم اذهب لدوامى وجلست بينهم لأري ابنتى شهد قد كبرت خلال هذا الاسبوع
اضعاف عمرها فكانت شديده الاهتمام باخوتها الصغار
تعدّل هندام اخيها فهد وتبحث عن الحذاء المفقود لاخيها جرّاح وعندما جلست امامى
رأيت وجه الطفوله كالذى تسلّلت اليه عوامل الشيخوخه
تخيلت التجاعيد على بشرتها وشعرها الاسود قد مال الى البياض
وانا اسرح فى خيالاتى فاجاتنى بقولها : أبى اريد ان اتعلّم الطبخ
لأنى اعلم انك لا تأكل الا من يد والدتى ولا تأكل من يد الخادمه
وهنا رجعت بى الذاكره مرّه اخري الى النادره رحمها الله عندما سألتها أن كانت
تريد ان ابحث لها عن وظيفه حالها حال كثير من الزوجات
فكان ردها : أن بيتها هو مملكتها ولا يجب أن يغيب ناظرها عنه لحظه
وأنها منعت الخادمه من الطبخ ومن غسيل الصحون وتنظيف البيت
كانت رحمها الله تعشق اهتمامها فى بيتها من جميع النواحى
وكنت اداعبها بأن خادمتنا هى الوحيده بالكويت التى يحسدونها على وضعها
ولم ينتشلنى من بستان ذكرياتى الا صوت شهد : أبى أبى تأخرنا عن المدرسه
اوصلتهم الى مدراسهم ووصلت الى مدرسه شهد فقبلتنى ونزلت
واثناء سيرها الى باب المدرسه كان هناك بعض الامهات الحريصات
على ايصال بناتهن الى باب المدرسه ورأيت شهد تنظر الى زميلاتها وامهاتهم
وتطأطىء راسها وتكمل سيرها فى خطى متثاقله
ولا أعلم لماذا اخرجت هاتفى النقال من جيبى لاراه
كان هذا موعد اتصال النادره لانها كانت تعرف المده اللى استغرقها
لايصال اولادنا الى مدراسهم لتتصل بى وتقول : صباح الخير يا حبيبى
لتبدأ معى الاحاديث الصباحيه الجميله والمداعبه فكانت هذه عادتها
كانت تعرف مدى عصبيتى خصوصا فى الصباح وكانت هذه خطتها
لعلاجى من هذه العصبيّه فلا أصل الى الدوام ألا وانا فى افضل حالاتى
وعندما اعود الى المنزل كانت تحرص على تقبيلى اولا ثم تقبيل ابناءها
كانت تحب والدى والدتى حباا عظيما وتحرص على رضاهم
وفجأه اري نفسى لا زلت واقفا بسيارتى عند باب مدرسه شهد
وقد اقفلت المدرسه ابوابها وانا لا زلت ممسك بالتلفون النقال
انتظر اتصال من زوجتى وحبيبتى كعادتها
لتبدأ معى حديث الصباح الجميل بالكلام المعسول
وحديث الروح للروح وقفشاتها الجميله
رأيت التلفون النقال عليه لمحه الصمت والسكون الرهيبه
هنا فقط تأكدت أنى فقدتها وفقدت صوتها الى الابد
انهمرت الدموع من عينّى فجأه حزنا على النادره
ولا اريد العوده الى البيت بعد وفاه زوجتى لانه يشعرنى
بالحزن الشديد وكنت أريد ان اخرج من هذه الحاله
جميع من يعرفنى اصبح يعرف المأساه التى انا بها
كانوا يعرفوننى بانى شاب متهور مدمن الخمر عاشق السفر
لا أحلل حلالا ولا احرّم حراما كثير المشاكل ولكن بعد زواجى
لاحظوا تحسن حالتى على مدى سنوات
فكانت البدايه المواظبه على الصلاه فى اوقاتها
ثم أقلاعى عن معاقره الخمر ثم تحسن اخلاقى مع الجميع
دخلت الى البيت لاتخيلها جالسه كعادتها بالصاله تشاهد قناه المجد
ثم أراها تداعب ابننا فيصل وكيف تغنى له بصوتها الجميل
وكيف تتصل على والدتى لتتحدث معها بخفها دمها
حتى انى اخشى على والدتى بسبب ضحكها المستمر الذى اسمعه عن بعد
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1430769
أنها النادره التى جعلها الله سبب اخراجى من الظلمات الى النور
اشعر بالخوف الشديد فى غيابها وانا الذى يهابنى الجميع
احس بالضياع فى هذه الدنيا من بعدها
أخشى ان افتح الكبت الذى يحوى ملابسها
اريد ان اشم رائحتها الزكيّه فاخشى ادخل فى نوبه بكاء شديده
لا استطيع نسيان ذلك اليوم الذى رجعنا فيه من السفر
عندما احست بحراره شديده وذهبت بها الى المستشفى
وبعد فحصها اخبرنى الدكتور باصابتها بمرض السحايا
وبعد اسبوعين انتقلت الى جوار ربها
لا استطيع ان انسى منظرها وهى تبكى خائفه على مصير اولادها
ثم تسترجع رباطه جأشها وتقول ودموعها على خدها : استودعتهم واحد احد
هذي تجربة من نوع خاص مرت كأنها حلم
وعلي قدر ماكان بها من سعادة اري شبح الاكتأب يطاردني
كلما تذكرتها
انها النادره
.
.
.
.
اقوش
انا كاتب قصصي ولي اهتماماتي الدرامية بشكل خاص
وقصة النادرة من وحي خيالي لأحلق بخيالي الواسع لانثر افكاري وابعثر مشاعري
بثرثرة تحاكي قيمة اناس لا نحس بهم الا بعد فقدانهم
من بدايتها وانا ابجي ..
مادري صج دخلت الجو وتخيلت البيت وحتى تخيلت شكلها وعيالك ومكانكم
تخيلتك وانت تشم ريحتها وتبجي .. وتشوف الموبااايل ودموعك تنزل
جان ابجي وياك !
حتى شكل باب الغرفه تخيلته
طرت بعيد عن المنتدى .. تمنيت القصه ماتخلص
وصج كنت اتمنى مثل هالقصه علشان تنزل اللي فيني من الهم والدموع وارتاح .. تعبت وانا شايله بقلبي
وبالاخير تقولي خيال 🙁
روعه
روعه والله
والحين بقعد اسبوع جدام اتذكر القصه
<<– وشيسكتها من البجي عاد
شدعوة لطوفة طلعتي حساسة
خللاص مارح اكتب قصص عشان ماتنزل دموعج
بس تدرين حتا انا اثرت فيني بمني جذاب لا لا قصدي القصة من خيالي
بس اكيد فية ناس صارت لهم وماحسو بقيمة من احبوة الا بعد فرراقة سواء بطلاق او موت
ما انكر دمعت عيوني وانااقرأ القصه
الموت والفراق مب شي سهل وخاصة لاحبابنا>> ذكرتني بأبوي الله يرحمه صار له اكثر من تسع سنين متوفي لكن للحين حيل متأثره
ماشاء الله عليك اسلوبك يجذب القارئ ويخليه يتخيل حياتهم بتفاصيلها
قلبي عورني على هالاطفال اكثر شي لاني أم
ننطر منك اخوي قصص بنفس المستوى الراقي والابداع
ومرورج وتعليقج اضاف لنادرة لون بحجمها