هذه التناقضات في سلوك المراهق تقلق الأهل وقد تجعلهم في صدام شبه دائم معه
لا يختلف اثنان على أن المراهقة مرحلة صعبة على المراهق والأهل. ففي هذه المرحلة يريد المراهق أن يكتشف هويته وشخصيته الجديدة، وأن يقوم بالمجازفات ويستقل عن أهله، فتجده أحيانًا منكفئًا على ذاته وأخرى اجتماعيًا يحب الخروج ولقاء الأصدقاء، وأحيانًا يكون هادئًا وديعًا وأخرى ثائرًا لا يعجبه شيء ولا يتوقف عن انتقاد أهله… هذه التناقضات في سلوك المراهق تقلق الأهل وقد تجعلهم في صدام شبه دائم معه. من المعلوم أن التغيّرات البيولوجية التي تحصل للمراهق وخلال فترة تمتد سنوات عدة، أحد العوامل الرئيسية والمسبّبة لهذه التناقضات، فصورة الجسد التي تغيرت فجأة، تجعل المراهق في مواجهة مع نفسه لأنه يجدها غريبة عنه، فهو لم يعد طفلاً بل بدأت تظهر عليه معالم الرجولة، كذلك البنت المراهقة بدأت تتحوّل إلى امرأة.
ويرافق هذا التغيّر في صورة الجسد، تغيّر في التفكير الذي يصبح أكثر قدرة على استيعاب المفاهيم المجرّدة والمعاني الإنسانية، ويطرح حولها الكثير من الأسئلة الكبرى، يسأل عن معنى وجوده والحياة ويقلقه التفكير في مستقبله ويحاول إيجاد إجابات،
مما يفسّر توقه إلى المجازفات والخروج على القوانين المنزلية والتخلّص من سلطة الأهل. كل هذا يضع المراهق والأهل معًا أمام اختبار مرحلة المراهقة بكل تناقضاتها.- كيف يمكن تفسير ميل المراهق إلى القيام بالأمور الخطرة التي تهدد حياته كالقيادة بسرعة جنونية أو محاولته تجربة المخدرات أو تعاطي الكحول؟ من المعلوم أن المراهق يميل إلى القيام بالأعمال الخطرة، وهذا السلوك من المظاهر الطبيعية للمراهقة. ولكن لا يقصد المراهق عند إقحام نفسه في المجازفات استفزاز أهله، بل يبحث عن التجارب التي تمنحه شعوراً يحرره من قمقم الوالدين، ويثبت لهما أنه صار مستعداً لمواجهة العالم وحده بعيداً عن سيطرتهما.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#161752#post1967479
ولكنْ في بعض الحالات يعكس هذا التصرّف، خصوصًا إذا استمر فترة طويلة،ألمًا حقيقيًا يشعر به المراهق.
ولكنْ هناك سبباً آخر يدفعه للقيام بالأعمال الخطرة وهو أنه يريد أن يكون مثل باقي رفاق الشلّة. فمن المعروف أن شلة الأصدقاء تشكّل بالنسبة إلى المراهق مَعبرًا إلى العالم الخارجي، ومن خلالها يتماهى مع نماذج جديدة خارج الوسط العائلي.
لذا يجد المراهق نفسه أحيانًا أمام خيار واحد وهو الالتزام بمعايير الجماعة والتخلّي عن نموذج الأهل، ليكون منسجمًا مع باقي أفراد الشلّة. لذا يجدر بالأهل مراقبة تماهي ابنهم لأن له دورًا بارزًا في بناء الشخصية، ويجب أن يجري ضمن ظروف طبيعية وملائمة، فضلاً عن أنه على الأهل أن يكونوا أصدقاء لأبنائهم المراهقين لا شرطة أو مراقبين مزعجين، وإلا فإن المراهق سيحاول حذفهم من حياته النفسية.وفي مقابل هذا الجنوح نحو السلوك الخطر، قد يكون رأي الأهل إنها أزمة مراهقة وتعبر، مما يدفع المراهق لزيادة درجة المجازفة الخطرة، وهذا مؤشر لأنه يعاني انهيارًا عصبيًا قويًا قد يؤدي إلى الانتحار. فالقول مثلاً لمراهقة، أخضعت نفسها لحمية قاسية، إن تصرفها غنج، في الوقت الذي تكون قد خسرت عشرة كيلوغرامات ثم خمسة عشر خلال مدّة قصيرة جدًا، فهذا مؤشر لميلها إلى الانتحار ولا يجوز أبدًا الاستخفاف بهذا السلوك.
صحيح انه لا يجوز تحويل كل ما يقوم به المراهق إلى تراجيديا وأن معظم المراهقين يعبرون هذه المرحلة بسلام، ولكن إذا أظهر مراهق إشارات بأنه يعاني اكتئابًا حادًا على الأهل أن يسألوا عما هو خفي. وقد يصعب عليهم التمييز بين أزمة مراهقة عادية وبين اضطرابات نفسية خطرة، ولكن هناك دائمًا إشارات.
فالمراهق الذي لا يكترث لشيء، وعلاماته المدرسية تدنت بشكل لافت، أو المراهق الذي يدخن الممنوعات، ويلتزم الجلوس في غرفته ولا يذهب إلى المدرسة، ولا يكون لديه علاقات اجتماعية، أو يعاني أنوركسيا و منقطع عن الطعام لا يلتقي أصدقاءه، على الأهل أن يقلقوا عندما تبدو على ابنهم هذه المظاهر.
أما النصيحة التي يسديها الاختصاصيون فهي أن يكون الأهل حاضرين دائمًا للاستماع إلى أبنائهم كي يرافقوهم في مرحلة المراهقة ويساعدوهم في عبورها إلى مرحلة الرشد بسلام.
– كيف يمكن إجراء حوار بين الأهل والمراهق القليل الكلام؟
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1967479
بطريقة بسيطة جدًا، المبادرة بحديث أو تعليق بسيط كأن تقول الأم مثلا «يبدو عليك التعب أو هذا العطر التي تضعه يليق بك» هذه الجملة البسيطة يمكن أن تفتح باب الحوار مع المراهق، فهذا يظهر له أنها تهتم به. ولكن على الأهل أن يحاولوا قدر الإمكان تحرّي الأمر لمعرفة اللحظة المناسبة لفتح حوار معه.
كما يمكن التفكير أيضًا في توفير جو هادئ ليجلس الأهل والابن مع بعضهم وجهًا لوجه حيث يسهل التحدث معه. مثلاً التحدث معه مساء قبل النوم من دون أن ينسوا طرق باب غرفته قبل الدخول إليها.
فالمراهق في حاجة إلى اهتمام أهله وفي الوقت نفسه إلى احترامهم خصوصيته، وطرق الباب قبل دخوله يعني بالنسبة إليه أن أهله يحترمون مساحته الخاصة ورغبته في الاستقلالية.
حياك الله
وبارك في خطاكم واكرم مثواكم
وأسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم
وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم
وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم
ودمتم على طاعة الرحمن
وعلى طريق الخير نلتقي دوما