تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » اللعن والسباب

اللعن والسباب 2024.

اللعن والسباب

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن الحمد لله ،

نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونثني عليه الخير كله

، ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لحمد في الأولى

والآخرة ، وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن محمداً عبده

ورسوله ، أما بعد :

فمن الصفات القبيحة ، والخصال الذميمة ، والأخلاق

الدنيئة التي تحلى بها بعض الناس ، خلق اللعن

والسباب ، وهما صفتان لا ينبغي لمسلم أن يتصف

بهما ، لأنهما من أنواع الذنوب ، ولا شك أن الذنوب

تنقص الأجور ، وتوغر الصدور ، وفيها محق للحسنات

وجمع للسيئات ، وإنزال في الدركات .

فلما كان الأمر بهذه الخطورة ، كتبت هذه الورقات

مبيناً فيها خطورة اللعن والسباب ، وبيان خطورتهما

على من اتصف بهما ، ناصحاً لنفسي ولكل من اطلع

عليه من إخواني المسلمين للحذر من مغبة الوقوع

في هذه الكبيرة العظيمة .

فأقول متوكلاً على الله ربي ، وهو حسبي ونعم الوكيل .

أولاً / معنى اللعن :

اللَّعْنُ : الطرد والإبعاد من الخير ، واللَّعْنَةُ : الاسم ،

والجمع لِعانٌ ولَعَناتٌ . [ مختار الصحاح ] .

ثانياً / معنى السباب :

السَّبُّ : الشَّتْم ، ويقال سَبَّه : يَسُبّه سَباًّ وسٍبَاباً .

قيل : هذا مَحْمُول على من سَبَّ أو قاتَل مُسْلما

من غير تأْويل .

ولا تسْتَسِبَّ له أي : لا تُعَرِضْه للسَّبِّ وتَجُرّه إليه ،

بأن تَسُبَّ أبَا غيرِك ، فيسُبَّ أباكَ .

وقد جاء مفسَّرا في الحديث : " إن من أكبر الكبائر

، أن يسُبَّ الرجُل والِد يه ، قيل وكيف يسُبّ والِدَيه ؟

قال : " يَسُبُّ أباَ الرجُل فيسُبُّ أباهُ وأمّه "

[ متفق عليه ] .

ثالثاً / خطورة اللعن والسباب :

لا شك أن اللسان سبب للنجاة من النار ، أو سبب

للوقوع فيها .

ولقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ترك

اللسان على غاربه ، في العصيان والطغيان ،

وأنه سبب لانتقاص صاحبه أمام الناس في الدنيا ،

ونقيصة وعيب في الآخرة ، عَنْ أَبِي مُوسَى

رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ

الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ

مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ " [ متفق عليه ] ، عَنِ الْمَعْرُورِ

بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ : لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ

، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ :

إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ

صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ ! أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ،

إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ ،

جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ

يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ،

وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ "

[ متفق عليه ] ، وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بن مسعود رضي

الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ " [ متفق عليه ] .

رابعاً / النساء أكثر الناس لعناً :

بما أن اللعن محرم وهو من كبائر الذنوب ، فيجب

على العبد اجتنابه ، وتوخي الحذر منه ، ولكن ربما

كانت هناك أموراً تستدعي أن يقوم صاحبها باللعن

، ومن ذلك :

1- ضعف الوازع الديني ، لأن الإنسان إذا لم يكن عنده

علم كاف يزجره عن فعل المعصية ، فربما وقع فيها .

2- ضعف الحياء ، لأن الحياء من الإيمان ، ومن فقد

الحياء فقد شعبة عظيمة من شعب الإيمان ،

ومن لا حياء عنده فلا غرو أن يرتكب المنكر ،

ويقع في الإثم ، ومن جملة ذلك اللعن .

3- الغضب ، فإنسان إذا غضب ولم يتمالك نفسه

، وأطلق لها العنان في ميدان الغضب ، فربما

وقع في اللعن ، ولا سيما الأمهات ، لأنهن يعانين
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#219930#post2060015

الأمرين في بيوتهن ، فأعباء المنزل ، والتربية ،

وأداء حقوق الزوج ، وضغوط العمل إن كانت موظفة

، كل تلك الأسباب ربما أدت بها إلى عدم تمالك

نفسها فتقع في المعصية واللعن ، وهذا أمر مشاهد

ملموس ، أن النساء أكثر الناس سباً ولعناً ،

وحلفاً بالله تعالى على أولادهن ، ومما لا شك

فيه أن الأم لا يمكن أن تقصد إيقاع الأذية بأبنائها ،

ولكن من باب التخويف والتهديد ، ومهما كانت

الظروف فيجب على المرأة الصالحة أن تتقي الله

تعالى في فلذات أكبادها ، فلا تدعو عليهم ،

ولا تلعنهم ، بل تعاملهم بالحسنى ، وتدعو لهم

لأن دعاء الوالد على ولده ولوده مستجاب .

سادسا/ لعن الكفار :

لعن الإنسان المعين لا يجوز بحال لمن هو على

قيد الحياة ، لكن من مات وهو كافر فهذا عليه

لعنة الله ولا شك في ذلك ، قال تعالى : "

إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم

لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين

فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون "

[ البقرة 161-162 ] ، وقال تعالى : " إن الذين

كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم

وأولئك هم الضالون * إن الذين كفروا وماتوا

وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً

ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من

ناصرين " [ آل عمران 90-91 ] .

فمن مات من الكفار فيجوز لعنه ، كفرعون وهامان

وقارون وأبو جهل ، وغيرهم .

أما لعن المعين الذي هو على قيد الحياة لا يجوز

سابعاً/ لعن الشيطان :

الشيطان ملعون ، لعنه الله عز وجل في كتابه ،

فلا نلعنه ، بل الواجب علينا التعوذ من شره وكيده ،

لأن كيده عظيماً ، قال تعالى : " إن يتبعون

إلا شيطاناً مريداً لعنه الله " [ النساء 117-118 ] .

ولكن لو لعنه أحد فلا شيء عليه ، لأنه ثبت أن النبي

صلى الله عليه وسلم لعنه أيضاً في صلاته ،

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : قَامَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ :

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ، ثُمَّ قَالَ : أَلْعَنُكَ بِلَعْنَة اللَّهِ ثَلَاثًا

، وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ

الصَّلَاةِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ

فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ

، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ ، قَالَ : " إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ

جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي ، فَقُلْتُ

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قُلْتُ أَلْعَنُكَ

بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،

ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ ، وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ

لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ "

[ أخرجه مسلم ] .

ثامناً / لعن الوالدين :

ومن أشد أنواع اللعن ، لعن الرجل والديه والعياذ بالله

، وهما سبب وجوده في هذه الحياة ، وقد قرن الله

حقهما بحقه ، وطاعتهما بطاعته فقال سبحانه :

" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً

" [ النساء ] ، وقال تعالى : " وقضى ربك

أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما

يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما

فلا تقل لهما

أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريماً "

هذه وصية الله تعالى بالوالدين ، طاعتهما

وبرهما والإحسان إليهما ، وعدم التعرض لإيذائهما

، ولو بكلمة أف ، وهي كلمة مكونة من حرفين

، فكيف بمن يلعن والديه ، لهو من أشد المخاطر

، وأسوأ النتائج ، ومن لعن والديه فهو ملعون على

لسان محمد صلى الله عليه وسلم ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

ابْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ

يَشْتُمَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَهَلْ

يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ

فَيَشْتُمُ أَبَاهُ ، وَيَشْتُمُ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ " [ متفق عليه ] .

قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ

لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللَّهُ

مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ الْمَنَارَ "

[ أخرجه مسلم ] .

تاسعاَ/ لعن الدواب :

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ :

بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي

بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ ،

فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ

صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " خُذُوا مَا عَلَيْهَا

وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ " ، قَالَ عِمْرَانُ : فَكَأَنِّي

أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ

" [ أخرجه مسلم ] .

وعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ :

بَيْنَمَا جَارِيَةٌ عَلَى نَاقَةٍ ، عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ

، إِذْ بَصُرَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَضَايَقَ

بِهِمُ الْجَبَلُ ، فَقَالَتْ : حَلِ اللَّهُمَّ الْعَنْهَا ، فَقَالَ

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُصَاحِبْنَا

نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ " [ أخرجه مسلم ] .

عاشراً/ هدي النبي صلى الله عليه وسلم :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : لَمْ يَكُنِ

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا ، وَلَا فَحَّاشًا ،

وَلَا لَعَّانًا ، كَانَ يَقُولُ لِأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ : "

مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُه " [ أخرجه البخاري ] .

هكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في

حفظ اللسان ، فهو ليس باللعان ولا بالطعان

، ولا يخرج من فيه إلا ما يرضي ربه تبارك وتعالى

، ولقد بين في أحاديث ستأتي بعد قليل خطورة

اللسان على صاحبه إذا أساء التعامل معه .

الحادي عشر/ فضل حفظ اللسان :

من أعظم نعم الله تعالى على عباده نعمة اللسان

، التي بها يبين ما يحب وما يكره ، وبه يعبر عن

مشاعره وأحاسيسه ، ويبث همومه ، ويشكو

غمومه ، وبه يتصل بالآخرين ، فاللسان من

أعظم وسائل الاتصال بالآخرين ، ولا يمكن

لرسالة أن تعبر بمثل ما يعبر به اللسان .

فاللسان نعمة عرف قدرها من خاف الله تعالى

واتقاه ، وجلها من أعرض عن ربه ونسيه ، فاللسان

سلاح ذو حدين ، من أحسن استخدامه ، واستغله

في مرضاة الله تعالى وطاعته ، كان نجاة له

يوم القيامة ، كالعلماء وطلبة العلم ، والخطباء

والقراء والمحاضرين والمعلمين والدعاة إلى

الله تعالى ، فأولئك كان سعيهم مشكوراً ، ومن

كان غير ذلك فاستغل لسانه في غضب الله

وسخطه ، كمن يغتاب الناس ويسبهم ويلعنهم ،

ويعتدي عليهم بقوله ، ويهمز ويلمز ويستهزئ ،

فأولئك كان عملهم مثبوراً والعياذ بالله .

فعلى المرء أن يدرك خطورة اللسان ، ويعي
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=2060015

عاقبته في القبر والآخرة ، فعامة عذاب القبر

من البول والنميمة ، ويلحق بذلك الغيبة وسيئ

الكلام ، فلما كانت خطورة اللسان بهذه المثابة

فهذه بعض الأدلة التي تبين خطورة الوضع القائم

بين الناس ، حتى اتخذوا مجالسهم مدونة

يتفكهون فيها بعباد الله تعالى ، ويتشدقون بخلق

الله عز وجل .

وفي الختام أسأل الله تعالى ، أن يحفظ علينا

ديننا وأمننا ، وأن يجمع كلمتنا على الحق والصواب

، اللهم طهر ألسنتنا من قول قبيح ، وسددها لقول

الحق أينما كان ، اللهم ألحقنا بالصالحين ،

واجمعنا بالنبيين والصديقين ، برحمتك يا أرحم

الراحمين .

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله

وأصحابه ، والحمد لله رب العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.