المتأمل في كتاب الله – عز وجل – يجد أن الأخلاق السائدة في مجتمع ما تحكم علي هذا المجتمع بالصلاح إذا كانت صالحة أو بالفساد إن كانت فاسدة. إذ الأخلاق مرتبطة بسنة التغيير. والقرآن الكريم يشير إلي هذا الارتباط في قوله سبحانه وتعالي: "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" وتغيير ما بالنفس هو تغيير أخلاقي يتسبب في أن يغير الله ما بالناس من حال إلي حال أحسن لو غيروا أخلاقهم إلي الأحسن وإلي حال أسوأ لو غيروا أخلاقهم إلي الأسوأ ويؤيد هذا المعني ما جاء في قوله تعالي: "ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها علي قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم" الأنفال – .53
فهذه الآية توحي بأن التغير كان إلي الأسوأ لأن الناس قد ساءت أخلاقهم إذ الحديث في هذه الآية عن آل فرعون والذين من قبلهم ممن كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم.
قال الإمام الألوسي في تفسير هذه الآية قوله تعالي: "ذلك" إشارة إلي ما يفيده النظم الكريم من كون ما حل بهم من العذاب منوطاً بأعمالهم السيئة قوله تعالي: "بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها علي قوم" الجملة مسوقة لتعليل ما أشير إليه أي لم ينبغ له سبحانه أن يغير نعمة كانت حلت علي قوم من الأقوام "حتي يغيروا ما بأنفسهم" أي ذواتهم من الأعمال والأحوال التي كانوا عليها وقت ملابستهم للنعمة.
والناظر في أحوال الأمم السابقة يجد أن فساد الأخلاق كان سببا لتغير ما بهم من النعم ومن ثم هلاكهم وذلك كما حدث مع قوم شعيب ولوط – عليهما السلام -.
وقد سجل القرآن الكريم دور الأخلاق في صلاح الأمم أو فسادها. فالأخلاق الحميدة تؤدي إلي التمكين في الأرض والعزة والكرامة والقوة وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم حيث ربط بين الصلاح وهو الخلق الحميد وبين ميراث الأرض والتمكين فيها. قال تعالي: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" الأنبياء – .105
قال الإمام الرازي: أما قوله تعالي: "ان الأرض يرثها عبادي الصالحون" ففيه وجوه:
أحدها: الأرض أرض الجنة والعباد الصالحون هم المؤمنون العاملون بطاعة الله تعالي فالمعني أن الله تعالي كتب في كتب الأنبياء – عليهم السلام – وفي اللوح المحفوظ أنه سيورث الجنة من كان صالحاً من عباده.
ثانيها: أن المراد من الأرض أرض الدنيا فإنه سبحانه وتعالي سيورثها للمؤمنين في الدنيا ودليل هذا القول قوله سبحانه: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا" النور – الآية .55
ثالثها: هي الأرض المقدسة يرثها الصالحون.
وبالتأمل في الأقوال الثلاثة المذكورة للمراد من "الأرض" في الآية نجد أنه ممكن الجمع بينهم بأن المؤمن الصالح في الدنيا يمكن له في الأرض ويكون له العزة والسلطان أكثر علي الأرض المقدسة وهذا يتحقق في الدنيا بدرجات متفاوتة حسب مقدار الصلاح أما في الآخرة فسيورث الله – عز وجل – أرض الجنة لمن كان صالحاً من عباده في الدنيا.
وكما أن صلاح الأخلاق له دور في التمكين في الأرض كذلك فساد الأخلاق سبباً في هلاك الأمم وتدميرها وإلي ذلك أشار القرآن في قوله تعالي: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" الإسراء – الآية .16
يقول الإمام القرطبي في معني قوله تعالي: "أمرنا مترفيها" بالتشديد الميم "أمرنا" أي سلطنا شرارها فعصوا فيها فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم. وقيل: جعلناهم أمراء مسلطين وقرأ الحسن وابن عباس: "أمرنا" بالمد والتخفيف أي أكثرنا جبابرتها وأمراءها.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#21110#post197299
وقال الإمام الألوسي: "أمرنا" بالتشديد قيل كثرنا وقيل بمعني وليناهم وجعلناهم أمراء فهي تشمل المعنيين لأن القرية إذا ملك عليها مترف ففسق ثم آخر ففسق وهكذا كثر الفساد وتوالي الكفر ونزل بهم العذاب علي الآخر من ملوكهم. ومعني قوله تعالي: "مترفيها" جمع مترف.
يقول الإمام الراغب: "الترفة": التوسع في النعمة يقال: أترف فلان فهو مترف.. وهم الموصوفون بقوله تعالي: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه".
ويقول الشيخ سيد قطب: "المترفون في كل أمة هم طبقة الكبراء الناعمين الذين يجدون المال ويجدون الخدم ويجدون الراحة. فينعمون بالدعة وبالراحة وبالسيادة حتي تترهل نفوسهم وترتع في الفسق والمجانة وتستهتر بالقيم والمقدسات والكرامات وتلغ في الأعراض والحرمات. وهم إذا لم يجدوا من يضرب علي أيديهم عاشوا في الأرض فساداً ونشروا الفاحشة في الأمة وأشاعوها وأرخصوا القيم العليا التي لا تعيش الشعوب إلا بها ولها. ومن ثم تتحلل الأمة وتفقد حيويتها وعناصر قوتها وأسباب بقائها فتهلك وتطوي صفحتها".
فهذه الآية توحي بأن التغير كان إلي الأسوأ لأن الناس قد ساءت أخلاقهم إذ الحديث في هذه الآية عن آل فرعون والذين من قبلهم ممن كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم.
قال الإمام الألوسي في تفسير هذه الآية قوله تعالي: "ذلك" إشارة إلي ما يفيده النظم الكريم من كون ما حل بهم من العذاب منوطاً بأعمالهم السيئة قوله تعالي: "بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها علي قوم" الجملة مسوقة لتعليل ما أشير إليه أي لم ينبغ له سبحانه أن يغير نعمة كانت حلت علي قوم من الأقوام "حتي يغيروا ما بأنفسهم" أي ذواتهم من الأعمال والأحوال التي كانوا عليها وقت ملابستهم للنعمة.
والناظر في أحوال الأمم السابقة يجد أن فساد الأخلاق كان سببا لتغير ما بهم من النعم ومن ثم هلاكهم وذلك كما حدث مع قوم شعيب ولوط – عليهما السلام -.
وقد سجل القرآن الكريم دور الأخلاق في صلاح الأمم أو فسادها. فالأخلاق الحميدة تؤدي إلي التمكين في الأرض والعزة والكرامة والقوة وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم حيث ربط بين الصلاح وهو الخلق الحميد وبين ميراث الأرض والتمكين فيها. قال تعالي: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" الأنبياء – .105
قال الإمام الرازي: أما قوله تعالي: "ان الأرض يرثها عبادي الصالحون" ففيه وجوه:
أحدها: الأرض أرض الجنة والعباد الصالحون هم المؤمنون العاملون بطاعة الله تعالي فالمعني أن الله تعالي كتب في كتب الأنبياء – عليهم السلام – وفي اللوح المحفوظ أنه سيورث الجنة من كان صالحاً من عباده.
ثانيها: أن المراد من الأرض أرض الدنيا فإنه سبحانه وتعالي سيورثها للمؤمنين في الدنيا ودليل هذا القول قوله سبحانه: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا" النور – الآية .55
ثالثها: هي الأرض المقدسة يرثها الصالحون.
وبالتأمل في الأقوال الثلاثة المذكورة للمراد من "الأرض" في الآية نجد أنه ممكن الجمع بينهم بأن المؤمن الصالح في الدنيا يمكن له في الأرض ويكون له العزة والسلطان أكثر علي الأرض المقدسة وهذا يتحقق في الدنيا بدرجات متفاوتة حسب مقدار الصلاح أما في الآخرة فسيورث الله – عز وجل – أرض الجنة لمن كان صالحاً من عباده في الدنيا.
وكما أن صلاح الأخلاق له دور في التمكين في الأرض كذلك فساد الأخلاق سبباً في هلاك الأمم وتدميرها وإلي ذلك أشار القرآن في قوله تعالي: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" الإسراء – الآية .16
يقول الإمام القرطبي في معني قوله تعالي: "أمرنا مترفيها" بالتشديد الميم "أمرنا" أي سلطنا شرارها فعصوا فيها فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم. وقيل: جعلناهم أمراء مسلطين وقرأ الحسن وابن عباس: "أمرنا" بالمد والتخفيف أي أكثرنا جبابرتها وأمراءها.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#21110#post197299
وقال الإمام الألوسي: "أمرنا" بالتشديد قيل كثرنا وقيل بمعني وليناهم وجعلناهم أمراء فهي تشمل المعنيين لأن القرية إذا ملك عليها مترف ففسق ثم آخر ففسق وهكذا كثر الفساد وتوالي الكفر ونزل بهم العذاب علي الآخر من ملوكهم. ومعني قوله تعالي: "مترفيها" جمع مترف.
يقول الإمام الراغب: "الترفة": التوسع في النعمة يقال: أترف فلان فهو مترف.. وهم الموصوفون بقوله تعالي: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه".
ويقول الشيخ سيد قطب: "المترفون في كل أمة هم طبقة الكبراء الناعمين الذين يجدون المال ويجدون الخدم ويجدون الراحة. فينعمون بالدعة وبالراحة وبالسيادة حتي تترهل نفوسهم وترتع في الفسق والمجانة وتستهتر بالقيم والمقدسات والكرامات وتلغ في الأعراض والحرمات. وهم إذا لم يجدوا من يضرب علي أيديهم عاشوا في الأرض فساداً ونشروا الفاحشة في الأمة وأشاعوها وأرخصوا القيم العليا التي لا تعيش الشعوب إلا بها ولها. ومن ثم تتحلل الأمة وتفقد حيويتها وعناصر قوتها وأسباب بقائها فتهلك وتطوي صفحتها".
نسأل الله السلامة !!!
كلام كبير وهناك تحفظ علي الاستشهاد برأى الشيخ سيد قطب حيث ان المذكور له بعض المآخذ التى بسببها تم منع الاعتماد علي فكره واجتهاداته .. ونحن لسنا مع اوضد شخص بعينه ولكن نحن نجزم علي الحق اينما وجد ونأخذ منه ما يناسب معتقداتنا ومنهاج حياتنا التى نستقيها من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام..