لا يندر أن نستيقظ، فنجد أنفسنا، على العكس ممّا هو المطلوب، متعبين أكثر ممّا كنّا قبل النوم. والسبب: أعداء النوم الخبثاء، الذين يهاجمونك أثناءه، مثل الشخير واصطكاك الأسنان والتعرُّق الليلي، وغيرها. لحسن الحظ، ثمة وسائل للتغلب على تلك المنغصات.
النوم ساعات سعادة وإسترجاع للقوى، وشحن لبطارية الجسد، ومناسبة لإزالة التعب والتخلص من القلق والـ"ستريس" لكن، بالنسبة إلى البعض، يشكل النوم، على العكس، ساعات تعاسة، وإنهاك للقوى، ومناسبة لمفاقمة الإرهاق، بالتالي تضخيم الـ"ستريس". إلا أنّ المتخصِّصين يؤكدون أنّ في الإمكان، بفضل تقنيات طبية حديثة، تلافي ما ينغص النوم ويجعل ساعاته أوقاتاً سلبية بدلاً من أن تكون مفيدة.
ومن الجوهري، والحال هذه، تحديد سبب اضطراب النوم، من أجل التغلب عليه. إذ يُشار إلى عوامل عديدة، كالقلق والـ"ستريس" والتخوف من الأرق، الذي يؤدي إلى الأرق. لكنها ليست المسبِّبات الوحيدة للنوم غير الهانئ. إذ ثمّة عوامل أخرى، لا ننتبه إليها كثيراً، بالتالي ربّما لا نحفل بها، بينما يحسن معرفتها تمهيداً للإنتصار عليها.
* في ما يلي تعديد لأهم الأعداء الخفية للنوم:
1- التعرُّق الليلي: يحصل أن نعرق أثناء النوم، لدرجة تستلزم "تبريد" الجسد، وأحياناً ربّما حتى تبديل الشراشف.
ما العمل؟ يُستحسن إرتداء ملابس خفيفة (مثلاً "دشداشة" قطنية بدلاً من بيجاما صوفية)، والتغطي بـ"لحاف" قطني بدلاً من بطانية سميكة. ولتبريد الجسد، يمكن تمرير قفاز مُبلل، ووضع مصدر لنفث الماء (مثلا، نافورة صغيرة). أحياناً، يطرأ التعرّق الليلي لأسباب نفسية، مردها القلق والصدمات العاطفية. فالليل مناسبة لأحلام مزعجة، تؤدي إلى رفع الحرارة والتعرق. وليس ذلك أمراً خارقاً للعادة، إذ يحصل بشكل طبيعي للجميع من وقت إلى آخر، في حال تقلب الأمور الحياتية أو تزايد الهموم أو التخوف من أوضاع جديدة، مهنية أو عاطفية أو عائلية أو زوجية أو دراسية. إلى ذلك، ثمّة أدوية تسهم في حفز التعرق ليلاً، كتلك المستخدمة لحجب مادة "بيتا"، وتلك التي تضم مركبات "كورتيكوييد"، وبخاخات "فنتولين" (للمصابين بالربو)، وبعض المنومات. وطبعاً، يسهم العشاء الدسم الثقيل إسهاماً كبيراً في التعرق الليلي. وعليه، ينبغي تفادي تلك العوامل كلها.
لكن التعرق الليلي يصيب كثيراً السيدات في سن انقطاع الطمث. في هذه الحال، ينبغي التفكير في علاج هورموني، يقضي على إرتفاع درجة الحرارة المباغت ليلاً. وهو علاج فاعل عموماً. وهناك أيضاً مركبات غذائية (على شكل حبوب) تُعين على خفض الحرارة والـ"ستريس" والأرق (يمكن الاستفسار عنها لدى مجال التغذية، إذ تختلف أسماؤها من بلد إلى آخر).
2- تشنُّج الساق: يحدث أحياناً، في عزّ الليل، أن تتشنج عضلات إحدى الساقين، ما يؤدي إلى أوجاع مبرحة، تنتشر ربّما إلى القدمين أو الفخذين، فتقض مضجع النائم.
ما العمل؟ التفسير الأكثر شيوعاً لتكرر حالات تشنج عضلات الساق ليلاً: إنّها نتيجة نقص في الماغنيسيوم والفوسفور والكالسيوم. وفي إمكان الطبيب التوصل إلى استنتاجات أكثر دقة من خلال تحليل الدم. لكن، في إنتظار ذلك ننصحك بالإكثار من تناول الحبوب (لاسيّما بالدقيق الكامل، أي مع النخالة)، والأفوكادو، والمشمش المجفف (ما يُسمّى "طرشانة")، والموز، وعصير البرتقال الطازج. كما ينفع الإكثار من شرب المياه الطبيعية الغنية بالمعادن. ومن المجدي جدّاً المشي قليلاً مساءً، لتنشيط الدورة الدموية. وهناك أيضاً "وصفة" شعبية: أخذ حبّة "أسبرين" في المساء، ثمّ الغطس حالاً في حمّام ساخن.
وفي حال تكرر التشنّج، يجب استشارة الطبيب، إذ قد يكون ناجماً عن قصور في أعصاب الرجلين. إلى ذلك، يُعانيه المصابون بالسكري، الذين يوصف لهم دواء خاص (يسمّى أحياناً "ليريكا"). على أي حال، أثناء التشنج في حد ذاته، لا مناص من دق القدم على سطح صلد، أو سحب أصابع القدم بشدة نحو الساق. العملية موجعة، لكنها الحل الوحيد.
3- الحموضة المعوية: وضع النوم الأفقي يُسهل "صعود" الحموضة المعوية نحو الحلق، بطعمها غير المحبب، ما قد يفضي إلى إيقاظ النائم.
* ما العمل؟ ثمّة نصائح:
– رفع مستوى السرير، من جهة الرأس، مقدار 10 سنتيمترات بالقياس إلى جهة الرجلين.
– تناول عشاء خفيف، مع توخي مضغ الطعام جيِّداً أثناءه، وتفادي الأغذية التي تعلم مسبقاً عدم تقبُّل جسدك لها.
– ترك التدخين، الذي يتسبب كثيراً في الحموضة.
– عدم شرب أي مشروبات غازية في المساء (حتى المياه الطبيعية الغازية).
– إن كانت الحموضة تحصل من وقت إلى آخر، يمكن أخذ حبة مضادة للحموضة (على غرار "مالوكس" و"نيوغاسترو"… إلخ). أما إذا كانت متكررة، فيمكن سؤال الصيدلي عن أدوية أكثر فاعلية، تُباع من دون وصفة طبية. لكن، بعد سن الـ60، إذا استمرت الحموضة الليلية 15 يوماً أو أكثر، فمن الضروري استشارة الطبيب، لاسيّما إذا كانت مصحوبة بشعور بالتعب والإرهاق.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#129039#post1815970
4- اصطكاك القدمين: ما يُسمّى "متلازمة إيكبوم (Ekbom) يصيب 10 في المئة من الخلق، والنساء ضعف الرجال. ويتفاقم حتى سن الـ64، ثمّ يَضمحل. ويُدعى أيضاً "داء الرجلين غير الراكدتين"، لأنّه، ببساطة، يتمثّل في تحركهما أثناء النوم، بحيث "تتلاطم" القدمان، وتصطكان، ضاربة كل واحدة الأخرى. وأحياناً، يحصل الأمر مع الذراعين أيضاً. في أي حال، لا تساعد الحالة على الركود، بالتالي تعيق النوم. هكذا، يحس المصاب بالرغبة في النهوض لتهدئة أطرافه. لكنه، بعد أن يغفو أخيراً، يستمر في تحريك قدميه بصورة طفيفة، غير محسوسة، فيستيقظ لوهلة قصيرة جدّاً، من القصر بحيث لا ينتبه إليها. هكذا، يؤدي هذا "العدو" للنوم إلى تهشيم ساعات النوم بخبث وصمت. وثمة عوامل وراثية لهذا الداء، لكن أيضاً هناك عوامل مساعدة: منها فقر الدم واختلال عملية الأيض الخاصة بتمثيل الحديد وامتصاصه، وتناول بعض الأدوية المهدِّئة والمسكِّنة.
ما العمل؟ لابدّ من إستشارة الطبيب. فهذا الإختلال عصبي المنشأ، ولا تزال آليته مبهمة. على العموم، يصف الطبيب حبوباً تضم الحديد، وربّما أدوية حديثة العهد جدّاً منها "أدارتريل" و"سيفرول"، تخفف من حدة المشكلة.
5- الشخير وانقطاع التنفس: انقطاع التنفس، أو الـ"بُهر"، حالة تصيب الكثيرين من وقت إلى آخر أثناء النوم، إنّما بشكل طفيف. وتزداد عند النساء في فترة انقطاع الطمث. لكن، في حالة انقطاع تنفُّس حقيقي، يستيقظ النائم لـ30 ثانية. وأظهرت تجارب أنّ البعض يستيقظون حتى 200 مرّة أثناء الليل، لمدة خاطفة: نحو 10 ثوانٍ في كل مرّة، ما مجموعه زهاء ساعتين. والنتيجة: الشّعور بالتعب طوال اليوم، وعدم القدرة على التركيز، وهبوط الذاكرة. كما يؤدي نقص إمداد الجسد بالأكسجين إلى إنهاك القلب والدماغ. إلا أن انقطاع التنفس الحقيقي، لحسن الحظ، لا يشمل سوى 30 في المئة من "الشخِّيرين". المشكلة: كيف نعرف أننا من المعنيين أم لا؟ في الواقع، الشريك هو المرجع الوحيد. إذ، في عزّ الليل، يلاحظ أن زوجته (أو تلاحظ أن زوجها) لم تتنفس (أو يتنفس) منذ مدة، أحياناً دقيقة بأكملها، فيهزها (أو تهزه) لاستعادة نفسه. وفي الصباح، يروي عليها (أو تروي عليه) ما حصل أثناء النوم.
ما العمل؟ من المجدي جدّاً فقدان الوزن: إذا كلما زاد الوزن، سمكت قاعدة اللسان، ما يعيق انسيابية دخول الهواء وخروجه. وثمة وسائل لتخفيف الشخير، تباع في الصيدليات، على شكل قارصات أنفية وشرائط خاصة، وغيرها. وفي الحالات القصوى، قد يصبح ضرورياً إجراء عملية جراحية، تقليدية أو باستخدام أشعة الليزر. ونتائج العملية غير متساوية: تنجح مع البعض، وتخفق مع البعض آخر، أو أحياناً تأتي بنتائج طيبة في البداية، ثمّ ما يلبث أن ينتكس المصاب.
كما يشار إلى تقنية "الضغط الإيجابي"، التي تنصب على وضع قناع خاص أثناء النوم، له وظيفة تسهيل التنفس. وطبعاً، لا داعي للتذكير بأن تناول الكحول يؤدي إلى مضاعفة الشخير ومفاقمة انقطاع التنفس. والتدخين أيضاً يخدش سقف الحلق، فيفاقم الشخير، ومعه انقطاع التنفس. فيجب تركه تماماً.
6- اصطكاك الأسنان: أحياناً، يصك بعضنا أسنانه أثناء النوم من دون شعور، أو يضغط على كفيه بقوة. والنتيجة: اضطراب النوم، وآلام في الفكين والرقبة والكتفين، وقضم الأسنان، وربّما تشوه الفكين في حال استدامة الحالة، وانتفاخ عضلات أسفل الوجه، بحيث يمكن، في الحالات القصوى، أن ينجم عنها تشويه الوجه جمالياً. وهنا أيضاً، مثل انقطاع التنفس (راجع المادة السابقة)، الشريك هو الذي ينتبه إلى الأمر. فالمصاب لا يدرك إصابته.
ما العمل؟ يمكن أن تزول المشكلة من تلقاء نفسها. لكن، في إنتظار ذلك، على المصاب ****** كل ما من شأنه حفز الإسترخاء، مثل اليوغا والتأمل، وأيضاً الرياضة، إنما عصراً وليس في المساء. وهناك أيضاً أدوية نباتية، تعين على الإسترخاء. إلى ذلك، يشار إلى تقنية جديدة: حقن مادة "بوتوكس" التجميلية في عضلات الخدّين. لكن، ينبغي إجراء العملية من قبل جراح تجميل أو متخصص في أمراض الفم والحنك. وهناك تقنيات طبية أخرى، تنصب على وضع "مزاريب" خاصة أثناء النوم، تمنع الأسنان من الاصطكاك. وثمة تقنية حديثة العهد جداً، تسمى "إن. تي. آي" (NTI)، تتيح عزل الأنياب فقط بوساطة قطعة عزل شفافة، ما يؤدي إلى إسترخاء الفكين، والقضاء على اصطكاك الأسنان وانشداد الفكين أثناء النوم.
7- النهوض بكثرة للتبول: مع التقدم في السن، ترتفع وتيرة تكوين الإدرار في الليل. وصحيح أن من الأفضل النوم دفعة واحدة، لكن النهوض مرّة واحدة أثناء الليل للتبول ليس مقلقاً. أما إذا تكرر بضع مرّات، فهذا بحث آخر، إذ يؤدي إلى كسر وتيرة النوم، لاسيّما أنّه قد يفضي إلى عدم القدرة على النوم مجدداً بسرعة.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1815970
ما العمل؟ ينبغي الحرص على التقليل من تناول السوائل بعد السادسة مساءً، مع وضع الحساء (الشوربة) في قائمة السوائل. كما يجب عدم نسيان قضاء الحاجة، قبل الخلود إلى النوم. فإنّ لم ينفع، يبقى خيار استشارة الطبيب، الذي قد يصف بعض الأدوية، وربّما أيضاً جلسات تدليك طبي لتعزيز عضلات العجان (الواقعة بين المخرج والمثانة)، التي يؤدي ترهلها إلى الإكثار من التبول، بينما تتيح تقويتها، على العكس، السيطرة على الإدرار، بالتالي تمضية الليلة بأكملها من دون ضرورة إلى النهوض مرّة، وربّما أكثر.
يعطيك العافيه