تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » العنكبوت ودودة القز

العنكبوت ودودة القز 2024.

  • بواسطة

حكمة أخرى ذكرها الله سبحانه وتعالى في آية كريمة تحدثت عن بيت العنكبوت:
إن بيت العنكبوت ذكره الله في القرآن الكريم فقال :" مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياّء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا مان أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون"( سورة العنكبوت ) .

الوهن هو الضعف ، بيت العنكبوت أوهن بيت بنص هذه الآية ، فقال العلماء : " إن هي حرف مشبه بالفعل يفيد التوكيد ،  وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ  ، اللام في قوله :  لَبَيْتُ  ، هي في إعراب النحاة لام المزحلقة ، هي أساسها لام التوكيد ، زحلقت من اسم إن إلى خبرها ، إذاً هناك توكيدان في الآية :  وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ  ، فإن تفيد التوكيد ، واللام المزحلقة تفيد التوكيد أيضاً ، يقول الله عز وجل :"وتلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها الا العلمون" ( سورة العنكبوت ) .
إذا ذكر الله شيئاً من خلقه فليلفت نظرنا إليه ، وبعضهم قالوا : إذا أقسم الله بشيء فالنسبة إلينا ، إنه عظيم بالنسبة إلينا لا بالنسبة إليه ، وإذا لم يقسم فمعنى ذلك بالنسبة إليه هذا توجيه للقسم
فإذا أقسم فبالنسبة إلينا ، وإذا لم يقسم فالنسبة إلى ذاته ، هذا بعض توجيهات الآيتين الكريمتين ، الله عز وجل هنا يؤكد مرتين بإن وباللام المزحلقة :  وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ  .
جاء في بعض التفاسير : أن بيت العنكبوت ضعيف ، لأنه لا يغني عنها من حر ولا من قر ، ولا من مطر ، ولا من رياح ، وهو ضعيف لتفاهته وحقارته ، هكذا ورد في بعض التفاسير .
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#150718#post1933899
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1933899
ولكن أستاذاً في علم الحشرات في كلية العلوم في إحدى الجامعات العربية يقول في بعض كتبه العلمية : إن في قوله تعالى :  كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ( سورة العنكبوت الآية : 41 ) .في هذه الآية إعجاز علمي حيث إن التي تبني البيت هي الأنثى ، فجات تاء التأنيث في قوله تعالى :  كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا  ،
يعني هل يستطيع واحد في عهد النبي  أن يفرق بين ذكر العنكبوت وأنثاها ؟ مستحيل ، الآن ثبت أن التي تبني البيت هي الأنثى .
هناك ملمح آخر في قوله تعالى :" وأوحي ربك الي النحل أن اتخذي" ( سورة النحل الآية : 68 ) .
فالنحلة التي تبني بيت الشمع أيضاً أنثى ، بعض العلماء استنبط ، ولعل هذا قريب من الصحة ، أنه في عالم الحيوان أن الأنثى هي المسيطرة ، وهي التي توجّه ، وأن دور الذكر محدود جداً أمام مهمات الأنثى .
فلذلك حينما يتخلى الإنسان عن قوامته التي كرمه الله بها ، ويعطي دفة القيادة إلى زوجته ، فكأنه ابتعد عن إنسورة سانيته التي شرفه الله بها حينما قال :"الرجال قومون علي النساّء"
( النساء الآية : 34 ) .
وهناك بحث جديد في العنكبوت يقول ان خيط العنكبوت أمتن من الفولاذ بخمسة أمثال ، بل إن بعض الأنسجة التي تصنع منها القمصان التي تقوم الرصاص مصنوعة من مواد تشبه المواد التي صنعت منها خيوط العنكبوت ، فهو الوهن هنا أنه لا يقيها لا من حر ، ولا من برد ، ولا من رياح ، ومن مطر ، أما خيط العنكبوت كخيط دودة القز أمتن من الفولاذ ، وهذا من آيات الله الدالة على عظمته .
الأنثى في العنكبوت هي التي تغزل البيت ، وهي التي ترغب الذكر في الدخول إلى البيت ، حيث تقوم أمامه بحركات مغرية ، وتسمعه بعض الألحان الطنانة ، فيأوي إلى بيتها ، وبعد التلقيح تأكله ، وتفترسه ، وتأكل أولادها من بعده ، ويأكل بعض أولادها بعضهم الآخر ، فضعف البيت هنا إضافة إلى أنه يقيها لا من حر ، ولا من قر ، ومن رياح ، ولا من مطر ، فضعف هذا البيت يتأتى من ضعف علاقاته الداخلية ، وقد يجمع الضعفان في ضعف واحد .
وهذا من آيات الله الدالة على عظمته ، هذه الرحمة التي أودعها الله في الإنسان وفي النثي خاصتا هي من الله عز وجل ، بدليل أنه لم يدعها في بعض الحيوانات ، يلقحها ثم تفترسه ، ثم تأكل أولادها ، بل إن بعض أولادها يأكل بعضهم الآخر ، فالوهن هنا التمزق الداخلي ، وفي هذه الآية ملمح كبير لنا ، فكلما اختلفنا ، وكلما تنازعنا ضعفنا ، قال تعالى :"ولا تنزعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" ( سورة الأنفال الآية : 46 ) .
ومعنى تفشلوا ؛ تضعفوا ، نستخدمها محن خطأ في الإخفاق ، الفشل هو الضعف ،  وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ  ، طبعاً هذا درس لنا في مواجهة أعدائنا أعداء الأمة ، لابد من التماسك الداخلي حتى نكون أقوى على مواجهة الأخطار الخارجية .
ويجب ان نعرف أن لكل خلق الله ، أو لكل حيوان من الحيوانات التي خلقها الله سبحانه وتعالى ، وكل حشرة من الحشرات هناك حكمة من وراء صنعها وخلقها ،بيت العنكبوت والذي ضرب مثلاً الله سبحانه وتعالى في آياته :  وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ  ، وذلك يدل على هذا الوهن الداخلي والخارجي
وهناك اعجاز اخر وهو دودة القز وهي التي تعطي الحرير ، وهو الحرير المتين جداً ، وصاحب هذه الألوان البهية وهي دوده ضعيفه،
فان أردنا أن نفكر في شيء معين ، وإن أخذنا مثلاً ما نلبس من سترة لوجدنا أنها مرت بمراحل كثيرة كي تصبح على هذا الشكل ، فلنتفكر في هذه الحلقة مع دودة القز والحرير لنرى عجائب قدرة الله سبحانه وتعالى ، وهو أول مرحلة من مراحل صنع اللباس . لا بد من توضيح دقيق ، أن هذه الأرض فيها آيات للموقنين ، إن أردت اليقين :
"وفي الارض ءايت للموقنين" ( سورة الذاريات ) .
إن كل شيء في الأرض وفي السماء ينطق بوجود الله ، وبكماله ، وبوحدانيته ، والصنعة تدل على الصانع ، والحكمة تدل على الحكيم ، والقدرة تدل على القدير ، وقد قال أعرابي مرة : " البعرة تدل على البعير ، والماء يدل على الغدير ، والأقدام تدل على المسير ، أفسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير ؟! " .
بالتأكيد أن الله سبحانه وتعالى حينما قال :"لا تدركه الأبصر "
( سورة الأنعام الآية : 103 ) .
حواسنا الخمس لا تستطيع أن تدرك ، أو أن ترى الإله العظيم .
"قال رب أرنيّ أنظر اليك قال لن ترّني ولكن انظر الي الجبل فان استقر مكانه فسوف ترني فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا وخر موسي صعقا" ( سورة الأعراف الآية : 143 ) .
معنى ذلك أن حواسنا الخمس لا يمكن أن ترى الله عز وجل ، إلا أن عقولنا التي أكرمنا الله بها يمكن من خلال الآثار أن تعرف المؤثر ، من خلال النظام أن تعرف المنظِّم ، من خلال الخلق أن تعرف الخالق ، فنحن نملك وسائل معرفة الله عز وجل ، إنها الآثار التي تدل عليه ،
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
هذه الدودة ، دودة القز والحرير من آيات الله الدالة على عظمته ، يسميها العلماء ملكة الأنسجة بلا منازع ، مهما تفنن الإنسان في صنع قماش لطيف ليّن خفيف الوزن ، لا يمكن أن يرقى إلى مستوى صناعة دودة القز لهذا الحرير .
الحقيقة أن خيط الحرير لعاب هذه الدودة ، فإذا لامس لعاب هذه الدودة الهواء أصبح خيطاً ، هذا اللعاب مطلي بمادة بروتينية ، يعطيه لمعاناً لؤلئيًّا ، خيط أساسه ، لعاب جفّ في الهواء ، مطلية بمادة بروتينية تجعله لامعاً ، ودودة القز تستطيع أن تنسج ست بوصات في الدقيقة الواحدة ، وطول خيطها 300 متر ، كل 360 شرنقة تساوي قميصاً حريراً واحداً ، كم وزن هذا القميص ؟ هذا القميص خفيف جداً لا يزيد وزنه على عشرة غرامات .
إن عشر آلاف شرنقة تساوي كيلوًا واحدًا من الحرير ، إذاً الحرير خيط متين أمتن من الفولاذ ، فلو أمكننا أن نسحب الفولاذ بقطر خيط الحرير لكان خيط الحرير أمتن من الفولاذ ، هذه حقيقة قد لا تصدق ، فهو متين ، وخفيف ، ولامع ، وهو في الأصل لعاب يجفّ إذا لامس الهواء ، وهو مستمر ، 360 مترًا تقريباً طول خيط دودة القز ، نعيد ونؤكد أن  صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ  .
ما العلاقة بين صنع الله الذي أتقن كل شيء وبين قوله :  إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ  ؟ يتمتع الحرير بألوان زاهية ، فهناك دود يصنع الحرير الذهبي ، وهناك دود يصنع الحرير الفضي ، كالؤلؤ تماماً ، والحرير الذهبي بلون طبيعي لا يتأثر بالشمس ، ولا يحتاج إلى تثبيت ، فهو لون ثابت كالذهب ، ولون ثابت كالؤلؤ .
فاذا أمسكت عباءة مصنوعة من الحرير الطبيعي ،فسوف تجد أن لمعانها ووزنها الخفيف شيء لا يكاد يصدق ، لذلك الحرير من أرقى أنواع الأنسجة ، وهو من صنع هذا المخلوق الصغير الذي يسمى دود القز .
أنا حينما أستخدم عبارة " متين " ، فهذه عبارة فيزيائية دقيقة ، المتانة صفة تقاوم قوى الشدّ ، والقساوة صفة تقاوم قوى الضغط ، فأنا حينما أضغط ، أو أشد قوى الضغط تقابلها قوة القساوة ، وقوى الشد تقابلها قوة المتانة ، فالفولاذ المضفور أمتن العناصر على الإطلاق ، لذلك تصنع منه الحبال الفولاذية التي تحمل المصاعد ، وتحمل التلفريك ، فأمتن عنصر على وجه الأرض هو الفولاذ المضفور ، إن خيط دودة القز أمتن من الفولاذ ، ولكن لا يستخدم في الصناعة ، بينما أقسى المواد على الإطلاق الماس ، وميناء الأسنان يأتي بعد الماس في درجة القساوة ، الآن لو فكرنا في قوله تعالى : "ان كيدي متين " ( سورة الأعراف ) .
ما علاقة المتانة هنا مع كيد الله عز وجل ، كيد الله هو تدبيره ، ومعنى :  إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ  ، أي إن الإنسان مهما بدا كبيراً ، مهما بدا قوياً ، مهما بدا متألهاً ، فهو مربوط بحبل متين لا يستطيع التفلت من أمر الله ، ومعنى قوله تعالى :" ولا يحسبن الذين سبقوّا "
( سورة الأنفال الآية : 59 ) .
معنى  سَبَقُوا  : أن الذي كفروا بالله عز وجل لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً ما أراده الله ، وأن الذين كفروا بالله عز وجل لا يستطيعون أن يتفلوا من منهج الله ، إذاً المتانة تعني مقاومة قوى الشد ، والقساوة تعني مقاومة قوى الضغط .
أما الذي ذكرته قبل قليل :  إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ  ، أي إن الإنسان في قبضة الله ، قد يتوهم أنه طليق ، هو ليس طليقاً ، ولكنه مربوط بحبل مرخى إلى أن يحين الحين .
إذاً يمكن أن تكون هذه الدودة بخيطها الذهبي أو الؤلؤي ، بخيطها المتين البراق الذي يفوق في متانته الفولاذ ، وبهذا الطول المديد 300 متر ، وبهذا الوزن الخفيف آية من آيات الله الدالة على عظمته .

حكمة أودع الله سبحانه وتعالى في خلقه ، كما تحدثنا عن دودة القز ، والحرير ، وهذا الصنع من لعاب دودة القز ، وهذا النسيج الذي يخرج منها ، وهو من أجمل ما رأينا من نسيج ، إن خرج ذهبياً أو لؤلئياً ..

جزاكى الله كل خير على مرورك العطر مرنا
بارك الله فيك ع الطرح القيم

دمت بخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.