تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » البــرهــــان في تبرئة ابو هريره من البهتان

البــرهــــان في تبرئة ابو هريره من البهتان 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم

البرهان في تبرئة ابو هريره من البهتان
عبد الله بن عبد العزيز بن علي الناصر

المقدّمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102]
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1] ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)) [الأحزاب:70] * ((يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب:71]
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#59000#post825403
وأما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال تعالى: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [الجمعة:2].
بعث الله تعالى رسوله على حين فترة من الرسل، قد عم فيها الشرك والضلال وعبادة غير الله، وساد فيها الظلم وسوء الأخلاق، وشاعت فيها الفاحشة والرّذيلة، حتى مقت الله سبحانه وتعالى أهل الأرض جميعاً، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب الذين تمسكوا بما جاء به الأنبياء والمرسلون، وعضوا عليه بالنواجذ.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=825403
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنور من الله وهدى من الرحمن الرحيم، وشفاء لما في الصدور، فأخرج من آمن واستجاب من الظلمات إلى النور، ومن جور الأديان والعادات والتقاليد إلى عدل الإسلام والإيمان،وما هو إلا سنوات حتى أشرقت الأرض بنور ربها بمنه وكرمه وفضله، ثم بقيام الرسول صلى الله عليه وسلم بمهمته، وأدائه لواجبه في تبليغ الرسالة وأداء الأمانة التي استرعاه الله إياها، وبتلقي صحابته الكرام رضي الله عنهم ما جاءهم به من الهدى والنور بصدق وإخلاص، وتضحية وفداء، ثم بحملهم الأمانة وأدائهم الرسالة، حتى قال الله تعالى قبيل وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:3].
منة من الله جل وعلا تبارك وتعالى، وخبر منّه جل وعلا، وشهادة منه يمتن على عباده المؤمنين بإكمال الدين والشريعة، وإتمام النعمة والمنة بذلك، ويخبر سبحانه وتعالى بأنه قد رضي الإسلام لهم منهاجاً ومسلكاً في حياتهم، ويشهد جل وعلا لرسوله ومصطفاه بالقيام بواجبه، وأدائه لمهمته على خير وجه، وكما أراده منه مولاه ورضيه، وتتضمن أيضاً الشهادة للصحابة الكرام رضي الله عنهم الذين ناصروا الرسول صلى الله عليه وسلم، وحملوا ما أداه إليهم، وبذلوا في سبيل تحقيقه ونقله إلى من بعدهم كل غال ونفيس.
إن الصحابة رضي الله عنهم قوم اصطفاهم الله واختارهم لصحبة نبيه، وحمل دينه، ولقد أخذوا ما آتاهم الله بقوة وصدق وأمانة، وأظهروا حب الله تعالى، وحب رسوله بصدق وإخلاص، وبذلوا الأموال والأنفس رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله، حتى شهد الله بفضلهم في آيات كثيرة، وأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدّلوا وما غيروا، سواء منهم من قضى نحبه، وكذلك من ينتظر.
كيف لا، وقد هجروا الأهل والأوطان، وفارقوا النساء والأولاد، وخرجوا يجاهدون في سبيل الله طلباً لمرضاة الله وابتغاء ما عنده من الأجر والثواب؛ لذلك صدقهم الله تبارك وتعالى، وبارك في جهودهم التي أثمرت في سنوات معدودة دولة الإسلام وارتفاع راية الإيمان، وإخضاع الدول العظمى والملوك والجبابرة، ودخول الناس في دين الله أفواجاً، ومكنهم الله تعالى بمنه وتوفيقه في الأرض، واستخلفهم على خلقه وعباده يخرجونهم من الظلمات إلى النور.
إن هذا الأمر وهذه النتائج والانتصارات أثارت أحقاد أولياء الشيطان، فراحوا يكيدون ويمكرون بهذا الدين وأهله، وبذلوا كل طاقاتهم، ولم يدَّخروا وسعاً في النيل من الإسلام وأهله، وتعددت وسائلهم وحروبهم، ولكنهم لم يجدوا أنفع وأجدى من التظاهر بالدخول في الإسلام، ثم حمل ألوية الإفساد من داخله، وتفريق كلمة الأمة، وتمزيق وحدتها وتشتيت قوتها.
وكان من أعظم تلك الأسباب الشيطانية، هو الطعن في سادات الأمة حملة الدين الأوائل، من حيث الأمانة والإخلاص وحسن الأداء، إذ الطعن في الحامل طريق الطعن في المحمول وهو الدين والإسلام والإيمان.
وحجتهم في ترويج باطلهم حب آل البيت رضي الله عنهم، ورفع الظلم عنهم، ورد حقوقهم الشرعية من الوصاية والولاية وغيرها مما ابتدعوه.
وكم أحدثوا من الفتن العظيمة والويلات الجسيمة في الأمة، وشفوا غيض قلوبهم على الإسلام وأهله، حيث إنهم استمالوا فئة عظيمة من الأمة إلى باطلهم، وكسبوا عاطفتهم نحو آل البيت رضي الله عنهم وحقوقهم، حتى راج على كثير منهم أن سادات الصحابة رضي الله عنهم قد كتموا أمراً دينياً عظيماً، وظلموا آل بيت الرسول؛ طمعاً في القيادة والزعامة وحطام الدنيا، وقد غيروا وحرفوا في كلام الله ورسوله ووصيته، الأمر الذي يدل على عدم صدقهم في دينهم ودخولهم في الإسلام، لذلك فهم مرتدون كافرون مبتدعون محاربون لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
كل هذا زعموه وأكثر منه أضعافاً فيمن شهد الله تعالى بصدقهم وإيمانهم، ورضي سبحانه وتعالى عنهم، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.

لذلك تراهم -ومنذ قرون- يفرحون إذا نزلت الدوائر بالإسلام وأهله، ويحزنون ويتألمون إذا ارتفعت ألوية السنة والدين الحق، فهاهم يحتفلون بيوم مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتدبر ما يقوله عدو الله تعالى وعدو رسوله وعدو المؤمنين ياسين بن أحمد صاحب في كتابه عقد الدرر في شرح بقر بطن عمر: (فهذه نبذة من غرائب الأخبار وعجائب الآثار في وفاة العتل الزنيم، والأفاك الأثيم، عمر بن الخطاب عليه اللعنة والعذاب إلى يوم الحشر والحساب).
وقد عقد -قبحه الله- فصلاً في كتابه في بيان فضل يوم مقتله، حيث يقرر وجوب التشوق في ذلك اليوم وإظهار الفرح والسرور فيه، وبذل أنواع الأطعمة وارتداء الثياب الفاخرة الجميلة.
وتدبر ما يقوله محمد باقر المجلسي في كتابه بحار الأنوار (37/119 – باب في أخبار الغدير): عن جعفر الصادق قال: [[لما أقام رسول الله أمير المؤمنين علياً يوم غدير خم، كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، منهم أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمغيرة بن شعبة…]].
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#59000#post825405
وتدبر ما يقوله إمامهم الخميني، حيث يصف الصحابة بقوله في كتابه كشف الأسرار (ص123-127): (… حفنة من الانتهازيين المتربصين).
وأيضاً: (حفنة معروفة تقوم بعد وفاته بالتناطح من أجل الرئاسة والحكم).
وأيضاً: (إننا هنا لا شأن لنا بالشيخين –يعني: أبا بكر وعمر – وما قاما به من مخالفات للقرآن، من تلاعب بأحكام الإله، وما حللاه، وما حرّماه من عندهما، وما مارساه من ظلم ضد فاطمة ابنة النبي وضد أولاده…).
وأيضاً: (… كلمات ابن الخطاب القائمة على الفرية، والنابعة من أعمال الكفر والزندقة…).
إنهم -وما زالوا- على خبيث اعتقادهم وسوء طويتهم نحو الأئمة الأعلام من سلف هذه الأمة وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرام.
وما هذا الكتاب إلا دليل قائم على استمرارية تلك العقائد، ورد على تلك الأصوات والدعوات التي تزعم أن تلك العقائد كانت في رافضة الأمس، وأما في وقتنا وحاضرنا، فالأمة على أبواب الوحدة والاتفاق.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=825405
إن هذا الكتاب صرخة مدوية لأولئك الذين أعمتهم الشعارات البراقة عن رؤية الحقائق الناصعة، والذين هم في غفلتهم ومذاهبهم وسذاجتهم لاهون، والذين هم في سباتهم يعمهون لعلهم من تلك الغفلة ينتهون، ومن سكرتهم وراء شعارات الوحدة وتجميع الأمة –بزعمهم- يستيقظون.
إن هذا الكتاب امتداد لسلسلة المعركة بين الحق والباطل، ومواصلة لجهود علمائنا من أهل السنة في قيامهم بواجب الذب عن دين الله، وعن الأئمة الأعلام من سادات الأمة الأوائل، ويمثل أيضاً صورة ناصعة جلية من صور حفظ الله تبارك وتعالى لدينه.
لقد قام العلماء بهذا الواجب العظيم منذ أن أطلت الرافضة بقرونها في الأمة، تطعن في الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وما زالوا يتعاقبون في التصدي لأهل الزيغ والضلال، الذين يدينون بسب أصحاب رسولنا وشتمهم والطعن فيهم.
ولقد قرر العلماء الأعلام أن الرد على أهل البدع والأهواء، وكشف زيغهم وباطلهم، وتحذير الأمة منهم، من أعظم أصول الدين والإيمان، ومن أعظم صور الجهاد في سبيل الله تعالى.
يقول الإمام أحمد رحمة الله تعالى في بيان المعتقد الواجب نحو صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: [[حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآرائهم فضيلة]]( ).
ويقول الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الحب يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان…)( ).
وقال أبو زرعة الرازي رحمه الله تعالى: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح به أولى وهم زنادقة)( ).
ويقول ابن صلاح رحمه الله تعالى: (للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه؛ لكونهم -على الإطلاق- معدلين بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة)( ).
هذه بعض أقوال لبعض علماء الأمة فيما أوجب الله على الأمة نحوهم، قد استنبطوا من نصوص الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة، كيف وقد صرّح رسول الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم بعدم سبهم وشتمهم.
فقد روى الشيخان في صحيحيهما -البخاري ومسلم -: من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالله الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مُد أحدهم ولا نصيفه}.
وروى أحمد والترمذي وغيرهما من حديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه}( ).
لذلك يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: [[لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة، خير من عبادة أحدكم أربعين سنة]]( ) -وفي رواية- [[خير من عمل أحدكم عمره]]( ).
ويروي مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: [[لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإن الله جل وعلا قد أمر بالاستغفار لهم، وهو يعلم أنهم سيقتتلون ويحدثون]]( ).
وتقول عائشة رضي الله عنها: [[أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فسبوهم]]( ).
انطلاقاً من هذه النصوص وغيرها، وأقوال الأئمة العلماء، ووقوفاً عندها والتزامها منهجاً وعقيدة، ومواصلة واستمراراً لجهود علماء الأمة في مسيرتهم المباركة في الذب عن دين الله، وإظهار شعائر الدين، وترجمة حبهم لله تعالى ورسوله، وإعلان حبهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتقرب إلى الله تعالى بذلك، والذب عنهم والذود عن حياضهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
قام أخونا الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن علي الناصر حفظه الله تعالى، بهذا الجهد المبارك إن شاء الله تعالى، فألف وكتب في الذب عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، بأسلوب علمي رصين، وبحث استقرائي دقيق، متتبعاً ما أنكره عليه الحاقدون، وما اعتمدوه في الطعن عليه، من حيث صدقه وإخلاصه وإسلامه وإيمانه، مظهرين في ذلك كله البحث والتحقيق وتصفية الدين من البدع والإضافات، والتحريف والانتحالات، ستراً لنفاقهم وحقدهم على الإسلام وأهله.
ولقد رأيت المؤلف حفظه الله يتتبع أولئك الحاقدين فيكشف زيغهم، ويظهر حقائقهم، ويبين كذبهم وتمويههم، ويرد عليهم طعونهم وسبهم وشتمهم على سادات الأمة، مع الالتزام الكامل بالأدب الجم، والخلق الرفيع، واللين في القول والبيان، والحكمة في الدعوة والإصلاح وجمع الكلمة، والإحسان في المجادلة والمحاورة، كل ذلك على الرغم من إطلاعه ووقوفه على خبث أساليبهم ووقاحة أقوالهم وألفاظهم وشناعة كذبهم، وتدليسهم وتلبيسهم في محاربة الدين وأهله ورجاله الأوائل.
كيف وقد تأدب حفظه الله في مدرسة الكتاب والسنة، على منهج سلف الأمة وعلمائها الأعلام في أساليبهم ومناهجهم وكتاباتهم ومؤلفاتهم، فرآهم كما وصفهم شيخ الإسلام رحمه الله: (أرفق الناس وأعدلهم في الأحكام، والأسماء والأوصاف، وأرفق وأرحم بالفرق من بعضهم البعض).
لقد أثبت حفظه الله أن غالب ما انتقده عبد الحسين من مرويات أبي هريرة رضي لله عنه، قد رويت بنصّها ونحوها، وبزيادات عليها عن أئمتهم المعصومين بزعمهم، والأسانيد المقبولة عندهم، وهي مدونة في كتبهم وأصولهم المعتمدة، فاستخرجها مسندة معزوة، ثم قارنها بما أنكره عبد الحسين على أبي هريرة رضي الله عنه، ثم ترك الحكم للعقلاء والفضلاء.
وتطرق وفقه الله لإنكار الشيعي عبد الحسين على أبي هريرة رضي الله عنه كثرة الرواية بعد مقارنتها بمرويّات الخلفاء الراشدين، فأثبت -بالعد والإحصاء والتتبع والاستقراء في كتبهم ومراجعهم وأصولهم- أن بعض أئمتهم ورواتهم قد زادوا وفاقوا في مروياتهم ونقولهم على مرويات أبي هريرة رضي الله عنه أضعافاً كثيرة.
وذكر أيده الله إنكار الشيعي على أبي هريرة رضي الله عنه أخذه وتلقيه عن وهب بن منبه وكعب الأحبار، لزعمه أنهما من أهل الكتاب الذين دخلوا في الإسلام لإفساده بالروايات الإسرائيلية والخرافات والبدع، فيطعن في إسلامهما وإيمانهما، وليس ذلك بمستغرب؛ فقد طعن في سادات الأمة، وفي حفظ الله تعالى لكتابه العزيز، فيزعم أن أبا هريرة رضي الله عنه أخذ عنهما كثيراً، ونسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#59000#post825407
فرد على هذا الشيعي كاشفاً له أسماء أئمته الذين يعتقدون فيهم العصمة والأمانة والمعرفة التامة لأحوال القلوب، فيميزون بين الصادق والكاذب، وبين المؤمن والمنافق، فكشف له روايات أولئك الأئمة عن كعب الأحبار وعن وهب بن منبه، والتي فاقت في عددها وغرابتها على عقله وعلمه مرويات أبي هريرة رضي الله عنه.
ولقد تناول المؤلف -سدد الله سهامه وأقلامه- اتهام الشيعي لأبي هريرة رضي الله عنه بما قال بنصه بأنه: (نزاع إلى الغرائب وتوّاق إلى العجائب، فتراه يطرب عند الحديث بما هو فوق النواميس الطبيعية، ويأتي بخوارق العادات والمستحيلات).
فأشار بما استخرجه من كتبهم المعتمدة وأصولهم ومراجعهم المعتمدة، ما هو من جنس الغرائب والعجائب والخوارق والمستحيلات، مما هو مقرّر عندهم؛ لأنه منقول عن أئمتهم، ومعصوميهم وثقاتهم، ومما يفوق ما أنكره على أبي هريرة رضي الله عنه من حيث العدد والمضمون والغرابة ومحالات العقول.
ولقد عقد في كتابه -إتماماً للفائدة ومبالغة في الفضح- فصلاً تتبع فيه مخازي الرافضة في المعتقدات، والعبادات، والسلوك، والأعمال، والأخلاق، فألفيته فصلاً عظيماً، في غاية الأهمية والبيان، وقد أجاد في مناقشة الخصوم، ورد منهجهم عليهم، وقلب المجن على رؤوسهم، والكيل لهم بما يكيلون به للصحابة الأعلام، وأهل السنة الهداة.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=825407
ولقد ذكر في هذا الفصل أموراً يندى لها الجبين، وتقف عندها العقول، وتحتبس الأنفاس إن كان في القلب إيمان وإسلام، وقليل من الحياء والعقل.
نعم، وإلا فكيف يعتقدون بالخرافات والأساطير التي تترفع عنها عقول الأطفال؟! وكيف يؤمنون بالتّرهات وتنشرح لها صدورهم؟! وكيف يعظمون الأكاذيب ويقدسونها؟ وكيف يصدقون الخيالات والأوهام؟ بل كيف يجمعون بين المتناقضات والمتعارضات، ويفرقون بين المتماثلات؟
كل هذا يجده القارئ الكريم، والباحث عن الحقيقة بصدق وإخلاص في ثنايا هذا الكتاب -وأكثر من هذا- فيتحقق ما قيل في الرافضة قديماً، أن دينهم موطن للخرافات، وأنهم أصبحوا عاراً على العقل.
ولعل ما نقله الباحث عن شيخهم الطوسي يخفف الوطأة، ويعين على معرفة خفايا الرفض وأهله، فيقول الطوسي: (إن كثيراً من مصنفي أصحابنا ينتحلون المذاهب الفاسدة،مع هذا كتبهم معتمدة). إن هذا القول ذو أهمية عظيمة؛ لأن قائله ذو منزلة عظيمة عند الشيعة، فهو الملقب بشيخ الطائفة عند الإطلاق، وهو صاحب كتابين اثنين من مجموع أربعة كتب، عليها مدار الدين والمذهب في العقائد والأحكام بشهادة علمائهم وإجماعهم على ذلك.( ).
وفي ختام جولته مع عبد الحسين مال على الكذّاب الأفاك أبي رية، فهدم عليه أركان بنيانه حيث كتب بذب عن البدعة وأهلها، ويسعى في كسب ودها وعطائها، وكتب في تحقيق تلك الغاية يطعن في أصحاب رسول الله بغية الطعن في ما نقلوه إلينا من الدين والمذهب تصحيحاً لمذهب أسياده.
وإن من أعظم الخزي على أبي رية ثناء الشيعة عليه في كتبهم ومؤلفاتهم بالعربية والفارسية؛ لأنه من المعلوم عند العقلاء بالاضطرار أن أهل الباطل لا يثنون على أهل الحق أبداً.
ولكن أبا رية مازال يعتز بشهادات الثناء من علماء الشيعة، يعلقها وساماً على صدره.
والحق أن ثناء المخالف خزي وقدح، وذم المخالف وطعنه وسبه وسام وشرف وثناء، فهل يرى الناظر والباحث للشيعة ثناءً ومدحاً في أبي بكر الصديق، أو عمر الفاروق، أو غيرهما من سادات الصحابة رضي الله عنهم؟ أو هل يجد أحد ثناء أهل البدع والأهواء على أئمة أهل السنة قديماً أو حديثاً؟ لكن أبا رية قد نال قسطاً عظيماً من ثناء كتاب وعلماء الشيعة، فهنيئاً لك يا أبا رية ثناء الشيعة؛ فإنهم قد أحبوك، وأبشر بحبهم في الحياة وبعد الممات، فإن المرء مع من أحب.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#59000#post825409
أنكر هذا الأفّاك على أبي هريرة رضي الله عنه أموراً وأحاديث، وما جاء في شيء منها بجديد، لكنه راح يهذي ويردد ما أملاه عليه الشيطان حين كان يتخبط من المس، وما سطره له أسياده الشيعة، ولكنه قبحه الله كان أقل حياءً وأكثر سوءة في ألفاظه وبيانه.
يقول مثلاً في موضع من المواضع: (وقد بلغ من دهاء كعب الأحبار واستغلاله لسذاجة أبي هريرة -رضي الله عنه- وغفلته، أنه كان يلقنه ما يريد بثه في الدين الإسلامي من خرافات وأساطير…)
فردّ عليه الباحث -جزاه الله خيراً- ردوداً مقنعة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، مع التزامه بالأدب الإسلامي الرفيع بلطف وهدوء.
ثم عرَّج في نهاية مطافه على المأجور التيجاني، الذي يمثل حلقة جديدة في سلسة الكذب والتزوير؛ إرضاءً لأسياده الشيعة بالطعن في هذا الدين العظيم، وما أشبه هذا المسكين بناطح الصخرة العظيمة الصماء ليوهنها، أو يثير الغبار والرماد بيديه ورجليه ليعكر صفو السماء، أو بالكلاب الجوفاة النابحة تبغي إيقاف مسيرة الهدى والنور، أو عرقلة سير ناقلة الحق المبين.
ويزعم المسكين أنه –وأخيراً- قد اهتدى وعرف الحق، والحق أنه قد انتقل من أوحال التصوف والخرافة إلى أدناس الرفض والزندقة، فاربأ بنفسك يا تيجاني، وعد إلى رشدك شيئاً قليلاً.
وأعد البحث والنظر والتأمل في طرق الهداية وأصول النجاة؛ إن كنت فعلاً باحثاً عنها، ولعلك تجد في هذا الكتاب أملاً جديداً، ومنارات للحق والهدى تتجلى بنور الوحي واحترام العقل والذات.
وختاماً: إن قافلة الناطحين من ذوي الأظلاف، ومثيري الرماد والغبار من ذوي الأمراض والعاهات والأحقاد، والنابحين من ذوي الحناجر النتنة لن تنتهي، ولن تتوقف، فهي سنة الله تعالى في خلقه ما دام الشيطان وحزبه، ولكن ومن سنة الله تعالى أيضاً، ومن رحمته بالخلق والعباد أن هيأ وقيّض -وعلى مرّ العصور والدهور- رجالاً أعلاماً أمدهم بتوفيقه، وأيدهم بنصره -رغم قلة عددهم وعُددهم- يذبّون عن دين الله، ويكشفون زيف الغالين وانتحالات المبطلين، ويكرون بسهام الحق وبسيوف السنة وأقلام الهدى؛ فيدفعون الباطل ويقمعون أهله، ويحيون في الأمة قتلى إبليس والمخدوعين بشعارات أهل البدع والأهواء، ولا غرابة في ظهور الحق أمام جيوش الباطل الجرارة، فإن الحق يعلوه نور الوحي (القرآن)، والباطل تعلوه الظلمة مهما زينه أهله وزخرفوه، وكما قيل: فإن الحق أبلج والباطل لجلج.
كيف لا والله تعالى قال ووعد: ((يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) [التوبة:32] * ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) [التوبة:33] وقال تعالى: ((وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)) [الإسراء:81] وقال تعالى: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر:9] وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا)) [الحج:38].
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=825409
فالله -تبارك وتعالى- أسأله أن يجعلني والأخ الباحث -صاحب هذا السفر الجليل- ممن قيّضهم ورضيهم في قافلة الخير؛ تحقيقاً لوعده في حفظ كتابه، وتحقيقاً لوعده في الدفاع عن الذين آمنوا، وتحقيقاً لوعده في إظهار دينه والحفاظ على نوره وهداه.
وأسأله عز وجل أن يجعلني وإياه من حزبه وأنصاره، وأنصار دينه، وأتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، المقتفين آثار الصحابة الأعلام، وأن يتقبل مني وإياه صالح الأعمال، وأن يجعل هذا الجهد في موازين أعمالنا، فإنه –والله- أرجى ما نتقدم به إليه، ونتوسل به إليه عز وجل، وهو حب الصحابة والدفاع عنهم، إذ هو فرع حب الله وحب رسوله وحب دينه، إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.

وكتبه
د / عبد الله بن إسماعيل

مقدمة المؤلف
الحمد لله حمداً كثيراً يوافي نعمه، ويكافىء مزيده، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، لا أحصى ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله خير من اصطفى من خلقه، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.
فقد لهج أعداء السنة وأعداء الإسلام، في عصرنا، وشغفوا بالطعن في أبي هريرة رضي الله عنه، وتشكيك الناس في صدقة وفي صحة روايته، بغية أن يصلوا -زعموا- إلى تشكيك الناس في الإسلام تبعاً لساداتهم، وإن تظاهروا بالقصد إلى الاقتصار على الأخذ بالقرآن، أو الأخذ بما صحّ من الحديث في رأيهم، ولا يصحّ من الحديث في رأيهم إلا ما وافق أهواءهم؛ وما هؤلاء بأول من حارب السنة في هذا الباب، بل ولهم في ذلك سلف من أهل الأهواء قديماً، ولكن يسير في طريقه قدماً، ويظهره الله رغم صراخهم وعويلهم ومكرهم وكيدهم. ومن العجب أن تجد ما يقوله هؤلاء المعاصرون، يكاد يرجع في أصوله ومعناه إلى ما قاله أولئك الأقدمون، كما تجد فرقاً واضحاً بين الفريقين: فبينما تجد أولئك الأقدمين، زائغين كانوا أم ملحدين، فقد كانوا على علم ودراية واطلاع! وأما هؤلاء المعاصرون،فلا تجد فيهم إلا الجهل والجرأة وامتضاغ ألفاظ لا يحسنونها، يقلدون ثم يتعالون على كل من حاول وضعهم على الطريق القويم، وقد اتخذوا للوصول إلى هذه الغاية أساليب متعددة من أبرزها:
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#59000#post825410
أ- اتهام كبار نقله الدين والسنة وحفاظها بأنهم كفّار! فيزعمون أن هذا ما خرجته مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا معتقد صرحت به رواياتهم المعتبرة.
قال علامتهم التستري في كتابه المزعوم إحقاق الحق!! ما نصه:
(كما جاء موسى للهداية، وهدى خلقاً كثيراً من بني اسرائيل وغيرهم فارتدوا في أيام حياته، ولم يبق فيهم أحد على إيمانه سوى هارون، كذلك جاء محمد وهدى خلقاً كثيراً، ولكنهم بعد وفاته ارتدوا على أعقابهم…) انتهى كلامه.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=825410
وأقول: لله در القائل:
لا تركنن إلى الروافض إنهم شتموا الصحابة دون ما برهان
لعنوا كما بغضوا صحابة أحمد وودادهم فرض على الإنسان
حب الصحابة والقرابة سنة ألقى بها ربي إذا أحياني
احذر عقاب الله وارج ثوابه حتى تكون كمن له قلبان
وهذا هو ما يريدون، فإذا فرغوا من أبي هريرة رضي الله عنه، تحولوا إلى غيره من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقلة سنته إلى الأمة الإسلامية. وهذا هو هدفهم الحقيقي.
فقد اتهموا كبار نقلتها، وأئمة حفّاظها بأنهم كفّار!! هذا ما خرّجته مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم حسب عقيدتهم، وهذا معتقد صرّحت به رواياتهم المعتبرة.
ومن أساليبهم المتعددة:
ب- قولهم: إنه لا يجوز أخذ حديث رسول الله إلا عن طريق أهل البيت، ويقصدون بأهل البيت أئمتهم الاثني عشر( ).
قال شيخهم كاشف الغطا في كتابه أصل الشيعة (ص79): (إن الإمامية لا يعتبرون من السنة إلا ما صحّ لهم من طرق أهل البيت عن جدهم؛ يعني ما رواه الصادق عن أبيه الباقر عن أبيه زين العابدين عن الحسين السبط عن أبيه أمير المؤمنين عن رسول الله، أمّا ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب ومروان بن الحكم وعمران بن حطان الخارجي وعمرو بن العاص ونظائرهم، فليس عند الإمامية من الاعتبار مقدار بعوضة).
لذلك ألف أحدهم -وتطلق طائفته عليه آية الله العظمى!! عبد الحسين شرف الدين الموسوي الذي امتلأ قلبه بالحقد الأسود- ألف كتاباً في الطعن في أبي هريرة رضي الله عنه،( ) أتى بأكاذيب وأباطيل وأراجيف ومطاعن لتشويه سمعة هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه، وقد استقي من هذا الكتاب كتابان أحدهما: أبو هريرة شيخ المضيرة للمدعو محمد أبو رية، فسار على نهجه بل فاق أستاذه، وأكثر في مجانبة الصواب، وما لبث أن طبع كتابه مرة أخرى؛ لأن اليهود والشيعة اشتروا نسخه الأولى ووزعوها،( ) وهذا بعض التعويض لصاحبه.
وأما المؤلف الآخر فيدعى محمد السماوي التيجاني أحد رموز الباطنية والصوفية، فلو علم القارئ الكريم كل ما سطرته أنامل هؤلاء ضد الأمة؛ لذهبت نفسه حسرات من أجل ما نزل بساحة الأمة المحمدية، مما تنفثه أقلام علماء السوء من السموم والنفاق، هؤلاء هم دعاة الفرقة والانقسام الذين فرقوا صفوف الأمة وقصموا عرى اعتصامها ووحدتها واتحادها، حتى أصبحت فرقاً وشيعاً وأمست طعمة لكل طامع ومستعمر.
لذلك رأيت من واجبي أن أرد تلك الشبهات التي أثارها هؤلاء، وما أتوا به من أباطيل وتلفيقات، وأتناول خلال ذلك بعض النقاط التي اشترك فيها هؤلاء جميعاً، مبيناً وجه الحق بالأدلة والبراهين، معتمدًا على الله، طالباً منه التوفيق والسداد.
والخلاصة: أن الغرض -كما قلت- ليس الطعن في أبي هريرة رضي الله عنه، بل إن هذا مقدمة وتوطئة لهدم الإسلام، فإن هؤلاء المخذولون لما أرادوا رد هذه الشريعة المطهرة ومخالفتها، طعنوا في أعراض الحاملين لها، الذين لا طريق لنا إليها إلا من طريقهم.
واستخفوا بأهل الركيكة بهذه الذريعة الملعونة والوسيلة الشيطانية، فهم يظهرون السب واللعن لخير الخليقة، ويضمرون العناد للشريعة، وليس في الكبائر ولا في معاصي العباد أشنع ولا أخنع ولا أبشع من هذه الوسيلة!لم يقفوا من أبي هريرة رضي الله عنه وحده ذلك الموقف، بل وقفوا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً مواقف إلا نفراً قليلاً كما سبق -وسيأتي- موقف العداء والبغض والذم، حتى وصل الأمر بهم إلى تكفير جمهور الصحابة رضي الله عنهم، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. إن من حق أبي هريرة رضي الله عنه في أعناق المسلمين، أن ينهض فيهم من يرد هذا الكيد عنه ويدفع هذا الافتراء والبهتان عن سيرته؛ لأن في هذا الدفع وذلك الرد دفاعاً عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحماية لها من طعون المبطلين والمفسدين.
وإني لأرجو أن يكون في هذه الصفحات التي كتبتها في رد هذه الشبهات عن هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه ما يساعد على محق باطل أعداء أبي هريرة رضي الله عنه، وكشف عوراتهم وسوآتهم وكذبهم ((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَ يَحْيَ مَنْ حَيَّ عَن بَيّنَةٍ)) [الأنفال:42] ولاسيما أن أهل الأهواء والبدع لم يأتوا بشيء جديد، سوى أنهم نفخوا في هذه الطعون وزادوا فيها مازينه لهم هواهم أن يزيدوا.
لذلك أقدمت على كتابة هذا البحث المتواضع نصحاً لله ولرسوله ولدينه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وذباً عن الحق وكشفاً لافتراءات المبطلين وانتحالات المنتحلين، ودفاعاً عن الذين آمنوا. وقد جعلته في بابين:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.