وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ
وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً
قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#189910#post2022743
وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي
إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }
(١٥)
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا
وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } (١٦)
لماذا كانت الأربعين هي الحـدّ الفاصل ؟
لماذا لم تكن الثلاثين ؟ باعتبار أنها منتصف العمر تقريباً
إذا كانت السِّـتِّين هي مُعتَرك المنايا ، وكانت أعمار أمة محمد صلى الله
عليه وسلم ما بين الستين إلى السبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك .
كما في الحديث .
فإن المنتصف تقريبا هو سِـنّ الثلاثين ..
فلماذا جاء في الآية (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) ؟
يظهر – والله أعلم – لأن الأربعين هي سنّ الأشدّ ،
ولذا قال في أول الآية : (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ) .
ولأن سِنّ الأربعين غالبا يَذْهَبُ معها السَّفَه ،
فقال عن ذي الأربعين :
(قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) .
ولذا من شاب على السَّفَـه لا يُرجئ برؤه غالباً !
ولذا قيل :
وإن سفاه الشيخ لا حُلْمَ بعده** وإن الفتى بعد السفاهة يحلـم
ولأن الإنسان في هذا العمر يكون غالباً قد رُزِق الذرية ،
ويهمّه صلاح ذريته ، ولذا قال : (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) .
كما أن الإنسان في صعود في سِـنِـيّ عُمره حتى يبلغ الأربعين ،
فإذا بلغها كان كالذي يصعد جبلا ، فبَلَغ قمّـتَـه ، فما بعد الصُّعود
إلا الهبوط ، وما بعد الوصول إلى القمة إلى الانحدار !
وعادة يكون الصعود أصعب من الهبوط
ويستغرق الصعود وقتا أطول من النُّـزول
فالإنسان في صعود في سنوات عمره طيلة أربعين عاماً ..
فإذا بلغها بدأ بالهبوط والانحدار ، والهبوط أسرع ،
فصاحب الأربعين بدأ بالهبوط سريعاً نحو مُعتَرك المنايا ..
نحو السِّـتِّين ، أو السبعين ..
قال الإمام القرطبي :
ففي الأربعين تناهى العقل ، وما قبل ذلك وما بعده مُنتقص عنه .
ولذلك يقول الذي بَلَغ الأربعين (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
بقلم فضيلة الشيخ / عبد الرحمن السحيم