إن معظم الأطفال لديهم مقدرة طبيعية للإرتباط بوالديهم وبالأشخاص الآخرين منذ لحظة الميلاد. وبدون أي جهد مقصود يتعرف الأطفال على الناس باعتبارهم أهم مكونات عالمهم، ومنذ بداية اللحظات الأولى للحياة يوجد تفاهم ثنائي متبادل بين الوالدين والطفل بجانب شعورهم بأنهم على نفس موجة الإرسال، إلا أن هذا الشعور لا يوجد لدى الطفل الذي يعاني من التوحد، وهناك شعور حدسي بأن هنالك شيئا خاطئا في قدرة الطفل على الإرتباط بالآخرين منذ وقت مبكر في حياة ذلك الطفل.
هنالك العديد من الأساليب التي تكشف هذا الضعف المتبادل في التفاعل الإجتماعي، وبالنسبة للطفل الصغير جدا قد يكون هنالك عدم إدراك واضح لوجود الآخرين والإحساس بهم، والخاصية التي تعتبر نموذجية بالنسبة للتوحد هي تفادي التواصل البصري، ولكنه تفاديا متعمدا أكثر من كونه بحثا عن نظرة محدقة في بداية أي تفاعل، أو نظرة مكررة في وجه الشخص الآخر أثناء المحادثة أو اللعب والأشخاص الآخرين قد يتولد لديهم شعور بأن الطفل يعاملهم كأشياء، ويبدو وكأنه لا يحتاج للناس ولاتوجد إبتسامة مشتركة أو إحساس مشترك بالفكاهة، وعندما يكون الطفل حزينا، فإن الطفل ذوي التوحد يكون أقل استعدادا لكي يبحث عن أو يستجيب للحب والمودة بالقدر المتوقع بالرغم من أن أعدادا كبيرة من الأطفال العاديين يمكن أن يكونوا مستغرقين في التفكير "وباردين" إلاّ أنه ومع ذوي التوحد تكون المشكلة أكثر عمقا.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#16124#post135104
والطفل من ذوي التوحد في مرحلة ماقبل الدخول إلى المدرسة قد لا يشارك في النشاطات مع البالغين كما أن النشاطات التي تصحب عبارات مثل "أنظر إليّ" أو "أنظر إلى تلك" تكون غالبة عنده بطريقة منافية للذوق السليم.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الطفل الذي لديه التوحد نادرا ما يقلد لعب الأطفال الآخرين، أو يقلد النشاطات المنزلية لوالديه على التوالي.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=135104
والطفل الذي بلغ سن الدراسة يفضل استمرار الألعاب الإنفرادية على اللعب مع الأطفال الصغار، وهو لا يهتم بالإنضمام للألعاب الإجتماعية لأقرانه.. وكمثال: أثناء محادثتي مع مراهق في العقد الثاني من عمره مصاب بالتوحد سألته لماذا لا يتحدث مع الأطفال الآخرين في الملعب، كانت إجابته "لا" ، أشكرك ليس ذلك واجبا عليّ، ومن الواضح أن لديه القدرة على المناقشة مع أقرانه لكنه اختار اللعب بمفرده في جزء معزول من الملعب لأن هناك ضعف في مقدرته على إنشاء صداقة مع أقرانه.
إن الطريقة الخرقاء للتحدث مع الآخرين هي خاصية من صفات الأطفال الذين لديهم توحد كما أن قدراتهم العقلية تكون قريبة من كونها عادية، وحقيقة فإن هؤلاء الأطفال يريدون ****** النشاط الإجتماعي ولكنهم لا يبدون مدركين للقوانين غير الة للتفاعل أو المحادثة، فالطفل الذي يعاني من التوحد قد يتقدم إلى أحد البالغين ويبدأ الحديث بسؤال قد لا يكون مناسبا مع الموقف المباشر أو مع الشخص الآخر وكمثال: قد يقترب التوحدي من شخص غريب منه تماما ودون أدنى تحية إجتماعية مبدئية يسأله بصوت عالى: ما نوع سيارتك؟ وقد تستمر المحادثة بسلسلة أسئلة وإفادات عن موضوع يحدده الشخص التوحدي الذي يبدو غير مدرك لأي علامة دهشة، أو ملل أو حرج لدى الشخص الآخر. ونادرا مايتم تعديل المحادثة لكي تأخذ في الاعتبار آراء الشخص الآخر، أو الحوار من جانب واحد فقط سُيشعر الشخص الذي كان يخاطبه غريب الأطوار.
ومن الواضح أن الأطفال الذين يعانون من عرض إضطراب "الأسبيرجر" يريدون الاختلاط الإجتماعي وهم قادرين جدا على الاستمرار في المحادثات الإجتماعية، ولكنهم يواجهون صعوبات بالغة في إقامة العلاقات الإجتماعية الودية ومراعاة التقاليد الإجتماعية، وهذه المشكلة المتعلقة بالسلوك الإجتماعي المتقدم قد لا تتم ملاحظتها إلاّ عندما يبلغ الطفل الرابعة أو الخامسة من العمر، وقد يبدو أنهم أجلاف، أو أشرار، أو غير مراعين لحقوق ومشاعر الآخرين، ولكنهم في الحقيقة لا يدركون التقاليد الإجتماعية ولا يدركون كيف يتضايق أو يغضب سُلوكهم الأشخاص الآخرين، وعلى سبيل المثال: لدى الانتظار في السوبر ماركت لدفع قيمة السلع التي تم شراؤها قد يقول الطفل لأبويه (بصوت عالي) أليست هذه المرأة قبيحة؟؟ ويتم الرد عليه بأن يلتزم الصمت ويقال له يجب أن لا تقول ذلك ويرد على ذلك بالقول بصوت مرتفع بقدر أكبر من ذي قبل: ولكنها قبيحة!!.
ويبدو الطفل أنانيا للغاية ويعوزه التقمص العاطفي، أي فهم الأشياء من خلال وجهة نظر الآخرين، ومثل هؤلاء الأطفال يكونوا غالبا غير مبالين بالضغوط الناجمة عن وجود الأنداد بالمدرسة، وبالتالي قد لا يُلّحوا من أجل الحصول على آخر الصيحات من موضة الملابس أو الألعاب، والسؤال الذي أوجهه دائما هو: مالذي يفعله الطفل في ساعة الغداء في المدرسة؟ والإجابة الدائمة هي أن هؤلاء الأطفال يتواجدون في مكتبة المدرسة أو في جزء منعزل من الملاعب.
يتبع …
ومن ناحية أخرى، فإن الطفل المصاب بالتوحد ذو الكفاءة الأعلى قد ينشيء حوارا طبيعيا بقدر أكبر، ولكنه قد لا يبدو مدركا لملاءمة الموضوع، أو متى يتوقف عن الحديث عن القطارات أو الفراشات، أو كيف ينهي المحادثة.
كيف يتم تحسين مهارات التفاعل الاجتماعي؟
من المهم أولا أن نقّر المراحل التي استوعبها الطفل وبعد ذلك نشجعه على استيعاب المرحلة التالية، وإذا كانت المشكلة "لماذا لا ينظر إليّ؟ أو ينظر بالقرب مني؟" فعليك بتشجيع المرحلة الأولى بالربط بين وقوع النظرة العفوية المحدقة للطفل على عينيك وبين نشاط اجتماعي آخر ممتع مثل الدغدغة المداعبة، أو التأرجح، أو الملاحقة وبالتالي فإن الأطفال سيعرفون كيف يمكنهم أن يبدأوا التفاعل كما أن هذا التفاعل يمكن أن يكون ممتعا أكثر من كونه مجرد اعتراض على مايفعلونه، ومن الضروري أن توازن بين تفاعلات عبارة "أريدك أن تفعل هذا" و عبارة "دعنا نستمتع بذلك سويا" ويجب التركيز على أن مثل هذه الأشكال للعب الاجتماعي تمثل جزء هاما من تفاعلاتك مع الطفل، وهذه سوف تشجع الطفل لأن يكون اقترابه العفوي من الناس أكثر حدوثا.
وإذا اقترب الطفل من الآخرين، فابدأ بتعليمه التحية المناسبة، ولكن كن حذرا، حيث أن أحد أنواع التحية العائلية قد تكون قبلة ولكن الطفل الذي يعاني من التوحد قد لايميّز من هو الذي يمكن أن يقبله كأن يقبل ساعي البريد الذي يحضر لتسليم رسالة مثلا. وإذا ألقى التحية بطريقة صحيحة، كيف يمكننا أن نجعله يتخلى عن توجيه سلسلة من الأسئلة تظل شكلا مهيمننا من أشكال التفاعل؟ أولا، قد يكون هذا السلوك صدى لمعظم تفاعلات المحادثات الطبيعية الصادرة من البالغين للطفل الذي يعاني من التوحد، مثل "لماذا تفعل ذلك؟" أو "ما هذا؟" والشيء المفقود في هذا السؤال هو التعليقات عن بعض النشاطات أو الموضوعات المناسبة ويمكن التشجيع على ذلك بالتأكد من أن تفاعلاتك الطبيعية تشمل العديد من التعليقات الأخرى وليس الأسئلة فقط كأن تقول له: "تلك السيارة تجري بسرعة فائقة" أو "هذا لقميص جميل" وإذا قال الطفل هذه التعليقات بعفوية قل له بعض الإجابات المناسبة وخُصّه بالإهتمام المناسب.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#16124#post135105
أوضحت عدة دراسات تجريبية أن الأنداد العاديين يمكن أن يزيدوا من ترددات التفاعلات الإجتماعية بالنسبة للأطفال المنعزلين الذين يعانون من التوحد وبالنسبة للأطفال التوحديين ذوي الكفاءة الأعلى ومنهم الطفل الذي يعاني من التوحد يجب أن يشمل تمضيته بعض الوقت مع الأطفال العاديين من نفس أعمارهم ، والوقت الذي يمضيه مع الصبيان في العقد الثاني من العمر يمكن أن يوفر ممارسات تعليمية إجتماعية إضافية.
وهذا يمكن تحقيقه في كل من فصول الدراسة ومن خلال النشاطات الترفيهية مثل الرياضة ومعسكرات الكشافة..إلخ.
والمشكلة أن المخالطة البسيطة للأطفال العاديين لن تؤدي تلقائيا على زيادة في اللعب الإجتماعي، ومن الضروري أن نتأكد بأن الطفل ليس على هامش الأحداث، وأنه يعرف قوانين اللعبة، مثلا: عندما يلمسك أحد اللاعبين تلاحق أنت شخصا آخرا، أو عندما تستلم الكرة تحولها إلى شخص آخر من فريقك، وهذا ربما أمكن تحقيقه عبر إرشاد أحد البالغين، ولكن عندما لا يكون هناك إشراف أثناء فترات الراحة فإن فرص التفاعل الإجتماعي قد تهدر إلاّ أنني قد وجدت أن تعيين مرشد أو مرشدين قد يكون مفيدا للغاية، والمشرف عضو في هيئة التدريس، لديه النضوج الفكري والإهتمام بالطفل الذي يعاني من التوحد ومتلازمة "أسبيرجر" كما يصبح شريكا لهم في اللعب ويشرح لهم كيف يلعبوا ويأتي إلى مساعدتهم عندما تتم مضايقتهم أو الاستئساد عليهم.
ومع كل فرصة فكّر كيف يمكن للنشاط أن يتضمن عاملا إجتماعيا، ومثلا عندما تتعلم الطفلة كيفية الطبخ في المدرسة يمكنها أن تُعّد وجبة ليس لنفسها فقط ولكن لطفل آخر، أو عندما يتم توزيع البسكويت يمكن للطفل أن يقدم الطبق لكل واحد من زملائه في الفصل ويناديه باسمه طالبا منه أن يأخذ قطعة من البسكويت (كما يتعلم عدم الغضب عندما يرفض أحدهم أن يأخذ قطعة من البسكويت)، وبالرغم من أن معظم التعليم يتم عن طريق الجلوس مع كل واحد على حدة، تذكّر أنه عندما يتم تعلم المهمة ينبغي تشجيع الطالب للقيام بالنشاط مع المجموعة متبادلا معهم الأدوار وربما مساعدا لطفل آخر.
هنالك عدد من الأساليب الفاعلة للتدريب على المهارات الإجتماعية والتي يتم تطويرها لأولائك الأطفال الذين يعانون من التوحد ولديهم قدرات عقلية لتعلم مهارات محددة تشمل النحت والتدريب الرياضي والقيام بالأدوار التمثيلية حيث وصف (تيم وليام) طريقة شاملة لاستخدامها مع الأطفال غير المعاقين ولديهم توحد، كما تستخدم هذه الطريقة الألعاب الترفيهية والتوجيهات المباشرة كما يجب عمله في مواقف محددة مثل "أنظر إلى عينيّ الشخص الذي تتحدث معه" كما ويمكن استخدام أساليب التغذية الاسترجاعية البسيطة.. لقد نظرت إليّ وجلست بهدوء عندما تحدثت، ويمكن استخدام أفلام الفيديو لترتيب و****** الحديث والمناقشة وهناك طريقة ذكية أخرى جيدة للمعلمين (Groden and Cautel) إذ أنهما شجعا كل واحد من طفلين يعانيان من التوحد أن يتخيلا موقفا اجتماعيا ويربطانه مع تخيل حادثة لطيفة، مثلا "تخيل اللعب مع طفل آخر ثم سنعطيك قطعة شوكولاتة لتأكلها" وكانت النتيجة زيادة في اللعب الإجتماعي العفوي.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=135105
بعض الأطفال يمكنهم تحقيق مهارات تفاعل إجتماعي معقد ولكنهم قد لايدركوا إرتكابهم للأخطاء، أو قد تكون لديهم حساسية مفرطة لأي نقد لقدراتهم الاجتماعية، ومثل هؤلاء الأشخاص قد يحتاجون لأن يخبرهم آباؤهم أو مدرسيهم بالأحكام المحددة للسلوك الاجتماعي، مثلا "مجرد حبك للحاسوب لا يعني أنه يمكنك الدخول إلى منزل جارك لاستخدام جهازه الجديد، خاصة إذا كان الجميع قد دخلوا غرفهم للنوم".
بالنسبة لذوي متلازمة "أسبيرجر" فقد تكون المدرسة هي المكان الوحيد للحياة الإجتماعية خارج المنزل، وقد يكون من الضروري أن تشجع بفعالية هؤلاء الأشخاص ليتابعوا نشاطات الترويح والمتعة بالانضمام إلى منظمات مثل الكشافة، والأندية المحلية للسباحة وركوب الخيل، أو مجموعات الإهتمامات الخاصة مثل هواة الرحلات بالقطارات، وهواة جمع الطوابع والنقود الأثرية أو أندية الحاسوب أو أندية مشجعي الفرق الرياضية المحلية، ولقد اكتشفت أن عضو النادي الذي يعاني من أعراض متلازمة "أسبيرجر" ليس بالضرورة أن يكون هو الشخص الوحيد ذو الأطوار الغريبة في الاجتماع.
والطفل الأكثر قدرة عقليا يبدو غير مهتم لعدم وجود أصدقاء له، ولكنه في سن المراهقة يريد فعلا أن يكون له أصدقاء حميمين، وطريقة تحسين المهارات والثقة بالنفس هي أن تكون هنالك مجموعة من المراهقين المشابهين في المدرسة المجاورة لكي يجتمعوا ويراجعوا سويا السلوك الإجتماعي السليم، وهذه المجموعات يجب أن تضم أغلبية من المراهقين العاديين، كما تكون لها طريقة للقيام بدورها في عدة مواقف متبادلة، مثل الطلب من شخص ما الرقص، وكيف يتعامل مع رفضه لهذا الطلب، أو مناقشة السيناريوهات التي لم يفهم فيها شخص ما بعض التقاليد الإجتماعية، ولقد وصفت (مارجريت ديوي) بعض السيناريوهات غير المناسبة لبعض الذين يعانون من إضطراب "أسبيرجر" مثل الشخص الذي يذهب إلى معاينة توظيف ويدرك أن شعره غير ممشط، ثم يطلب استلاف مشط من شخص غريب عنه.
يتبع …
الإنطباع الأوليّ عن الأشخاص الذين يعانون من التوحد هو أنهم لا يكترثون لمشاعر الآخرين، وبالفعل فإن لديهم صعوبات في تفسير التلميحات العاطفية التي تظهر في تعابير الوجه، والإيماءات، والجلسة، ونبرة الصوت، ولهذا فإنه لا يمكن أبدا للشخص أن يتأكد بأن الشخص الذي يعاني من التوحد قد فهم تماما المشاعر التي عبّر له عنها بتعابير وجهه أو أفعاله، إلاّ أنه لا يصح القول بأنهم لا يكترثون أبدا، لأن الطفل الذي يعاني من التوحد يصبح حزينا للغاية بسبب السلوك العاطفي للآخرين، والمشكلة هي أن الطفل الذي يعاني من التوحد قد لايعرف ما تعنيه الحركات المحددة والكلمات الصادرة من الآخرين، أو كيف يتوقع منهم أن يستجيبوا، وهذه الإعاقة تظهر في مظهرها الحاد لدى الطفل التوحدي الذي يعاني من الانعزالية، وهنا فإن الطفل يكون حزينا لمجرد قربه من شخص ما، كما أنه قد يكون في أقصى درجات الطمأنينة إذا اقترب منه شخصا آخر باسلوب هاديء مع تحقيق أقل قدر ممكن من الإشباع العاطفي له، والتشبيه المناسب لهذه الحالة هو أنك ستكون مثل الشخص الذي يحاول الاقتراب من حيوان برّي مثل الظبي الذي لن يعرف هل ستكون أفعالك ودية أم مفترسة، وبالنسبة للطفل الصغير جدا والمنعزل والذي يعاني من التوحد قد يكون من المفيد الاقتراب من الطفل بنبرة هادئة وبحركات بطيئة وثابتة، وبصوت هاديء يستمر فقط لبضع ثواني، وبمجرد ما يعتاد الطفل المنعزل على مثل هذه النبرة المنخفضة والتفاعلات غير العاطفية، يمكنك أن تزيد بالتدريج من فترة التفاعل والمحتوى العاطفي.
ونحن جميعا لدينا ما يمكن تحمله من توقعاتنا للسلوك العاطفي السليم للآخرين، فمثلا إذا جاءك الجزار بطريقة غير متوقعة واحتضنك أمام متجره وطبع قبلة على جبينك لأنك اشتريت منه بعض النقانق فإن تأثير ذلك الفعل قد لايكون لطيفا بالنسبة لك، إن القدرة على فهم السلوك العاطفي للآخرين ضعيف لدى الأفراد الذين يعانون من التوحد، والتطبيق العملي لذلك أن تحملهم للسلوك العاطفي للآخرين يكون دائما في مستوى أقل بكثير مما هو معلوم، ومن المهم جدا أن تحدد لسلوكك العاطفي النغمة والمستوى الذي يفهمه الطفل ويمكنه التعامل معه، فمثلا إذا أدى الطفل أداء جيدا فإن عبارة "شكرا لك" وحدها قد تكون كافية جدا ويفرح بها الطفل، وأي ثناء استعراضي سيجعل الطفل محتارا، وقد يعبّر عن أن هذه التجربة غير سارة وفي الحالات التي قد تغضب فيها من الطفل الذي يعاني من التوحد وتعامله بعدوانية فإن صفو الطفل ومزاجه سيتعكر، وكما قالت إحدى الأمهات "إذا غضبت منه فسأكون كمن يلقي بالمزيد من البنزين على النار" وإذا أردت أن تغضب وتنفجر فاترك الطفل واذهب إلى مكان آخر (ربما إلى الحمّام وأغلق وراءك الباب) وتفوه بكل ماتريده من ألفاظ، ثم عد إلى الطفل وأنت في هدوء تام ومزاج معتدل، وفي الحالات التي تعبر فيها عن حبك للطفل قد تكتفي بتقبيله بطريقة مقتضبة أو لمسة فقط، لأن المزيد من العمق العاطفي قد يجعله يبتعد عنك وتفادى مثل هذه المواقف.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#16124#post135106
التعبير عن العواطف
هناك القليل من الدراسات حول قدرة الأطفال ذوي التوحد على التعبير عن عواطفهم، ولكن بيانات البحوث المحددة تساند الملاحظات السريرية التي توضح عجزا كبيرا في هذا الجانب، ولقد فحصت العديد من الدراسات قدرة الأطفال ذوي التوحد في تقمص تعابير وجه واضحة تدل على عواطف معينة، وخلصت الدراسات إلى أن الأطفال ذوي التوحد لديهم قدرة أقل في تقمص تعابير الوجه المطلوبة، وهناك دراسة حديثة تفحصت الإيماءات الطبيعية للأطفال ذوي التوحد، ولاحظت غيابا منافيا للذوق السليم في التعبير عن المشاعر الشخصية مثل المواساة والحب، والصداقة، والحرج في المواقع التي يتوقع فيها حدوث مثل هذه الإيماءات وعليه فإنه يبدو أن "الذخيرة الغوية لهؤلاء الأطفال في مجال التعبير العاطفي تعتبر محدودة".
وعلى المستوى التطبيقي فإن هذه الإعاقة تُحدثُ أسى عميقا لكل من الشخص ذوي التوحد والآخرين إذ أن الأجزاء المفقودة من "الذخيرة اللغوية" تبدوا وكأنها عبارة عن تلك العناصر المتوسطة التي تقع ما بين التعابير المسيطرعليها والتعابير الانفجارية من ناحية، وفيما بين تلك االتعابير التي تتطلب فهما لمشاعر وأفكار الشخص الآخر من ناحية أخرى.
والمثال المقبول حدسيا، ولكنه غير دقيق بشكل واضح والذي أستخدمه هو اعتبار مشاعر الطفل ذوي التوحد وكأنها قد تم التعبير عنها عبر مجسم صوت مقلوب، فبعض المشاعر يتم التعبير عنها بأقصى الأصوات إرتفاعا بمجرد استخدام زر "تشغيل/إيقاف"، وهذه العواطف شخصية بكل معاني الكلمة، مثل الاحباط والإزعاج، وبعض المشاعر تم التعبير عنها بأدنى صوت ممكن وهذه تتضمن فهما واعترافا بمشاعر وأفكار الآخرين، وهذه العواطف تشمل المحبة، والمواساة، والإحراج، وهكذا فإن توترا خفيف قد تنتج عنه تفاعلات مأساوية، فطفلة توحدية لم تستطع فتح الباب قامت بعض يديها، وفجأة قفزت حتى أصابت زميلتها في الفصل، ولم تواسيها أو تعتذر أو يبدو عليها أي نوع من الحرج، ولكن لمستها المقتضبة لذراعك أو لوجهك قد تكون أعمق أنواع المودة والحب التي يمكن أن يعبّر عنها الطفل وهي تساوي في قيمتها الغالية عناق الطفل للطفل الآخر وقول كلمة "إني أحبك".
يبدو أن هناك عدم دقة في التعبير عن العواطف والشيء المهم الذي يجب أن نتذكره هو أن قوة التعبير العاطفي للشخص ذوي التوحد يمكن أن تفسر تفسيرا غير صحيحا حيث أن أحد البالغين من ذوي التوحد كان يعتبر عدوانيا للغاية وذلك لأنه كان يأتي قريبا من الأشخاص الآخرين ويلوح بقبضة يده المرفوعة قائلا سألكمك في فمك، وهو لم ينفذ التهديد أبدا، ومن المفهوم أنه كان يأتيهم عدد قليل من الزوار، ولدى التحري اتضح أنه يتهيج فقط لدى حضور أشخاص جدد، ولكنه لا يستطيع أن يعبر عن هياجه بطريقة رقيقة ومناسبة، ومن ناحية أخرى فإنه شاهد الأفعال والعبارات في التلفاز عندما يستشيط الناس غضبا ووجد أن تقليد مثل هذه الأفعال نجح في إبعاد الناس عنه وتركه لوحده، وكان علينا أن نشرح بعناية للزوار ألاّ يأخذوا بالتفسير الحرفي لما قاله لأنه لا يمكنه التعبير عن نفسه بغير هذه الطريقة البدائية، وبالاضافة إلى ذلك ينبغي أن نعلمه العبارة البديلة "أرجو تركي لوحدي" والتي تعتبر فاعلة بنفس القدر ولكنها سليمة تماما.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=135106
ويلاحظ وجود صعوبة في النطق بالمشاعر أو التعبير عنها عندما يحزن الشخص ذوي التوحد أو يتهيج، ويكرر جمل كاملة أو محادثات ليست مناسبة في الحالة المماثلة، ولكن ربما يكون قد سبق التفوه بها سابقا بواسطة هؤلاء الأطفال أو بواسطة أشخاص آخرين، وذلك لدى حدوث تجربة عاطفية مشابهة، وهنا فإن الرسالة الهامة هي المشاعر وليس الكلمات.
وهناك سؤال شائع يرتبط بالتعبير العاطفي "لماذا يضحك عندما أكون في خلاف معه أو عندما يكون مضطربا؟" بالطبع هذه الاستجابة العاطفية الظاهرية التناقض قد تكون بسبب الصعوبة التي يواجهها الشخص ذوي التوحد في التعبير عن عواطفه، والضحك قد يكون آلية لإزالة التوتر كما في التعبير الدارج "المضحك/المبكي" وعرفت حالة عندما كان صوت الضحك الهستيري للطفل التوحدي كافيا لإيقاظ جدته من النوم، وعندما فتحت غرفته لاحظت أنه كان مريضا في سريره وكان مضطربا للغاية ولكنه عبّر عن ذلك بالضحك دون دموع أو صياح لطلب المساعدة.
أحيانا يرى الشخص ذوي التوحد في بعض الأشياء مثل الدّبور أو الكرتون نماذج لإثارة الضحك، وبالنسبة للمراقب (الذي لا يرى شيئا مضحكا) يبدو وكأن الطفل يستجيب لأصوات في رأسه وبالتالي يكون هناك شكا في إصابته بمرض انفصام الشخصية، إلاّ أن ذلك يحدث فقط لأن الطفل متوترا (أي متوتر في استجابته للخطر الذي يتمثل في امكانية لسع الدّبور له). أو ربما لأنه تذكر بعض الأحداث السابقة التي كانت مرتبطة بذلك الشيء المضحك وأحيانا أن مجرد كلمة معينة قد تسبب الضحك وذلك لإرتباطه بنطق الكلمة نفسها أو معناها، وهذ يبدو لا غبار عليه ولكن أليس من المحزن الاّ نستطيع فهم تلك النكته المضحكة؟ إلاّ أن هذا الضحك قد يعني أن الشخص يشعر بالتوتر وأن الضحك هو آلية فاعلة لتنفيث التوتر، ولكنه ليس شعورا منحرفا يرتبط بالفكاهة أو الهلوسة.
وهناك أحد ملامح المكايدة في التوحد يجب أن نفسره بما يكفي إذ أنه يحدث عندما يعبر الطفل عن العدوانية في الوقت الذي يقصد فيه التعبير عن المودة، ومثال ذلك طفلة صغيرة من ذوي التوحد كانت تربث على وجه أمها وكان يبدو أنها على وشك تقبيلها ولمن اقتربت منها وخزتها في وجنتيها فجأة، وبعد ذلك اضطربت الطفلة الصغيرة بسبب فعلتها تلك وأنا أعرف حالات أخرى يكون فيها المستوى التالي من المودة الأكثر هوالسلوك المناسب إلاّ ان العدوان قد يكون بدلا عن ذلك مما يغضب كلا الطرفين والأطفال الذين يعانون من متلازمة "أسبيرجر" يمكن أن يعانوا من عدم القدرة على التعبير الدقيق عن عواطفهم، وهناك ميل للقفز تعبيرا عن الفرح عندما يفرح الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وهذه الخصائص المقبولة تتلاشى أثناء سنوات الدراسة الأولى ولكن الأطفال والمراهقين الذين لديهم اضطراب "أسبيرجر" قد يستمرون في القفز والتلويح بأيديهم عندما يفرحوا، والخاصية التي تهم بقدر أكبر المراهقين من ذوي التوحد هي حدوث العواطف القوية المفاجئة وعلى وجه الخصوص الخوف والذعر الذين لا يتسقان مع الموقف المحدد، ولحسن الحظ فإن نوبات الذعر هذه يمكن التخلص منها بالعلاج الطبي المناسب.
يتبع….
وبالنسبة للأطفال الكبار غير المعاقين والذين يعانون من التوحد يمكن التعبير عن عاطفة محددة مثل "سعيد، حزين، غضبان، قلق، محب" واستخدامها كموضوع لمشروعات قصص، وموسيقى، ورسم، وتمثيل، والطلاقة في الكلمات والإيماءات والأفعال التي تصف المشاعر بدقة يمكن أن تكون مفيدة للغاية عندما يتقدم به العمر خاصة عندما يتم سؤال الشخص الذي يعاني من التوحد "ما الذي حدث؟" وعندها فإنه قد لا يعطي فقط وصفا للأحداث وإنما وصفا لمشاعرهم أيضا، ويجب أن يشتمل المنهج على مواد عن كيفية التعرف على مشاعر الآخرين وما الذي يتم فعله في ضوء ذلك، وهذا قد يشمل القيام بأدوار في مواقف محددة، لتدريس الاستجابة الصحيحة، مثلا: عندما يبكي شخص ما (ضع ذراعيك حوله بدلا من الاكتفاء بالوقوف بعيدا عنه والنظر إليه).
وفي المنزل يمكن أن يشجع الوالدان الطفل ليستخدم بعض الأفعال مثل القبلة المقتضبة على الخد كتحية، أو "أشكرك" وهذه قد تكون أفعال ميكانيكية خالية من درجة الشعور التي قد يريدها الشخص، ولكنها تعلمه الاستجابة المناسبة لبعض المواقف الإجتماعية المحددة، وهذا مفيد على وجه الخصوص لأن السلوك المضطرب أحيانا للطفل ذوي التوحد قد يكون بسبب عدم معرفته لما يجب أن يفعله استجابة لسلوك عاطفي صادر من شخص آخر، حاول التعرف على هذه المواقف وقم بتدريس الأفعال المأمونة والمناسبة أو العبارات مثل "أنا آسف" أو "ساعدني" أو ما الذي يجب أن أفعله لأن هذه قد تساعد كلا الطرفين على فهم بعضهما البعض.
الملخص:
الضعف النوعي في التفاعلات المتبادلة والذي يمثل الخاصية الفريدة في التوحد يعزى لعدم وجود مهارات محددة تستخدم في التفاعلات الإجتماعية، وفي إبلاغ الأفكار والمشاعر، والنقاط الرئيسية التي يجب أن نتذكرها هي:-
1- بعض مراحل العوامل في التفاعل الإجتماعي يجب تعلمها (مثل التحية).
2- التفاعلات مع الأنداد الطبيعيين قد تكون مساعدة للغاية في تشجيع تطوير السلوك الإجتماعي السليم.
3- يجب أن يكون هناك توازن بين التفاعلات المفيدة (مثل أفعال هذا) وتلك التي تكون لمجرد الإمتاع (اللعب الخشن والسقوط على الأرض).
4- احتفظ بنغمة سلوكك العاطفي في مستوى يفهمه الطفل، وهذا يكون دائما على مستوى أقل بكثير من المستوى الذي تستخدمه بالنسبة للأطفال العاديين.
5- بعض العواطف يتم التعبير عنها بقوة ولكن الطفل لا يمكنه التعبير عن مشاعره بطريقة أكثر رقة ودقة أوتدريجيا.
6- تلك العواطف المرتبطة بفهم أفكار ومشاعر الآخرين غالبا ما يتم التعبير عنها بطريقة ملطفة.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#16124#post135107
7- يمكن زيادة الذخيرة اللغوية للطفل لكي يفهم العواطف ويعبر عنها بنشاطات محددة في المنزل وفي المدرسة.
——————
www.twahudi.com