جاء في سنن أبي داود – رحمه الله تعالى – وفي غيرها من كتب الحديث الشريف ، قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة ، من يجدد لها دينها).
ونحسب أن الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإمام الرباني الأواب ، هو مجدد دين هذه الأمة في القرن الثاني عشر الهجري ، عندما نهض بدعوته ، وأحيا سنة نبيه ، وأبطل ما علق بهذا الدين العظيم من شوائب ليست منه بل هي دخيلة عليه وعلى حنيفيته ، وهي من عقائد الجاهلية الفاسدة التي لم يأل الرسول القائد جهداً في القضاء عليها ، ولكن الجهلة ومن كان في مصالحه حاجة إليها وفي نفسه حنين إلى تلك العادات والعقائد والتقاليد والانحرافات أعادوها جذعة مع الأيام فكانت أقوى من عزمات بعض المصلحين الذين تصدوا للقضاء عليها ففشلوا لأسباب موضوعية فتراكمت مع الأيام ، إلى أن جاء هذا الإمام المجدد فقضى عليها من جديد ، أو كاد.
بيئته :
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#26011#post260617
لا يعرف قيمة دعوة الشيخ وأهميتها ، إلا من عرف ما كانت عليه حال الأمة في عصره والعصور التي سبقته ، فقد بلغ الانحطاط الفكري مداه في العالم الإسلامي بعد إغلاق أبواب الاجتهاد ، وصار العلماء وطلاب العلم يعكفون على متون المتأخرين وحواشيهم ، وانتشرت الضلالات ، وشوهت العقيدة بما داخلها من تشوهات قاربت شركيات الجاهلية الأولى أو كادت في نجد وسواها من بلاد المسلمين..وانتشرت الخرافات والبدع وظنوها من الدين.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=260617
كانت الحياة السياسة سيئة وفاسدة ، والحروب بين الزعامات ناشبة ، والبلاد مقسمة ممزقة ، قسمتها الأهواء ، ومزقتها الجاهليات المستحدثة ، والعلماء أنصاف جهلة وأنصاف عجزة ، لا يقوون على إنكار منكر ، وقطاع الطرق يعبثون بأمن البلاد ، ويعتدون على حرمات العباد ، ويسطون على الحجيج ، يسلبونهم أموالهم وطعامهم وشرابهم. كانت الخلافة العثمانية ضعيفة ، دبت في أوصالها عوامل الضعف ، وفقدت سيطرتها على أطرافها البعيدة ، ولم تستطع أن تبسط سلطانها على شبه الجزيرة العربية التي تتبعها بالاسم فقط وأوربا لا تخفي أحقادها على العرب والمسلمين والخلافة ، تسوقها روح صليبية لم تهدأ منذ غزوة مؤتة ، مروراً بالحملات الصليبية ، وحتى الاستعمار الحديث ويوم الناس هذا ، وقد تستمر إلى يوم الدين ، وأوروبا تطمع في (الرجل المريض) واقتسام تركته ، والمسلمون في حالة عجز تام. فوضى في السياسة ، وفوضى اجتماعية ، وفوضى وانحراف في العقائد والعبادات وكل ما يمت إلى هذا الدين العظيم بصلة.
نشأة الإمام :
في هذه البيئة المنذرة بألوان الكوارث والشرور ، ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بيت علم وفضل ودين وقضاء في بلدة العيينة في نجد عام 1115هـ – 1703م لأب قاض فقيه ، وعالم كبير ، من أسرة آل مشرف التي تنتهي بنسبها إلى بني تميم ، وكذلك كانت أمه امرأة فاضلة ذات عقل ودين ، ومن عشيرته الأقربين. وهكذا كانت ولادته ، ونشأته في بيئة متدينة ، تعنى بالعلم ، وتخرج العلماء الذين يتوارثون العلم كابراً عن كابر. فجده الشيخ سلمان بن علي هو رئيس علماء نجد ، وأوسعهم علماً ، وأشدهم تمسكاً بأهداب هذا الدين ، حتى صار مرجعهم جميعاً ، وله كتاب مشهور في المناسك ، هو المعتمد في باب المناسك عن الحنابلة ، وكذلك كان عمه إبراهيم بن سلمان عالماً جليلاً ، وكذلك كان أخوه سليمان وخاله من علماء نجد ، وكان ابن عمه عبد الرحمن بن إبراهيم من العلماء المعدودين ، وهو بالتالي – ورث أبناء وحفدته حب العلم ، فكان أبناؤه الخمسة وكثير من حفدته من علماء شبه الجزيرة العربية.
أبرز صفاته :
1- الذكاء : قال عنه أخوه سليمان : (كان أبي عبد الوهاب يتعجب من ذكاء أخي محمد ، فقد تعلم والدي منه ، واستفاد من شدة اطلاعه ، ونفاذ بصيرته ، فراح يقول : لقد استفدت منه كثيراً).
2- الزهد : الزهد بالمال ، وبالمناصب التي كانت مبذولة له ، ليس بينه وبينها إلا أن يقبلها ويوافق عليها ، وقد تجلى زهده في المال في مواقف كثيرة ، منها أن الأمير محمد بن سعود كان يأتيه بالأموال ، ويضعها بين يديه فلا تمتد يده إلى شيء منها ، إلا لإنفاقه على الدعوة ورجالها من المجاهدين وطلبة العلم ويكتفي هو بالكفاف من العيش ، ويؤثر البعد عن المناصب.
3- الكرم : فقد كان رحمه الله يصرف من ماله الخاص على طلبة العلم الفقراء الذي يقصدونه من البلاد البعيدة في نجد وسواها ، وقد يستدين لينفق على أولئك الطلبة ، حتى أرهقته الديون ، والشيخ التقي الورع لا تمتد يده إلى المال العام ، ولا إلى أموال الزكاة وأموال الخمس التي أطلق الأمير محمد يده يد الشيخ فيها ، ليتصرف بها كيف يشاء.
4- رهافة الحس ، وشدة التأثر بما يراه من معاناة الناس والبؤساء : فقد كان شديد التألم لما يرى من تعاسة الناس من أبناء القرى والأرياف والبوادي ، الأمر الذي جعله يعاهد الله على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5- الشجاعة والإقدام : فما كان يخشى في الله لومة لائم ، يقول الحق ، مهما كلفه ذلك من ثمن جرأة في القلب واللسان واليد معاً.
6- شدة الغيرة على الدين : جعلته وقافاً عند كتاب الله ، وسنة نبيه ، تقيأ ، ورعاً ، عفيفاً ، كثير العبادة ، صياماً ، وقياماً ، وتسبيحاً وذكراً ، قد وقذته العبادة ، وآضه حمل عبء هذا الدين يغار عليه كما يغار على عرضه وحرماته.
7- قوي العقيدة : عميق الإيمان ، على عقيدة السلف الصالح ، كأنه قد جاء لتوه من عند ذلك الجيل القرآني الفريد.
8- ذو عقل راجح : وفكر صائب ، ونظر بعيد ، وحجة قوية ، مع حضور بديهة يعقبها حضور الدليل ، وذلاقة اللسان.
9- المثابرة والدأب على العمل : والثبات ، مع إخلاص أصحاب الدعوات الصادقين ، لا يكل ولا يمل ليله ونهاره.
10- حرية التفكير : ولكن في حدود الكتاب والسنة ، وهذه جعلته يخالف إمامه أحمد في كثير من المسائل.
11- رجل إدارة وتدبير : يعرف كيف يصل إلى قلوب الزعماء وعقولهم بلا نفاق ولا ممالأة على غير ما يعتقد أنه الحق.
والخلاصة أن الشيخ رحمه الله تعالى كان ذا شخصية نادرة في قوتها ، وصلابتها في إيمانها، وعملها– فقد حمل الشيخ أعباء الدعوة بأثقالها أكثر من خمسين سنة ، وواجه بها الأعاصير التي كانت تريد أن تعصف به وبها ، وتقتلعهما من جذورهما ، ولكنه صمد ، ولم يطأطئ لتلك الأعاصير هامته ، ولم يحن لها ظهراً ، وبهذا وتلك ، حق له أن يكون من أبرز رجال الإصلاح والفكر في العصر الحديث.
منقول
— نهار —
واللي يقرأ كتبه يعرف إنه فعلا كان متمسك بالكتاب والسنة ومتبحر في العلم
جزاك الله خيرا يا نهار
والسلام
الملا عمر
نهار
جزاك الله خير وبارك الله لك
سلمت على ما نقلت وتعرفينا بالامام الوهابي رحمة الله عليه
لك تحيتي
رحمه الله واسكنه فسيح جناته .. كان اماما يحتذى به ..
يعطيك العافيه اخوي
اطيب تحيه