الأستاذ فريد محمّد محامي, من قرية اسمها كوردان– منطقة عفرين, له مزاج خاص وهواية مميّزة, هي جمع المواد التراثية والفلكلورية, والاحتفاظ بها في منزله الذي حوّله إلى بيت للفن والتراث, تراث هذا الوطن المعطاء, الغني بالثقافات والإبداعات
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#85814#post1335176
هذا الرجل يعشق التراث والأصالة وكل ما له علاقة بالماضي, ماضي الأجداد والآباء, فنونهم, أدواتهم, هدوئهم, أسلوب عيشهم, بساطتهم في ظروف الحياة القاسية في تلك الفترة.
وهو ينتمي أصلاً إلى عائلةٍ فنية, فخاله هو الفنان التراثي المعروف "أبو صلاح " والآخر "عدنان أبو دلشاد" وابن خالته هو المطرب المعروف في عفرين "أدهم عمر" وجده "ابراهيم تركو" كان أفضل من غنى التراث المحلي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي, أما جدّته " أم عبد الرحمن" فقد تجاوزت- قبل أيام- العقد التاسع من عمرها وما زالت تغني أجمل الأغاني الفلكلورية بصوتٍ جبليٍّ حنون, وكلماتٍ تثير العواطف والمشاعر .
قبل أيام زرناه في بيته "بيت التراث والفن", في قريته الجميلة كوردان, الواقعة عند تلاقي سفوح جبلين صغيرين يطلق عليهما السكان محلياً (السبيل والقصير), وتغطيها غابات الصنوبر والبلوط والسنديان من كل الجهات, فتظهر كوردان للزائرين من بعيد, كلوحةٍ فنية- طبيعيةٍ- في غاية الروعة والجمال, يضيف إليها سكانها القرويون المزيد من الحركة والحياة.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1335176
بُنيت قرية كوردان كغيرها من قرى المنطقة إلى جانب بئرٍ أثريٍّ قديم (روماني), على شكل مدرجات بحيث يشرف كل منزل على سطح المنزل الآخر.
منزل مضيفنا يمثل النموذج المتبقي من البيوت القديمة التي كانت سائدة في ريف بلدنا, سقفه مغطى بجذوع مستقيمة من أشجار الحور, وُضع فوقها طبقة من نبتة البلان الشوكية, ثم غُطّت بطبقة أخرى من التراب المجبول بالتبن لتمنع تسرب الماء إلى الداخل, جدرانه بسماكة المتر تقريباً وقد صُممت كذلك لتعزلها عن تقلبات الطقس, بمعنى أن تبقى باردة صيفاً ودافئة شتاءً, بابه عريضٌ وقليل الارتفاع له قوسٌ من الأعلى وُضع فوقه حجر الواجهة وقد نقش عليه عبارة:) هذا من فضل ربي– أنعم علينا ) و تاريخ بنائه (1951 ميلادية- 1370 هجرية) وإلى جانب حجر الواجهة وضع حجر نقش عليه صورة نسر هو اليوم شعار أكثر من دولة عربية وإسلامية, إضافةً إلى مجموعة كبيرة من الزخارف الرسوم تدل على عبقرية فذة للبنائين القدماء في المنطقة وعموم الوطن.
استقبلنا الأستاذ فريد بحفاوةٍ بالغةٍ تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ حفاوة آبائنا وأجدادنا في استقبال الضيوف والغرباء, وطلب منّا الجلوس قليلاً تحت شجرة صنوبر كبيرة تغطي باحة الدار بشكل شبه كامل لنأخذ قسط من الراحة بعد أن وصولنا إلى متحفه .
قال الأستاذ فريد: أنا أعرف بأننا لا يمكن أن نعيد عجلة التاريخ إلى الوراء وأن نعود فعلياً إلى تلك الفترة التي عاش فيها آبائنا وأجدادنا, ولكن ليس من الصعب أن نعيش ولو للحظات في تلك الأجواء الرائعة, ولذلك قمت بتحويل منزلي إلى بيت للفلكلور والتراث, يضم مجموعة كبيرة من الأدوات المنزلية التي ورثتها عن آبائي وأجدادي .
ثم أضاف: أسبوعياً, استغل يومي العطلة, للهروب من صخب وضجة المدينة ومن ضغط العمل وتعبه طول فترة الأسبوع, فلا أجد نفسي إلا هنا, حيث اشعر براحة نفسية وبدنية كبيرة .
وبعد أن شربنا الشاي الذي أصر أن يغليها على النار الطبيعية التي أشعلها في حطب الصنوبر الجاف, دخلنا بيت التراث و الفلكلور ..
يتضمن البيت من الداخل أدواتاً منزلية موروثة عن أسلافه, أكمل السيد فريد حديثه بينما نحن نتلفت وقال: كانت هذه الأدوات تقوم ذات يوم بوظائف أساسية في حياة القدماء ولكنها اليوم أصبحت جزء من فلكلور وتراث المنطقة, وقد تقاعدت كلياً عن العمل, وتراجع دورها لصالح الأدوات الصناعية الحديثة, ولم يبق لها غير وظيفة وحيدة وهي إمتاع السياح وزائري المتاحف الأثرية والمشاركة بين الحين والآخر في المهرجانات الثقافية والتراثية, كمهرجان ليالي قلعة حلب عام (2007)، حيث قدمتُ بعضاً من المواد من بيتي إلى جناح عفرين الخاص الذي شارك في ذلك الملتقى الوطني والعربي.
في البيت أداة لطحن القهوة يدوياً, لم تذق طعم الكهرباء على الإطلاق, وأخرى لتحضير السمن العربي بفصله عن اللبن تسمى محلياً "مَشك", ومكواة كانت تُسخّن على النار الطبيعية لكيّ الملابس, ولكن أكثر ما لفت انتباهي ماكينة خياطة يدوية, وقد لاحظ الأستاذ فريد بأني أحدق فيها فسألني عن السبب أجبت: تخيلت جدتي جالسة خلفها وهي تخيّط ثوباً لجدي قبيل عيد الفطر السعيد في ليلةٍ شتويةٍ بيضاء !!
كانت هناك أيضاً جرات بقياسات مختلفة لحفظ المئونة, وأواني منزلية نحاسية من صحون وكؤوس وفناجين, ودستاراً لطحن القمح, ومناجل وفؤوس وغيرها..
و دون أن نشعر بالوقت, كان المساء قد حل, وتعتمت الدنيا في الخارج, وكان ذلك إيذاناً بانتهاء الزيارة, ودّعنا الأستاذ فريد ووعدناه بزيارة قريبة, رافقنا حتى ركبنا السيارة وانطلقنا، كان القرويون يلوحون بأيديهم والابتسامة لا تفارق وجوههم … وكانت كوردان خلفنا تضيع رويداً رويداً في العتمة.
ما أجملك يا بلدي, في ماضيك, في حاضرك, وفي مستقبلك .
يا أم الثقافات ومهد الحضارات .
يا خزينة العطاء والمحبة والوفاء .
سنظلّ نعمل يداً بيد, لتبقى شامخاًً طول الدهر .
أعجبني ونقلته
مع خالص الشكر
هذاي منطقة في سوريا
اتذكر قريت مقاله عن التراثي فريد
احلاااااااامي
تسلمين حبيبتي على نقلج
دمتي بود
وكل الشكر على حضورك المميز
تسلم حبيبتي عل مرررررورك الرائع
ورب ما يحرمني منك
دمت بوووووود
ورب ما يحرمني من طلتك الحلوه
دمت بووووود