اهم المعلومات عن حقوق الطفل فى الاسلام الجزء الاخير
سائل التربية
وإن وسائل التربية تتعدَّد وتشمل جميع المؤثِّرات في سلوك الطفل، ونعرض هنا أهمها كما يلي:
1- التربية بالقدوة
فالطفل يُحِسُّ بالحاجة إلى الانضواء[14]تحت راية كائن مرموق، فيتجه إلى الاقتداء بالوالدين أو الإخوة أو المعلمين أو الأصدقاء، ثم يتحوَّل الاقتداء إلى عمليَّة فكريَّة يمتزج فيها الوعي والانتماء بالمحاكاة والاعتزاز، ويظلُّ محتاجًا إلى القدوة في كل مراحل حياته، والاقتداء من أعظم عوامل الإصلاح، إضافة إلى أنه يُشبع الحاجة الغريزية المذكورة آنفًا؛ لأن الطفل لديه قدرة عجيبة على المحاكاة بوعي أو بغير وعي، وهو يعتقد أن كل ما يفعله الكبار صحيح من آباء وأمهات وأجداد وجدات وإخوة كبار؛ إذ هم أكمل الناس عنده.
ويوصي علماء التربية بالاهتمام بتربية الولد البكر ذكرًا كان أم أنثى؛ لأن إخوته يقلِّدونه ويتأثَّرون به، وعلى الوالدين أن يحقِّقا إسلامهما في كل صغيرة وكبيرة؛ ليتربى ولدهما تربية إسلاميَّة، وإذا كان أحدهما مبتلى بمعصية أو بِدْعَةٍ فعليه أن يستخفي بها عن أولاده، كالتدخين وشرب المسكر وترك الصلاة وغيرها.
وكلما كبر الطفل تعدَّد الأشخاص الذين ينالون إعجابه ويقتدي بهم، كالرفقة والمعلِّم والجار، وقد تكون بيئة الطفل واسعةً، فيها الجدُّ والجدَّة واللذين يؤثِّران في سلوك الطفل لعَلاقتهما الحميمة به، كما أن وجود الخدم والمربيات واهتمامهم بالطفل يجعله مقتديًا بهم، يقتبس من سلوكهم حسب محبَّته لهم واختلاطه بهم.
ولا بُدَّ أن يربط المربِّي ولده بالقدوة الأوَّل صلى الله عليه وسلم وصحبه، فيُعلِّمه السِّيَرَ والمغازي، وما تتضمَّنه من قَصَص نبوي، ويُعَلِّمه السُّنن والأخلاق، وإذا أرشده إلى خُلُقٍ ذَكَّرَه بأنه خُلُقٌ نبوي، ليرتبط به وجدانيًّا وسلوكيًّا.
ومن الخطأ أن يُعجب الوالدان بتقليد ولدهما للاعب أو ممثِّل أو مغنٍ، ولو كان ذلك التقليد طريفًا؛ لأن هذا يغرس محبَّة القدوةِ السيِّئة في نفس الطفل دون شعور الوالدين، ومن الخطأ كذلك شراء الملابس أو الأدوات التي تحمل صور المنحرفين أو أسمائهم أو ألبستهم الخاصَّة؛ لأن هذا يُورِث الاقتداء بهم.
2- التربية بالجليس الصالح
والجليس بصفة عامَّة يحقِّق حاجة اجتماعيَّة ونفسيَّة، فالطفل يميل إلى رفقة يلعب كل منهم منفردًا في منتصف السنة الرابعة، وبعدها يميل كل منهم إلى اللعب الجماعي، وكلما كبر الطفل احتاج إلى وقت أطول يقضيه مع رفقته ليبدأ استقلاله عن والديه، وأما في المراهقة فالرفقة من أهمِّ الحاجات النفسيَّة والاجتماعيَّة التي لا يستغني عنها المراهق.
وأهمُّ الشروط أن تكون مجموعة الرفاق مناسبة لسن الطفل العقلي والجسدي؛ لأن الطفل إذا كان أصغر منهم يتحوَّل إلى تابعِ مقلِّد وإذا كان أكبر أحس بالمسئوليَّة عنهم وعن حمايتهم، وليس معنى هذا ألاَّ يلعب إلا مع رفقة في سنِّه، ولكن لا يُقحم دائمًا في مجموعات أصغر أو أكبر منه، ومن شروط الرفقة أن تكون صالحة فيعمل المربي على تحبيب ولده في الأخيار، ويختار السكن حول جيران مستقيمين، ويربط ولده بحلق التحفيظ والمراكز الصيفيَّة والمكتبات، ويوثق عَلاقته بالصالحين من أقاربه وأصدقائه، والسماح لهما بتبادل الزيارات والرسائل والمكالمات الهاتفيَّة، وأما إن كان سيِّئًا فعلى المربِّي أن يُبَيِّنَ سوء سلوكه، ويُتيح لولده فرصة عقد صداقات جديدة دون أن يشعر؛ حتى يتخلَّص من صديق السوء، أو يَقِلَّ تأثيره على الأقلِّ، ويخطئ بعض المربِّين حين يمنع ولده من أية صداقة، حتى إذا كَبِر عقد صداقات سيِّئة، كان يمكن للمربِّي أن ينأى بولده عنها لو أتاح له فرصة عقدة صداقات صالحة في سنٍّ مبكِّرة.
3- الإفادة من العلم الحديث ومخترعاته
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#200766#post2037344
أصبحت مخترعات العلم الحديث تُشارِك في تربية الصغار والكبار، ويكمن خطرها في أنها تَنْقُل للبيوت عادات وتقاليد وعقائد مخالفة للإسلام وعادات المجتمع المسلم، وتؤثِّر في الصغار؛ لأنهم يجلسون أمامها مدَّة طويلة وهم في حالة نفسيَّة مناسبة لتلقِّي ما يُعْرَض عليهم، ومن أهمِّ هذه المخترعات التلفاز والحاسوب.
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=2037344
4- الإفادة من الدوافع الفطرية
فالدوافع الفطريَّة تسهم في تربية الطفل إذا أحسن المربِّي استخدامها، وراعى فيها التوازن والاعتدال ومنها:
الاستهواء: ويشترط أن يكون لصالح الطفل، فلا يوحي إليه المربِّي بما يجعله جبانًا، كالوحوش والأشباح وغيرها، مع الاعتدال؛ لأن كثرة الإيحاء للطفل تجعله تابعًا لغيره منقادًا، ويقضي على استقلاليَّته، ولكي ينجح المربِّي في الإيحاء لا بُدَّ من الصدق، وأن يكون متَّصِفًا بما يدعو إليه، كالشجاعة أو الصبر، وأن يكون ماهرًا في عرض الفكرة وأن تكون رنة الصوت مؤثِّرة، وعلى المربِّي أن يحذر من وقوع طفله تحت مِظَلَّة الفسق عن طريق إعجابه بالمغنِّين والممثِّلين، ولذا عليه أن ينفره منهم، ويزرع في نفسه كراهيتهم.
اللعب: ومنه يتعلَّم القدرة على التفكير والمهارات المختلفة، أما اللعب الجماعي فيشكِّل مدرسة يتعلَّم منها فنَّ القيادة، والطاعة، والالتزام، والمعايير السلوكيَّة، كما يتدرَّب على أداء دوره المستقبلي، فالفتى يمثِّل الأب، أو المدرس، أو الطبيب، أو غيرهم، والفتاة تمثِّل دور الأم أو أية مهنة تناسبها، ولكن يجب التوازن في اللعب الجماعي والفردي حتى يبعد الطفل عن الانطواء، ويتعلَّم أسلوب التعامل مع الآخرين واحتمال الأذى.
التقليد: ويُعَدُّ من وسائل تكوين العادات والآداب الاجتماعية، وذلك بوجود القدوة التي يقلِّدها الطفل، ويَسْهُل تعليم الطفل الآداب الاجتماعيَّة إذا كان المربِّي نفسه متحلِّيًا بهذه الآداب بشكل دائم، وإذا عوّد الطفل على الجرأة، ويبدأ التقليد عند الطفل في آخر السنة الأولى، ويكون تقليدًا غير واع، ثم يصبح اقتداء يمتزج فيه الوعي بالانتماء والمحاكاة والاعتزاز، ويمكن أن يكون علاجًا للخوف إذا وجد المربِّي الشجاع، واختلط بأقران لا يخافون، ويُستفاد من التقليد في تناول الدواء والطعام وفي علاج الكسل وكثير من السلبيَّات.
التنافس البناء: يحرِّك في الطفل مشاعر وطاقات لا تَظهر إلا بالتنافس، ويستطيع المربِّي أن يُحَوِّل المنافسة إلى وسيلة تربويَّة؛ إذا راعى فيها أن يكون الأطفال المتنافسون بينهم فروق يسيرة، وأن يُعَوِّدهم على احترام بعضهم وتهنئة الفائزين منهم، وليحذر من المقارنة التي تحطُّ من قدر الطفل، أو أن يستخدمها كعقاب فيزرع المرارة في نفسه، وعند استخدام المقارنة يجب أن تكون لتذكير الطفل مَن هو أفضل منه، وفي نفس الوقت تزرع الثقة بأن نقارنه بمن هو أدنى منه، وكل ذلك باعتدال واتِّزان.
التعاون: يميل الطفل إلى اللعب الجماعي في عامه الرابع، فيَحْسُن بالوالدين استغلال هذا الميل الفطري، وذلك في عدَّة أمور كالأكل الجماعي والتعاون على حمل الأغراض أو الترتيب، ويتعلم من خلال العمل الجماعي قيمًا عُليا؛ كالرحمة بالصغير، وتكليفه بما يناسبه من العمل، والجدِّ والمسابقة للعمل، والإيثار والمحبَّة. والتعاون له آثاره المشاهَدة؛ كسرعة إنجاز العمل وسهولته، ومن ذلك حمل الأواني وترتيب الألعاب والغُرَفِ ومساعدة الوالدين.
5- التربية بالعقوبة
يقول الأستاذ محمد قطب: التربية بالعقوبة أمر طبيعي بالنسبة للبشر عامَّة والطفل خاصَّة، فلا ينبغي أن نستنكر من باب التظاهر بالعطف على الطفل ولا من باب التظاهر بالعلم، فالتجرِبة العلميَّة ذاتها تقول: إن الأجيال التي نشأت في ظلِّ تحريم العقوبة ونبذ استخدامها أجيالٌ مائعة لا تصلح لجديَّات الحياة ومهامِّها، والتجرِبة أَوْلَى بالاتِّبَاع من النظريَّات اللامعة.
والعطف الحقيقي على الطفولة هو الذي يرعى صالحها في مستقبلها، لا الذي يدمِّر كيانها ويفسد مستقبلها، ولا بُدَّ من معرفة الفرق بين التأديب والعقوبة بالنسبة للطفل، فهو من أهل التأديب وليس من أهل العقوبة، وإن احتجنا إلى العقوبة فعلينا أن نراعي احترامنا لكيان الصغير ولكونه إنسان، ولا بُدَّ قبل العقوبة من توجيه النصح والإرشاد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجِّه الفتيان، فقد مرَّ على غلام يسلخ شاة ولا يحسن، فقال صلى الله عليه وسلم للغلام: "تَنَحَّ حَتَّى أُرِيَكَ"[15]. فليكن شعارك مع ابنك تنحَّ حتى أريك.
ولا يلجأ المربِّي إلى الضرب مباشرة بل تسبقه عقوبات، كالنظرة الحادَّة، وشدِّ الأذن، والإهمال شرط ألا يطول، والمعاقبة المادِّيَّة، وإذا احتاج الأمر إلى الضرب فلا بُدَّ من مراعاة بعض الأمور:
– أن يكون قد بلغ الطفل العاشرة من عمره، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الطفل الذي بلغ العاشرة ولا يصلي.
– أن يكون الضرب مفرَّقًا على الجسد، وأن يكون بين كل سوطين وقت لذهاب الألم.
– أن يتجنب الأماكن الحساسة.
– ألا يزيد على عشرة أسواط؛ فقد روى أبو بردة رضي الله عنه قال: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لاَ يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ"[16].
ويمتنع المربِّي عن ضرب الطفل إذا ما ذكر الله، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ فَارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ"[17]، وفي ذلك تعظيم لشأن الله في نفس الطفل.
ولا بُدَّ أن يَعْلَم المربِّي أن هذه العقوبة ليست إلاَّ للتقويم والتربية، ويبتعد عن العقوبة وهو غضبان لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ"[18].
وأخيرًا ندرك حقَّ الطفل في الشريعة الإسلاميَّة، وكيف أنها حقوق محفوظة ومصونة، والذي من أجله أن ينشأ الطفل على تربية صحيحة وسليمة، وبذلك نستطيع بناء أُمَّة قويَّة
جزاك الله خيرا على الطرح القيم
اللهم اجعلنا من ورثة جنتك وأهلا لنعمتك وأسكنا
قصورها برحمتك وارزقنا فردوسك الأعلى
حنانا منك ومنا و إن لم نكن لها أهلا فليس لنا من العمل ما يبلغنا
هذا الأمل إلا حبك وحب رسولك صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب
أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم
وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم
ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم
وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم
ودمتم على طاعة الرحمن
وعلى طريق الخير نلتقي دوما