منذ اللحظة الأولى لنزول آدم وحواء وعدوهما إلى الأرض بيّن سبحانه أن بقاءهم فيها مؤقت وأنهم في فترة بقائهم في اختبار وابتلاء.
قال سبحانه: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} البقرة 336، وقال سبحانه: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة 38، وقال سبحانه: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} الأعراف 25. وقال سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} الملك 2. وأنهم خلقوا للعبادة في الدنيا {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} الذاريات 56-58، فهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة وهي ابتلاء في حد ذاتها إذ من معانيها: "الطاعة، التذلل، الخضوع والانقياد" 1 وفي بعض الآثار القدسية: (عبادي إني ما خلقتكم لأستأنس بكم من وحشة ولا لأستكثر بكم من قلة، ولا لأستيعن بكم من وحدة على أمر عجزت عنه، ولا ل*** منفعة ولا لدفع مضرة، وإنما خلقتكم لتعبدوني طويلاً وتذكروني كثيراً وتسبحوني بكرة وأصيلاً) 2 |
||
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#167338#post1982586
وأوجه الابتلاء في هذه الحياة كثيرة متنوعة من أجلها كانت حياة الإنسان تعباً كما قال سبحانه:
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} البلد 4،
"قال سعيد بن جبير: أي: في شدة وطلب معيشة. وقال الحسن البصري: أي: يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة. وقال ذو النون المصري: أي: لم يزل مربوطاً بحبل القضاء مدعواً إلى الائتمار والانتهاء" 3
وبقراءة هذه الآيات يتبين لنا حجم الابتلاء وشدته، قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} سورة الأنبياء عليهم السلام 35، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} البقرة 155، وقال سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} الكهف 7، وقال سبحانه: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} سورة آل عمران عليهم السلام 186، وقال سبحانه: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الأعراف 168، وقال سبحانه: {وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ} الدخان 33، وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} سورة سيدنا محمد 31.
وهكذا فإننا نجد عشرات الآيات تتحدث عن هذا الابتلاء بما يعممه في كل حركة نتحركها أو وقفة نقفها أو كلمة ننطق بها
أو نهم بها نسأل الله تعالى معافاته ورحمته. والقرآن الكريم إذا يعد الإنسان للآخرة يحذره من طاعة الشيطان ويذكره بقصة أبيه آدم عليه السلام {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}الأعراف 27.
وهكذا فالدنيا من اللحظة الأولى وإلى قيام الساعة هي دار ابتلاء فيها الفقر والغنى، والصحة والمرض، والحر والبرد، والسعادة والشقاوة فهي متقلبة بأهلها. .
وعلى العاقل أن يتخذها مطية للدار الآخرة دار البقاء والاستقرار والحيوية والنعيم المقيم {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} الزلزلة 7-8، وقال سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} البقرة 281. وما أحسن ما قيل: إن لله عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحيٍّ وطناً
جعلوها لجّة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفناً فلا يصح للعاقل أن يغتر بهذه الدار الفانية بعد تحذير الله تعالى له منها حيث يقول {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴿سورة لقمان الاية ٣٣﴾ 1- (ترتيب القاموس المحيط جـ 3 ص 135. والمختار من صحاح اللغة باب العين ص 323. ولسان العرب جـ 2 ص 665 –باب عبد).
2- (العبادة في الإسلام ص22). 3- (الأساس في التفسير م11 ص6528). الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1982586
|
||
اللهم لا تجعلنا من عبدة الدينار والدرهم اللهم أبعد عنا الفتن والمحن وأبعدنا عنها
جزاكِ الله خيراً وبارك فيك
جزاكِ الله خيراً وبارك فيك
حياك الله ولدي رهين الألم
بارك الله فيكم وجزاك خيرا على المرور والتعقيب
أسأل الله لكم راحة تملأ أنفسكم ورضى يغمر قلوبكم
وعملاً يرضي ربكم وسعادة تعلوا وجوهكم
ونصراً يقهر عدوكم وذكراً يشغل وقتكم
وعفواً يغسل ذنوبكم و فرجاً يمحوا همومكم
ودمتم على طاعة الرحمن
وعلى طريق الخير نلتقي دوما