تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أغتنام الفرصة في تربية النبي بالقصة .

أغتنام الفرصة في تربية النبي بالقصة . 2024.

التربية النبوية بالقصة

==========

لا يخفى على الجميع ما للقصة من أثر كبير في تحفيز الذهن للاستيعاب والتَّقبل لما سوف يُطرح عليها من مفاهيم وأفكار و زواجر وأوامر , سواء كانت القصة يقصد بها دليلا صريحا لبعض الأحكام , أو دليلاً يعرض لبعض المفاهيم .

إلا أن القصة لها أثر تربوي كبير في إيصال الفكرة لمن نريد بأسلوب رائع وراقي يحصل منه المطلوب في جو يستمتع به كل من يستمع إلى القصة , حيث يسبح بخياله في عالم واسع بأجواء يربطه فيه نص القصة أو صوت الذي يحكي القصة ولكن خياله منطلق في عنان سماء واسعة لا حدود لها .
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#97971#post1523148

فالقصة وسيلة تربوية راقية ورائعة لإيصال ما نريد لغيرنا بطريقة تربوية راقية ومؤثرة حيث يرى المستمع للقصة أمام مخيلته الذي تحركه القصة بمشاهدها المثيرة والحوارات الماتعة , يرى فيها النتائج الايجابية او السلبية لفعل ما , أو يرى عاقبة أمر معين من خلال ادوار وحركات وأفعال وحوارات تترابط مع بعضها البعض لتشكل نسيجا عاما يقودنا في نهاية القصة إلى مقصد سامي أو غاية نبيلة او توجيه تربوي او رساله توجيهية .

ولقد كان القرآن سبَّاقا لمثل هذا الأنواع من القصص ولن نقدر أن نُحصي قصص القرآن والفوائد الجمَّة الموجودة فيها , فقد ذكر الله في القرآن من القصص الكثير وكلها في مواضعها له غاية ومقصد وفي مضمونها له تربية ومطلب .

فنحن حين نرى التناسج والتناغم بين قصص القرآن والأحداث التي مر بها نبينا محمد صلى الله علية وسلم , سنجد ان لها غاية تربوية تدق أذهاننا حين نسمع قوله تعالى ( نحن نقص عليك أحسن القصص ..) .

فمن الغايات السامية للقصة في القرآن هي تسلية قلب النبي صلى الله علية وسلم وتقوية فؤاده أمام الإعراض الكبير من قِبل من كان يدعوهم للخير والهدى فينقلبون عليه جحودا وتكذيبا وإعراضا , فتنزل القصص لتُسلي على قلبه صلى الله علية وسلم وتذكره بمن أصيب بمثل ما أصابه فصبر في سبيل تبليغ دين الله .

ولن نقف في هذا المقال أما روعة السرد القرآني للقصة فهو إعجاز لا ريب فيه وبلاغة في غاية التناسق والتمكين والتأثير , ولكن الله سبحانه وتعالى جعل القصص القرآني وكررها ورتبها لهدف تربوي نجده واضحا جليا في ثنايا كثير من الآيات .

وكذلك السنة النبوية لها أوفر نصيب من التربية القصصية وللمربي الأول خير البشر محمد صلى الله علية وسلم قصص هي غاية في التربية والدعوة إلى القيم والمثل السامية التي يدعوا القرآن إليها وحث عليها الباري سبحانه .

لكن تبليغ تلك الأوامر والنواهي بأسلوب قصص يكون ابلغ وأوقع في النفوس واجدي في التقبل والتلقي لها لما له من تأثير في معرفة الغاية والمغزى والهدف ورسم صورة ذهنية للقصة في مخيلة المستمع لها او القارئ لها ويرى النتائج في مشهد مُجَسم أمامه .

وهاهنا قصة من الهدي النبوي تتضح فيها تلك التجليات الرائعة في القصة التربوية ذات المغزى النبيل والمقصد الرفيع فهذا النبي صلى الله علية وسلم يذكر قصة لأصحابه يستحث فيهم مجموعة وجملة من القيم التي ينبغي أن يتحلى بها المؤمن , رغم أن نصوص السنة قد صرحت في كثير من الأحيان ببعض هذه الأخلاق وضرورة التحلي بها إلا أن صياغة هذه الأخلاق بأسلوب قصص يزيد من تقبل النفوس واستشعار النتائج وعاقبة الزلل في الأعراض عن مثل هذه الأخلاق .

أخرجها البخاري و مسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، فأراد الله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكا ، فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه قذرة ، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الإبل ، قال : فأعطي ناقة عُشَراء ، فقال : بارك الله لك فيها ، قال : فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه ، وأعطي شعرا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملا ، فقال : بارك الله لك فيها ،قال : فأتى الأعمى ، فقال : أي شيء أحب إليك ، قال : أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فرد الله إليه بصره ، قال : فأي المال أحب إليك ، قال : الغنم ، فأعطي شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، قال : فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم ، قال : ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيرا أتَبَلَّغُ عليه في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة : فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يَقْذَرُك الناس ؟! فقيرا فأعطاك الله ؟! فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأقرع في صورته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد على هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فوالله لا أَجْهَدُكَ اليوم شيئا أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رُضِيَ عنك ، وسُخِطَ على صاحبيك .
الموضوع الأصلى من هنا: http://bayt.el-emarat.com/#showthread.php?p=1523148

من القصة النبوية يتبين عدم إسهاب النبي صلى الله عليه وسلم في تفاصيل جانبية في هذه القصة وتفاصيلها والتي قد يملُّ منها القارئ أحيانا فجاءت واضحة الهدف صريحة العبارة قريبة إلى الذهن .

ويتضح من القصة الغاية المنشودة والهدف المقصود من السرد القصص للنبي صلى الله علية وسلم حيث كان مدار القصة حول خُلقٍ محمود وهو عدم نسيان الفضل وحقيقة الشكر لله بالعطاء والجود والبذل وتذكر فضل المنعم ونِعمة الكثيرة , وبين قبيح الجحود والتنكر للمُنعم والاستغناء عن فضل الله رغم الحاجة إلية .

ومن القصة نرى أحداثها ومقصودها يدعوا إلى ترك ذلك الخلق الذميم والتربية على خلق الشكر والعطاء والجود وتذكر فضل المُنعم والخالق سبحانه وقد ورد في السنة كثير من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تدعوا إلى ذلك كمثل قوله تعالى ( لأن شكرتم لأزيدنكم ..) وقوله ( .. وكذلك نجزي الشاكرين ..) وقول النبي صلى الله علية وسلم ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما , اللهم اعطي منفقا خلفا , ويقول الآخر اللهم اعطي ممسكا ً تلفا .) وهي كثيرة الأحاديث والآيات في ذلك .

ولكن اُنظر إلى اثر القصة في تبيين وتجلية معنى الآيات وترسيخ مفهوم السنة , حيث جالات أفكارنا ونحن نقرأ الحديث النبوي إلى صورة ذهنية لذلك الرجل الأقرع والأبرص والأعمى رسمنها ولا شك في مخيلتنا وكيف بنينا في مخيلتنا كذلك مشهد الجحود حيث اشمأزت نفوسنا منه وتفاعلت قلوبنا معه , ثم كيف اطمأنت في أخر مشهد في القصة لذلك الرجل الشاكر لنعمة الله حين نجح في الامتحان الذي ابتلي به وفشل به صاحبيه فكانت العاقبة أن فاز برضوان الله عليه وبإبقاء ما انعم الله علية من الخيرات .

إذاً فهي رسالة غير مباشرة إلى الكل , أن هذا هو الخُلق الذي يريده الله تعالى رغم أن السرد لم يشر إليه نهائيا لكن نحن فهمناه من القصة وهذا وهو مطابق لما يريده الشرع وللمغزى الرائع للقصة وتوصيل المعاني والأهداف للنفوس .

فيا لروعة كنوزنا التربوية ويا لعظمة هذا النبي الكريم والمربي الأول صلى الله علية وسلم ويا لروعة المربي حين يرتكز في تربيته لغيرة على ركن ركين وهو منهج القرآن في التربية , حيث ينهل من معين لا ينضب ومن نهر لا يجف وحقا صدق الله ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا …) .

الله يعطيج ملااااااااايين العوافي على الموضوع والله يجعله بموازين حسناتج ان شاء الله ………

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.